يعتبر نهر "الهرماس" أشهر مسيل مائي في منطقة المعرة، حيث يبدأ من الغرب ومن ارتفاع 707م عن سطح البحر بجروف صخرية تنتهي عند البريج، حيث يأخذ الوادي شكله الطبيعي، وعند قريتي "بسامس وجوزيف" من قرى جبل الزاوية تتجمع المياه في حوضة طبيعية، ومن ثم ينطلق بعدها ليمرّ شمالي مدينة "كفرنبل"، مروراً بقرية "حاس" حيث يرفده واديا "علم والشريك" مجتمعين ليمرّ بعدها في قرية "كفرومة"، وفيها يتصل به وادي السبيل والتفاح من الغرب.

والمجرى يشكّل عبارة عن واد طبيعي غير حتى يمثل الانحدار العام لجبل الزاوية باتجاه الشرق، تتجه إليه مجموعة من الانحدارات الجانبية الطبيعية، وهو أشهر أودية جبل الزاوية الشرقية، والتغذية الأساسية مصدرها المياه المتدفّقة من خط تقسيم المياه السطحية لجبل الزاوية، وقد قام أهل القرى بالاستفادة من المقاطع الحجرية القديمة، وتحوّلت إلى ما يسمى الرّامات، ومن أشهرها رام كفرومة، ويتابع الهرماس سيره باتجاه الشرق حتى يدخل مدينة "المعرة" بمستوى 506م عن سطح البحر، وليأخذ الاتجاه الجنوبي الشرقي، وليكمّل التفافه حولها من جهة الشمال متابعاً نفس الاتجاه، ليخرج من المعرة باتجاه الشرق والشمال الشرقي تقريباً إلى الحوضات الداخلية جنوبي حلب والتي يمثّل المطخ نهايةً له.

تشكّل الصخورالكلسية الزرقاء الجوراسية أو الكريتاسية أرضية الوادي الطبيعية، ومن المعروف أنهّا صخور نافذة للماء ويلاحظ الانحدار الأكثر شدّة بالنسبة للضفة اليسرى للوادي على حين يكون الانحدار أكثر لطفاً بالنسبة للضفة اليمنى، أما غزارة المياه في الوادي فهي مرتبطة بكمية الهطولات وغزارتها واستمراريتها، ويرفد الوادي إضافة لمجموعة الوديان المتجهة إليه مجموعة من العيون السطحية التغذية التي قد تتفجر في بعض السنين، أمثال عين الهوة في طرفه الشمالي وعين الزُرنَيْق جنوب غرب الهوة وعين النجار، وهذه العيون جفت نتيجة الواقع المناخي الحالي وآخر جريان حقيقي كان للوادي في بداية الستينيات من هذا القرن، وكذلك جرى في عامي 1989و1999 ولمدة أيام حتى أنّه شكل خطراً عل السد التخزيني الذي أقامته الدولة شمال مدينة المعرّة، لدعم المياه الباطنية.

أثناء مروره تحت جسر الآسي شمال غرب المعرة 1999

ويروي المعريون ذكريات رائعة عن جريان هذا الوادي وكثرة العيون التي تتفجر على أطرافه، وبعض هذه العيون ما زالت تحوي الماء حتى الآن مثل عين الآسية شمالي غربي المعرة.

وأمّا متوسط غزارة نهر الهرماس التقديرية فتبلغ خمسين متراً مكعّباً في الثانية، والعمق الرأسي للوادي لا يتجاوز الثلاثين متراً بشكل عام، ومنذ فترة ليست بالبعيدة كانت جوانب الوادي تمثّل ظاهرة زراعية هامة، وذلك بتعدد البساتين الممتدة على طول وادي الهرماس والمعتمدة في وجودها على قرب الماء الباطني في بطن الوادي. ولعلّ من أهمّ الأسباب التي أدت إلى جفاف هذا المسيل الظروف المناخية الجافة التي تبدلت على مناخ المنطقة.

أثناء جريانه 1999

ومن نتائج جفافه التراجع في عدد البساتين، وتضاؤل حجم الأراضي الزراعية المرويّة وتحويلها إلى أراض تعتمد على الزراعة البعلية.

أخيراً كان نهر الهرماس موضوعاً رائعاً ومادة خصبة للشعراء، ومنهم شاعر المعرّة ابن أبي حصينة حيث يقول:

الصورة للدكتور مأمون عبد الكريم تبين التفاف الهرماس حول قلعة المعرة

وزمان لهـوٍ بالمعرة مونقٌ بسياثها وبجانبي هرماسـها

أيام قلت لذي المودة إسقني من خندريس حناكهاأوحاسها

*******

المصادر والمراجع:

تاريخ معرة النعمان ج1- محمد سليم الجندي

زيارة أثرية لبعض البلاد الشامية ـ أحمد وصفي زكريا

الصورة الجوية لقلعة المعرة للدكتور مأمون عبد الكريم.