كثيرون أولئك الذين وصلوا لدرجة التفوق، لكن الذين تربعوا على عرش التميز قلائل، ومن هؤلاء الطالب "محمد نور الإبراهيم" الأول على محافظة "إدلب" في الفرع الأدبي بمجموع عام 269 علامة والخامس على مستوى القطر، وما يلفت النظر بأن حالة التميز التي نرصدها في هذا الموضوع قد صنعت خارج أسوار المدارس الخاصة والدروس الخصوصية، وخلال الحديث إلى المتفوقين وذويهم لاحظنا تركيزاً كبيراً منهم على مسألة الاستقرار والتوازن الأسري في تحقيق التفوق والوصول إلى التميز.

يقول الطالب "محمد نور الإبراهيم" في حديثه لموقع eIdleb عن عوامل التفوق: «يعتبر الوالد والوالدة بمثابة الجنديين المجهولين اللذين ساهما بشكل كبير جداً في صنع هذا التفوق من خلال سعيهما لتوفير الأجواء الهادئة والمستقرة والبعيدة عن كل أشكال التوتر، كنت ألمس من والدي التعامل كأخ بعيد عن سلطة الأبوة، وكان دائماً ينصحني ولا يلح علي كثيراً في مجال الدراسة، أعيش ضمن جو أسري مريح ومستقر تماماً، وكنت أتلقى دائماً تشجيع الأهل، وصحيح أنني تعبت وثابرت لكن الفضل الأكبر في إنجازي يعود لهذه الأسرة التي أنعم الله علي بها، وخلال فترة الامتحان لم ألحظ أي شحن نفسي زائد في العائلة، حيث بقيت الأمور طبيعية جداً ما أبقاني بعيدا عن التوتر والقلق، وكان الوالد حريص أن يصحبنا أسبوعياً لزيارة الأهل في القرية، حيث كنا نمضي يوماً كاملاً خارج البيت تكون بمثابة استراحة بعيداً عن أجواء الدراسة، لم أكن أبالغ في عدد ساعات الدراسة فقد كنت أخصص ثمانية ساعات يومياً ولكن كنت أدرس بتركيز، والوالد والوالدة كانا حريصين على الإيحاء لي بأن امتحانات البكالوريا هي أمر عادي كأي امتحانات سنة دراسية سابقة».

لم أتبع نهائياً أي دورة أو أي درس خصوصي اعتمد بشكل كامل على متابعة الدروس في المدرسة وفي البيت والمدارس الحكومية قادرة على صنع المتفوقين

يرى "محمد نور" بأن للتفوق أربعة مقومات أساسية يشرحها بالقول: «أولاً الأسرة الهادئة المستقرة والجو الأسري المريح لأن الطالب مهما كان مجداً عندما يعيش في أسرة متوترة فإنه سيفشل، ثانياً الجهد والمثابرة وهما أمر هام جداً بوجود التركيز وتنظيم وقت الدراسة، ثالثاً العلاقة الجيدة مع المدرسين لأن الراحة مع المدرس تزيد من جاذبية الدرس للطالب وبالتالي زيادة نسبة الفهم وسرعتها، والعامل الرابع هو الابتعاد عن رفاق السوء لأنهم أكبر خطر على مستقبل الطالب».

مع والده وأخوه حسن

ونحن أمام واحدة من حالات التميز في مجتمعنا نسأل هل كان للدروس الخصوصية أي دور في صنع ذلك يجيب "محمد نور": «لم أتبع نهائياً أي دورة أو أي درس خصوصي اعتمد بشكل كامل على متابعة الدروس في المدرسة وفي البيت والمدارس الحكومية قادرة على صنع المتفوقين».

الأستاذ "ابراهيم الإبراهيم" والد الطالب "محمد نور" تحدث عن تعامله مع ولده خلال العام الدراسي بالقول: «كان دوري بخصوص "محمد" مقتصر على التوجيه والنصح بعيد عن القسوة والإجبار على الدراسة، كنت لا أتدخل في مواعيد دراسته ولكن أطلب منه أن يطلعني على برنامج دراسته، حرصنا في الأيام الماضية على توفير الجو المريح والهادئ، وكنت أقول له دائماً بأننا ننتظر منه إنجازاً يجعلنا فخورين به، فكنا مشجعين وناصحين، دائماً أحرص على ألا يشعر بأن الدراسة شيء إجباري ومفروض عليه، إلى جانب الحرص في متابعة أصدقائه ونوعية الأشخاص الذين يرافقهم، لأن لهؤلاء تأثيراً كبيراً على الشخص سلباً أو إيجاباً بحسب طبائعهم وسلوكياتهم».

"حسن الإبراهيم" طالب هندسة سنة أولى وشقيق "محمد نور" تحدث عن دور أشقاء الطالب في تشجيع شقيقهم على التفوق بالقول: «أعتقد بأن للإخوة دوراً محورياً في بناء تفوق شقيقهم فنحن مثلاً كنا نحرص كل الحرص على عدم إزعاج "محمد" أثناء ساعات دراسته وكذلك تحريضه وتوليد رغبة داخله لدخول الجامعة حيث كنت دائماً أشرح له مدى البهجة التي يشعر بها الطالب عندما يلتحق بفرع عال في الجامعة».

يذكر بأن الطالب "محمد نور الابراهيم" من مواليد عام 1993 في قرية "معرزيتا" التابعة لمنطقة "معرة النعمان" والواقعة غرب بلدة "حيش" بحوالي تسعة كيلومترات.