«إن الجانب الإبداعي للروائي هو ما يميز نتاجه الأدبي عن الأجناس الأدبية الأخرى. فأثناء الكتابة والتأليف الروائي تُحمل الأفكار في ذهن الروائي كما تحمل الأم جنينها في أحشائها، ثم يختال فرحاً عندما يتحدث عن القراء عن نتاجه الأدبي الخلاق الذي ابتدعه. ولعل الكثير من الأجناس الأدبية كالشعر تخلق مع الإنسان أما النقد الروائي فهو يحتاج إلى معرفة المقدمات الأدبية لكل الأجناس ودراسات متعمقة في خصائصها وهوية كل منها، ولذلك يقل عدد النقاد...

في حين أن عدد الشعراء في ازديادٍ مطرد، وهذا لا يعني أن كل من قال الشعر أصبح شاعراً فالموهبة تحتاج إلى الصقل والعمل الدؤوب ليكون النتاج الأدبي إبداعياً».

قدمت العديد من الدراسات جمعتها في ثلاثة مؤلفات هي "شخصية المثّقف في الرواية السورية" و"توظيف التراث في الرواية العربية" و"قراءات في أدب الرواية"

بهذه الكلمات أجاب الدكتور "محمد رياض وتار" عن اختياره للنقد الروائي في لقائه بموقع eIdleb. كما تحدث الدكتور عن تجربته في مجال نقد الرواية قائلاً: «قدمت العديد من الدراسات جمعتها في ثلاثة مؤلفات هي "شخصية المثّقف في الرواية السورية" و"توظيف التراث في الرواية العربية" و"قراءات في أدب الرواية"».

الدكتور محمد رياض وتار

  • كثيراً ما يردد النقاد أن الرواية أصبحت ديوان العرب بعد أن كان الشعر هو ديوان العرب ما رأيك في صحة هذه المقولة؟
  • ** عرف العرب الشعر وعُرفوا به، ولكن ومنذ بداية القرن العشرين بدأ العديد من الشعراء يتحولون إلى الحداثة المفرطة في الشعر وهذا ما أدى إلى الحط من قيمة الشعر العربي وهو ما يحمل العديد من الأدباء إلى التحول عن كتابة الشعر إلى الرواية وما يدعم هذه المقولة رغم أن الشعر العربي يشهد في أيامنا رجوعاً من خلال التغطية الإعلامية أو توظيفه في خدمة القضايا الوطنية ومن خلال وجود الأدباء الأكفاء القادرين على حفظ مخزوننا الثقافي من الشعر بل وإغنائه.

  • تناولت في دراستك "توظيف التراث في الرواية الأدبية المعاصرة" مسألة غربة الرواية وبواعث توظيف التراث في الرواية المعاصرة فما الغربة والبواعث؟
  • ** دخلت الرواية إلى الوطن العربي عن طريق الترجمة، وكان للمقامات تأثير واضح في الروايات المترجمة والمؤلفة من الناحيتين الشكلية والأسلوبية فخضعت لغة الرواية للسجع وكثرة المترادفات والمفردات الصعبة وكان لقصص "ألف ليلة وليلة" تأثير واضح في المضمون فبرزت في النص الروائي معالم بطل الحكايات وخضعت الأحداث للمصادفات، ولم يدم تأثير الشكل التراثي القديم طويلاً، فسرعان ما أدرك المثقفون والمفكرون، بتأثير الثقافة الغربية، أن الجديد الوافد يحتاج إلى شكل فني جديد أيضاً فتم التخلي عن الشكل التراثي والتمسك بالشكل الغربي وهكذا عاشت الرواية العربية اغترابين، فكما اغتربت بسبب تقليدها للرواية الغربية فقدت هويتها أيضاً بسبب تقليدها للتراث وكان عليها– وهي تسعى إلى إيجاد هويتها– أن تصارع ضد هيمنة تيّارَيْ التراث، والغرب، واستطاعت أن تتخلص من هيمنة الرواية الغربية عبر التوقف عن تقليدها وتمكنت من التخلص من هيمنة الشكل التراثي بإعادة توظيفه والإفادة منه.‏

  • ما أبرز الاختلافات بين الرواية التقليدية والرواية الحديثة؟
  • ** تتعامل الرواية التقليدية مع الشخصية على أنها مكوّن تاريخي من لحم ودم، أما الرواية الحديثة فترفض إلا أن تكون الشخصية حبراً على ورق، وكثيرةٌ هي الاختلافات التي لا تنقص من شأن الرواية التقليدية وإنما تحتفظ بمكانتها ضمن التربة التي نمت بها.

  • من أبرز أعلام الرواية في سورية؟.
  • ** خلال الفترة الممتدة منذ عام /1950/ إلى يومنا هذا ثمة أسماء كان لها شرف التأسيس أمثال "فرانسيس المرّاش" و "معروف الأرناؤوط" و"شكيب الجابري"، وأسماء كان لها شرف الريادة مثل "حنا مينا" و"حليم بركات"، وأسماء ساهمت في تحديث الشكل الروائي "وليد إخلاصي" و"غادة السمان". و"حنا مينا" نموذجٌ لأعلام الرواية وذلك لاعتباراتٍ عديدةٍ أولها أنه رائد الرواية الواقعية باعتراف كثير من النقاد وأنه يمثل علامةً فارقةً في تاريخ تطور الرواية السورية.

    يشار أن الدكتور "محمد رياض وتار" هو أول عميدٍ لكلية الآداب الثانية بـ"إدلب"، ويعمل حالياً رئيساً لقسم اللغة العربية ومدرّساً فيه، وهو عضو اتحاد الكتّاب العرب، وكاتب الزاوية النقدية في البرنامج التلفزيوني "المفكرة الثقافية" وهو من مواليد قرية "سرمدا" عام /1965/.