اسم معروف في منطقة "المعرة"، وصاحب أفضل مطعم مأكولات شعبي، هو السيد "أبو سمير" الذي يحمل لقبه اسم مطعم "أبو سمير" الواقع وسط سوق مدينة "المعرة" في الشارع الطويل الممتد بين شارعي "الكورنيش" و"أبي العلاء" ويشهد تاريخ هذا المطعم المفتتح منذ عام 1990 أن الصغير والكبير دخله.

وهو يُقدم أنواعا ثلاثة من الطعام الخاص في وجبة الفطور الصباحية (فول – فتة – حمص)، ويمتاز أن وجبته شهية وتحوي نكهة الطهي المحلي طيب المأكل وبسيط المصنع، فول وحمص مطهي في القدر النحاسي القديم الذي يطبخ فيه دائماً أهل المطاعم الشعبية، ويقصد المكان عشرات الشباب يومياً قادمين من مناطق مختلفة.

أنا مثلاً لا أبدل الطاولات وأعتبر أن تغييرها سيغير من أركان المطعم وملامحه، كما أنني أعتمد على الأوعية والقدور النحاسية، وهي أفضل أنواع المعادن المستخدمة في هذه المهنة، وفي السابق كنا نستخدم العربة الحديدية لجر قدر الفول من المنزل، والمهم في الأمر أن التطور لم يُقدم لهذه المهنة الشيء الجديد لتبقى صنعة الماضي وأكلات أهل زمان العريقة مسيطرة على مهنة الأطمعة الشعبية من الفول والفتة

توجهنا إلى "أبو سمير" ليحدثنا عن مطعمه وهو أول مطعم مختص بأكلة "الفتة الشامية" في "المعرة" حيث قال: «امتهنت عمل المأكولات الشعبية بعد أن اطلعت على التجربة الشامية، وسابقاً عملت في مطعم دمشقي في "أبو رمانة"، وبعدها أخذت على عاتقي فتح مطعم في بلدي "المعرة"، وفي تلك الفترة لم يكن لدينا سوى مطعمي "حسين الشيخ الجمعة" و مطعم "الدرويش" في السوق، وبحكم أن البشر قديماً لا يعرفون "الكرواسان" أو "الشاورما و"الهمبرجر" وغيرها من المأكولات السريعة كان مطعمي يرتاده الكثيرون، وتصور أننا كنا نُجلسهم على الأرض أحياناً، أما سر الشهرة التي اكتسبتها فهي محبتي لهذ النوع من العمل والإخلاص فيه، ولو شرحت ما هو الإخلاص في هذه المهنة لقلت هو الفائض الذي يبذله بائع الفول للزبون دون مقابل، فالسخاء أمر ضروري، والخير كثير والحمد لله».

أبو سمير

يوم الجمعة بالتحديد هو اليوم الذي اعتاد فيه الناس على مزاولة مطاعم الفول والفتة الشعبية أو استئجار صواني الفول لتناولها في المنازل وأماكن العمل، وبالنسبة لنوع الطعام الذي يقدمه "أبو سمير" أضاف عن ذلك قائلاً: «نقدم في مطعمنا الفول وهي أكلة مشهورة في منطقة "المعرة"، وتتميز بكونها مغمورة بزيت الزيتون دائماً لغنى منطقتنا بهذه المادة الغذائية، وبالنسبة لصحن الفتة فهي نوعان إما بدوية وهي "الدسقية بالسمنة" أو "الدسقية بالزيت" وتكون مختلطة بحبات الحمص، وفي الحالتين لا يكون الخبز مقلياً كما هي الفتة الشامية، وتختلف الكمية الذي تُقدم في الصحن بين منطقة وأخرى من البلد، ومثال ذلك المطعم الشعبي في "حلب" وفيه يزيد البائعون للزبائن الكمية مقابل ثمن زهيد، وسبب هذا هو أن نسبة الهدر في كل مطعم من الفول والحمص أكبر من نسبة الهدر لدينا، فنحن يكفي يومنا قدر أو قدرين والقدر هو الوعاء النحاسي الذي يُسلق فيه الفول، في حين أن الإزدحام في مدينة مثل "حلب" وزيادة الطلب تفرض تجهيز عشرين قدراً من الفول على الأقل يومياً، وبذلك فإن البائع يزيد في مقدار الصحون لزبائنه، ومعظم التكاليف ترجع لاستخدام الطحينة بكثرة، وكنت أدعي أن صاحب الطحينة شريك آخر لي في المهنة، عداك عن تسوق الخضار الطازج كل صباح مع حسبان حصة الجيران من المشتريات كل يوم، والأمر يحتاج ليد ممدودة بالكرم ومراعاة الزبائن قدر المستطاع رغم غلاء الأسعار وضعف حركة السوق عما كانت سابقاً».

ما هو الجزء القديم من حكاية المطعم الشعبي، سؤال طرحناه على "أبو سمير" فأجاب قائلاً: «أنا مثلاً لا أبدل الطاولات وأعتبر أن تغييرها سيغير من أركان المطعم وملامحه، كما أنني أعتمد على الأوعية والقدور النحاسية، وهي أفضل أنواع المعادن المستخدمة في هذه المهنة، وفي السابق كنا نستخدم العربة الحديدية لجر قدر الفول من المنزل، والمهم في الأمر أن التطور لم يُقدم لهذه المهنة الشيء الجديد لتبقى صنعة الماضي وأكلات أهل زمان العريقة مسيطرة على مهنة الأطمعة الشعبية من الفول والفتة».

أبو سمير يحضر الطعام

مهنة المأكولات الشعبية مهنة مرهقة و تحتاج طولة بال، هكذا وصفها السيد "أسعد عبد الجواد" وهو ذاته المعلم "أبو سمير"، وليس في وجهة نظره من الأمر مشكلة فهو اليوم يُورث المهنة من بعده لولديه "سمير" و"أحمد" لأنه كسب محبة وشهرة واسعة لا يستطيع أهل السوق وسكان "المعرة" نسيانها أبداً، والسر الذي يهبه لأبنائه دائماً هو كرم الصنعة الأصيل وإيثار الغير.

سمير يعمل مع والده