بدأ حياته رياضيا وانتهى باحثا في التراث الشعبي والأثري حيث قدم للقارىء المتخصص والعادي وفي زمن قياسي عددا من الكتب والدراسات الذي تناول فيها تاريخ محافظة إدلب جغرافيا وتاريخيا وأثريا .من هنا كانت البداية ولم يعرف كيف امتلكه القلم حتى هذه الساعة.

عبد الحميد مشلح من مواليد مدينة إدلب عام 1955. حاصل على إجازة في الآداب قسم الجغرافية من جامعة دمشق عام 1982 ويعمل حاليا رئيسا لدائرة كلية الآداب في إدلب كما عمل مديرا للثقافة فيها. وهو عضو الجمعية الجغرافية السورية وعضو إدارة جمعية العاديات وعضو في اتحاد الكتاب العرب- جمعية البحوث والدراسات- مهتم بالتراث المادي واللامادي في منطقة إدلب وله من المؤلفات:

إدلب الحضارة والتاريخ- إدلب مغنى ومعنى- الظاهر والمدفون في بلد الزيتون-"مجلدان " المنطقة الغربية لولاية حلب إدلب في القرن السابع عشر- والثامن عشر- والتاسع عشر- الأهزوجة الشعبية في إدلب، إصدار وزارة الثقافة.موقع eIdleb التقى الباحث عبد الحميد مشلح وكان له معه الحوار التالي:

1-لماذا اخترت هذا الجانب من البحث فيما يتعلق بمحافظة إدلب والتأريخ لها ؟

"لأن محافظة إدلب منطقة لم يكتب عنها من قبل جغرافيا أو تاريخيا أو أثريا فوجدتها منطقة بكرا في مجال البحث فيها في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية والأثرية وهذه الجوانب المختلفة تشكل إغراء لكل باحث يريد الكتابة عنها وليس لي فقط كوني أحد أبناءها".

2- إذا كيف حصلت على المعلومات التي تضمنتها كتبك التي صدرت وأنت القائل قبل قليل إنها أرضا بكرا. ثم ما الصعوبات التي اعترضتك في الحصول على معلوماتك عن المحافظة من كافة الجوانب؟

"حصلت على معلوماتي من مصادر عدة أولها المصادر الدراسية والمعارف التي تلقيتها في الجامعة في قسم الجغرافية حيث كتبت عن جغرافية المحافظة بشكل مفصل من حيث الموقع والتضاريس والمناخ والطيور البرية المقيمة والمهاجرة، أما بحثي في مجال تاريخ المحافظة فقد أخذته من عدة مصادر أولها بطون الكتب الموجودة في مكتبات القطر حيث تنقلت بين مكتبة المركز الثقافي بإدلب ومكتبة الأسد ومنها إلى المكتبة الوطنية بحلب أستطلع ما بداخلها من أخبار وحوادث جرت على أرض وفي ربوع محافظة إدلب هذا بالإضافة إلى الكتب المترجمة عن المستشرقين أمثال شالينكو وبطلر وبرينتس من خلال البعثات الأثرية التي زارت المحافظة. أما تاريخ الفترة العثمانية والذي يتناول بشكل عام الحالة الاجتماعية والاقتصادية والإدارية للمنطقة الغربية لولاية حلب التي هي الآن بمجملها تكوّن أرض محافظة إدلب".

ويتابع:"اليوم فقد أخذت معلوماتها من سجلات المحاكم الشرعية لولاية حلب والأوامر السلطانية من مركز الوثائق التاريخية بدمشق حيث استغرق بحثي في هذه الفترة التاريخية أي الفترة العثمانية أكثر من عامين فدرست واستخرجت الوثائق البكر من تلك السجلات والأوامر حيث قرأت بالتحديد 98 سجلا من سجلات المحاكم الشرعية و57 سجلا من سجلات الأوامر السلطانية وكلها تعود لولاية حلب كما ذكرت سابقا وهنا كانت مهمتي صعبة وكدت أكثر من مرة أن أحبط وأتراجع عن متابعة البحث وعدم إكماله وكان حصيلة هذا البحث المضني ثلاثة مؤلفات عن إدلب في القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر".

3- لوحظ في بعض كتبك أنك تورد ملاحظة معينة دائما فتقول "أنا عبد الحميد مشلح أرى" ويكون هذا الكلام تعليقا على معلومة سابقة وردت في سياق الفكرة المطروحة. لماذا؟

"من المعروف أن أي باحث أو كاتب يضع آراء من سبقوه فكيف لا يضع رأيه في نهاية البحث في المجالات التاريخية والأثرية التي في أحيان كثيرة يكون فيها آراء الباحثين مجرد رأي غير جازم والجزم بصحته يكون متروكا للاكتشافات الأثرية أو التاريخية ومثال ذلك ما ورد سابقا بشأن تدمير إيبلا من قبل صرغون الأكادي أو ربما حفيده نارام سن ولكن القراءات الحديثة لعلماء الآثار أكد غير ذلك وهو أن تدمير مملكة إيبلا قد تم على أيدي ملوك ماري وهناك كثير من الأمثلة تؤكد أن آراء الباحثين غير مؤكدة دائما لأنه قد يأتي اكتشاف ما ويغير هذا الرأي".

4- بالانتقال إلى مواضيع أخرى من أبحاثك كالتراث الشفاهي المادي وغير المادي لمحافظة إدلب ماذا قدمت في هذا المجال؟

" إن دعوتي لندوة الطاولة المستديرة التي أقيمت في مدينة حلب عام 2004 من قبل معهد التراث العلمي العربي والذي دعي إليه باحثا من كل محافظة وعلى مدار يومين حفزتني هذه الدعوة لجمع التراث اللامادي أي الشفاهي لمحافظة إدلب بشكل سريع وغير مسبوق حيث استطعت أن أوثق الأهزوجة الشعبية والتي يطلق عليها في إدلب "الهنهونة " قس كتاب طبع في وزارة الثقافة فجمعت تلك الأهازيج وبوبتها في مكان قولها في أفراح منطقة إدلب بدءاً من ولادة الطفل وختانه وحمام العريس والعروس وزفة العريس والعروس أيضا وانتهاء بوداع الحجيج إلى الديار المقدسة واستقبالهم بحيث جمعت أكثر من ألف أهزوجة، ثم انتقلت إلى جمع أغاني المهد وأهازيج الأطفال وترقيصاتهم في منطقة إدلب أيضا مذكرا الأمهات من خلال هذا المؤلف بواجبهم اتجاه أطفالهم أمام عالم طغت فيه الحياة المادية على كل مفاصله طالبا من الأم أن تعود إلى روحانية الحياة الأليفة التي كنا نعيشها في كنف أمهاتنا.ولم لا إذا لم تعطني أمي حنانها وجدتي حكاياتها فأي شيء يربطني بأمي وجدتي هذا ما أردته من هذا المؤلف الذي سيصدر عن وزارة الثقافة أيضا".

ويتابع:" أما الموضوع الثالث فهو "طقوس احتفالية في إدلب " حيث دونت في هذا الكتاب معظم العادات والتقاليد في مدينة إدلب حصرا فبدأت بكيفية الاحتفال بطفل ولد للتو وانتقلت معه في كافة مراحل حياته من ولادته إلى ختانه ثم تخرجه من الكتاب وهو ابن السابعة ثم حفل خطبته وزواجه وحمام عرسه وكل ما يجري من طقوس احتفالية ويتخلل هذه الأيام طقوس شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى ورأس السنة الهجرية وعيد المولد النبوي ثم انتقلت مع هذا الشاب في هذه الطقوس عندما يذهب إلى الحج مع أمه وعودتهما مبينا في هذا الكتاب ما يقال من أناشيد وأقوال وأمثال شعبية وما يؤدى في تلك المناسبات من رقصات و دبكات وأغاني تراثية بالإضافة للعادات والتقاليد في أواسط القرن العشرين في مدينة إدلب وبذلك أكون قد حققت بعض أمانيّ في توثيق وكتابة تراث منطقة إدلب".

5- معروف عنك بأنك رياضي سابق وحكم قديم كيف حصل هذا التبدل والتحول في حياتك وذهبت باتجاه البحث والتوثيق؟

" نعم لقد مارست الرياضة وتحديدا كرة الطائرة وتدرجت بمنتخبات المحافظة شبلا وناشئا شابا ورجلا وبعدها دربت منتخبات المحافظة مابين عامي 1979/1986 ولكن عندما كلفت عضوا في فرع إدلب لاتحاد شبيبة الثورة بدأت الكتابة في الفكر السياسي والأدبي وتوج ذلك كله عندما كلفت عام 1998 مديرا للثقافة انفتحت الآفاق أمامي أكثر وأصبح عمقي الثقافي أكثر انفتاحا وخبرة فتبدلت شخصيتي وبدأت العمل الثقافي في مجال البحث التاريخي والأثري ومن هنا كانت البداية ولا أعرف كيف امتلكني القلم حتى هذه الساعة.