شلل الأطفال الذي أصابها منذ عامها الأول في الحياة لم يشعرها يوماً بالنقص، ومحبتها للعلم والتعلم دفعت عائلتها لإيصالها إلى المدرسة يومياً، حتى لو اضطروا لأخذها على دراجة هوائية أو حملاً على ظهر أحدهم، ومن الأعمال التطوعية إلى الرياضة التي شكلت في حياتها قفزة معنوية ومادية نوعية.

حصلت "نجوى زقريط" على الشهادة الثانوية عام 2004، واستجابة لرغبتها بالعمل، تطوعت بجمعية "الرجاء لرعاية وتأهيل ذوي الإعاقة"، بدعوة من مديرتها "فاطمة عجم أوغلي"، لتتعلم منهم وتعلمهم، وركزت على الرسم والفنون لجذبهم كونهم مصابون بإعاقة ذهنية، ثم التحقت بالعمل في مركز التنمية المجتمعية في مخيم اللاجئين الفلسطينيين التابع لمنظمة "الأونروا" كمعلمة في روضة الأطفال، ثم عُينت لاحقاً بوظيفة إدارية في تربية "حمص"، التي كان لها دور كبير في دعم "نجوى" وتشجيعها على ممارسة الرياضة عبر السماح لها بالذهاب للتدريب حتى ضمن أوقات الدوام، وذلك بعد انضمامها لنادي "السلام" للمعوقين عام 2009، الذي جربت فيه كافة أنواع الرياضات، من ألعاب قوى، ورفع أثقال، ورمي رمح، فحققت العديد من الإنجازات الرياضية في بطولات ذوي الاحتياجات الخاصة، ما انعكس عليها ثقة بالنفس، تحدثت عنها لمدوّنة وطن "eSyria"، قائلة: «بعد أسبوعين من التحاقي بنادي "السلام"، شاركت ببطولة لألعاب القوى في "بانياس"، فأحرزت المركز الأول على مستوى الجمهورية، وتكررت مشاركاتي، وفي العام التالي حصلت على المركز الأول في بطولة أقيمت في "دمشق" ، وعام 2011 أحرزت المركز الأول على مستوى "سورية" في رفع الأثقال، وقد أشرف على تدريبي منذ البداية المدرب "يوسف الشيخ يونس"، ولكن نتيجة الأزمة توقفنا عن التدريب والمشاركات حتى عدنا عام 2016، فأحرزت المركز الأول على مستوى "سورية" برمي الكرة الحديدية في "دمشق"، والمركز الثاني برمي الرمح، وتكرر ذلك في العام التالي، بحصولي على المركز الأول بالقوة البدنية في مدينة "دمشق"، واستضفنا بطولة رفع الأثقال في "حمص" عام 2018، وتوقفنا لفترة قصيرة من الزمن بسبب أزمة "كورونا"، لنعود للنشاط منذ فترة قليلة بإجراء مباريات ودية، فأحرزنا أرقاماً جميلة، وقد خضعت مؤخراً أنا وعدد من لاعبي نادي "السلام" لاختبارات انتقاء لاعبين مميزين بلعبتي القوة البدنية وألعاب القوى والتحقنا بمعسكر مغلق لتطوير أرقامنا وتحسين مستوانا الفني من خلال التجارب التي أقامها الاتحاد السوري للرياضات الخاصة في "دمشق"، وقد أحرزت أرقاماً مميزة».

لم تمنعني إعاقتي من التميز، فلا شيء مستحيل، وأحاول بعث الأمل في نفوس زملائي، وخصوصاً مصابي الأحداث الذين يرفضون تقبل أوضاعهم الجديدة، حيث أحاول جاهدة التخفيف عنهم، وتشجيعهم، ومن أبرز الأشخاص الداعمين لمسيرتي رئيس النادي "غسان أبو صلاح"، وخالتي التي كانت تقسو علي، عندما تشعر أنني ضعفت أو وهنت عزيمتي

نادي "السلام" لم يكن بالنسبة لـ"نجوى" مكاناً لممارسة الرياضة فقط، بل أوضحت أنها وجدت فيه السكينة والسلام، وصار لها أسرة ثانية، فهي ومن معها يعتبرون الذهاب للبطولات رحلة ترفيهية، يغنون في الذهاب والإياب، كما أنّ النادي يتضمن نشاطات ترفيهية وثقافية ومحاضرات صحية.

مدير نادي السلام "غسان أبو صلاح"

وتختم "نجوى": «لم تمنعني إعاقتي من التميز، فلا شيء مستحيل، وأحاول بعث الأمل في نفوس زملائي، وخصوصاً مصابي الأحداث الذين يرفضون تقبل أوضاعهم الجديدة، حيث أحاول جاهدة التخفيف عنهم، وتشجيعهم، ومن أبرز الأشخاص الداعمين لمسيرتي رئيس النادي "غسان أبو صلاح"، وخالتي التي كانت تقسو علي، عندما تشعر أنني ضعفت أو وهنت عزيمتي».

داعمها الأكبر رئيس نادي "السلام" للمعوقين "غسان أبو صلاح" يرى أن "نجوى" من اللاعبات المميزات، فهي تمتلك إصراراً وعزيمة لا تنضب ومحبة لا تنتهي للرياضة، أوصلوها لبطولة الجمهورية، آملاً أن تكون ضمن لاعبات المنتخب الوطني السوري، فهي تمتلك الإرادة والطموح والعزيمة، لكن ظروفها تعيقها أحياناً.

المدرب "يوسف الشيخ يونس"

ويجد "أبو صلاح" في "نجوى" مشروع بطلة رياضية "سورية"، فهي تمتلك طاقة تفاؤل كبيرة تنقلها لزميلاتها المنتسبات حديثاً من خلال حماسها واندفاعها وتشجيعها لهم، وخصوصاً أنّ العنصر الأنثوي قليل في النادي، ولديها أيضاً مقومات قيادية في مجال الرياضة؛ ومن الممكن أن تكون مدربة، أو حتى مديرة نادي.

كذلك مدرب ألعاب القوى الرياضي "يوسف الشيخ يونس" يتوقع لـ"نجوى" مستقبلاً مشرقاً إذا أكملت في رياضة رفع الأثقال، وقد حصلت على بطولة الجمهورية عن جدارة، عدا عن أنّها صديقة محبة للجميع في النادي، وابتسامتها لا تفارق وجهها، ولا تشعر بالإعاقة أبداً، تتعمد التقرب من جرحى الحرب، فترفع من عزيمتهم.

من الشهادات التي حصلت عليها

يذكر أنّ "نجوى زقريط" من مواليد "حمص" عام 1983.

تم اللقاء بتاريخ 5 تشرين الثاني 2020 في منزلها الكائن بحي "عكرمة الجنوبية".