دخول الآلة في مجال الحياة العملية ساعد الإنسان كثيراً في عملية التطور الاقتصادي وعمل على الرقي واختصار المسافة والوقت اللذين كان يقضيهما العامل في إنجاز أي عمل، ولم يقتصر دخول الآلة على مجال واحد بل تعدى ذلك ليلج جميع نواحي الحياة العملية، ومعامل اللوز كانت مثالاً واضحاً على ذلك.

«إن الحاجة تبقى دائماً الطريق المؤدي للاختراع، ولم تُعرف معامل اللوز منذ زمن بعيد، إنما كانت وليدة فترة قريبة لا تتجاوز السنوات الخمس الأخيرة بعد دخول اللوز في المجال التجاري وكثرة الطلب عليه، فكان لابد من وجود الآلة التي تساعد على إنتاج كميات كبيرة من اللوز الجاهز، لأن العمل اليدوي لم يعد يفي بالغرض، والكميات الكبيرة المطلوب تأمينها من هذه المادة أصبحت تتأخر كثيراً، أما مع وجود المعامل الحديثة فصار بإمكان التاجر أن يؤمن الكمية المطلوبة منها كبيرة كانت أو صغيرة بأسرع وقت، ناهيك عن الجهد الكبير الذي كان يبذل في سبيل ذلك». هكذا بدأ الحديث مع السيد "غسان العاصي" صاحب أحد معامل اللوز في "إدلب".

يبقى العمل على الآلة أسهل في كل الظروف والأحوال من العمل اليدوي، ودورنا هنا بسيط جداً يقتصر على مراقبة عمل الآلات ونقل اللوز من آلة إلى أخرى بعد أن ينتهي من كل مرحلة، وفي النهاية يترتب علينا تعبئة "اللب" في أكياس، فالأمر بسيط، في حين كان العمل اليدوي فيه شيء من الملل والصعوبة، وخصوصاً تنقية "اللب" من بين القشر أما الآن فعملنا في مجمله مراقبة الآلات وحسب وهي تعمل بمفردها

ويتابع السيد "غسان حديثه لموقع eIdleb ليحدثنا عن المعمل الذي يمتلكه قائلاً: «يتألف معمل اللوز من عدد من الأجزاء التي تعمل بشكل متكامل، فبداية نبدأ من الآلة التي تقوم بتصنيف حب اللوز إلى ثلاثة أقسام "كبير وصغير ومتوسط"، ومن ثم ينقل يدويا بعد التصنيف إلى آلة الكسر المناسبة فلكل صنف من هذه الأصناف الثلاثة آلة كسر خاصة، فبعد أن يوضع اللوز بالكسارة تقوم بكسر حبات اللوز لكي يسهل بعد ذلك فرز القشر الخارجي عن "اللب"، ويتم نقله إلى آلة أخرى اسمها "الهزاز" سمي بذلك لأنه يعتمد في عمله على الهز بشكل سريع، وله سطح واسع مثقب بثقوب على حجم "اللب"، فأثناء عملية الهز يسقط "اللب" إلى الأسفل ويعلق القشر على سطح "الهزاز"، وبعد ذلك يصبح اللب شبه جاهز إلا من القشر الصغير الذي نزل مع "اللب" من ثقوب "الهزاز"، فنقوم بنقله إلى آلة أخرى تعتمد في عملها على نفخ الهواء، وأثناء تعريض اللوز لها تقوم بنفخ القشر الصغير ويبقى اللب نتيجة ثقل وزنه، وهكذا نستطيع خلال اليوم الواحد إنتاج ما يقارب ثلاثة أطنان من اللب الجاهز للبيع، في حين يستغرق إنتاج مثل هذه الكمية أكثر من عشرة أيام بعد أن يعمل بها عشرات العائلات من القرية، فبذلك يكون وّفر علينا وقتا كبيرا وجهدا أكبر».

السيدأسعد العاصي

أما السيد "عماد" أحد العمال يقول: «يبقى العمل على الآلة أسهل في كل الظروف والأحوال من العمل اليدوي، ودورنا هنا بسيط جداً يقتصر على مراقبة عمل الآلات ونقل اللوز من آلة إلى أخرى بعد أن ينتهي من كل مرحلة، وفي النهاية يترتب علينا تعبئة "اللب" في أكياس، فالأمر بسيط، في حين كان العمل اليدوي فيه شيء من الملل والصعوبة، وخصوصاً تنقية "اللب" من بين القشر أما الآن فعملنا في مجمله مراقبة الآلات وحسب وهي تعمل بمفردها».

أما السيد "مصطفى عاصي" أحد تجار اللوز فيقول: «في الفترة الأخيرة دخل اللوز قائمة التصدير، وخصوصاً إلى تركيا والسعودية ودول الخليج، وأصبح للوز السوري وجود لا يستهان به في الأسواق العالمية، ونتيجة لذلك فإن الطلب عليه زاد بشكل ملحوظ وأصبحت تطلب كميات كبيرة تتجاوز بعض الأحيان مئة طن دفعة واحدة، فإن إنجاز هذه الكمية بالعمل اليدوي ربما استغرق شهور عدة، وهذا الأمر ليس في مصلحة التاجر أبداً، لأن التجار القائمين على عملية التصدير يطلبون تأمين الكمية بشكل سريع، والحل الوحيد وجود هذه المعامل التي استطعنا من خلالها تأمين الكمية مهما كانت كبيرة».

كما يقول تاجر اللوز السيد "أسعد العاصي": «أقوم الآن بإحضار اللوز من "حمص" إلى أحد هذه المعامل، وبعد فترة قصيرة أتي لآخذ "اللب" معبأ بأكياس وجاهزا للبيع، بينما كنت بالسابق أبذل الكثير من الجهد، حيث أقوم بتوزيع اللوز على العائلات التي تعمل بكسره يدوياً، ولكون الكميات التي أجلبها كبيرة فإني سأضطر لتوزيعه على أكثر من عشر عائلات، وبعد أن ينتهوا من تكسيره سيكون عليّ جمع كل قسم من عند العائلة التي وضع عندها وبعد ذلك أقوم بتعبئته وبيعه، فكان الأمر فيه الكثير من المشقة والوقت الطويل وضياع شيء من اللوز نتيجة توزيعه في أماكن مختلفة وجمعه كل قسم على حدة».

السيد مصطفى العاصي