عديد من الفعاليات تضمنها برنامج عمل مهرجان "هنانو" الثالث، ولعل أهم هذه الفعاليات كانت جلسة الذاكرة والشهادة، حيث ركزت على شهادات تقدمها مجموعة من الشخصيات التي عاصرت الثورة، أو من أبناء وأحفاد المجاهدين الذي تحدثوا عن البطولات التي سطرها آباؤهم، وعن السير الشعبية التي تناولت المجاهدين ولا تزال متداولة على ألسنة العامة، حيث خلدت هؤلاء الأبطال وأبقت شيئاً من ذكراهم يتقد في ذاكرة الجميع، على الرغم من عدم معرفتهم الشخصية بهم وبأهمية الأدوار الثورية التي لعبوها.

موقع eIdleb استمع لهذه الجلسة، وكان لنا وقفة مع الدكتور "رشيد شيخو" مدير الجلسة الذي يقول: «أحببنا أن نقدم بهذه الجلسة شهادات عن الثورات والثوار، ما روي وما قيل، وخاصةً ثورة وادي "الفرات"، وتصديها للمستعمر "الفرنسي والانكليزي" معاً، ودورها المهم في الجانب الثوري بين عامي 1919-1940، وتضمنت عدة محاور شمل كل محور شهادات قدمها باحث أو حفيد من أحفاد قادة الثورة، أو شخص عاصر تلك الأحداث وكتب وروى عنها، ولهذه الجلسة أهمية كبيرة لكونها الأولى من نوعها، إضافة إلى تأثيرها على المستمع حيث إن الذين قدموا الشهادات كانوا على احتكاك بالثوار والواقع الثوري الذي ساد في تلك الفترة».

كان من أعلام الثورة في سورية الشيخ "صالح العلي"، الذي حسبت له "فرنسا" ألف حساب، عمل على التنسيق مع ثورة "هنانو" بشكل دائم، وقاومت ثورته مع ثورة "هنانو" جنباً إلى جنب، وكان يطلب ويقدم المعونة "لإبراهيم هنانو" في وقت الحاجة، وقال فيه "إبراهيم هنانو": "لو كان في كل مدينة عشرة من أمثال "صالح العلي" لاستطعنا مقاومة "فرنسا" عشرة أعوام على الرغم من امتلاكها السلاح المتطور من طائرات وغيرها"

في المحور الأول تحدث الأمير "جمال فواز الشايش" قائلاً: «لقبيلة "الموالي" دور بطولي على مر التاريخ، فهي التي أطلق عليها "الرسول محمد صلى الله عليه وسلم" اسم "الموالي"، لأنهم ناصروه وحاربوا معه، وبقيت هذه القبيلة مستمرة في دروبها النضالية كلما دعت الضرورة لذلك، ولها دور بطولي مشرف في مقارعة الاحتلال "الفرنسي" الغاشم، وجرت الكثير من المعارك بين الثوار والجيش "الفرنسي" الذي كبدوه آلاف الخسائر المادية والمعنوية، وكانت من أهم معارك قبيلة "الموالي" مع "الفرنسيين" معركة "القطرة" التي أثبت فيها المجاهدون مقدرتهم على الصبر وتحمل الأمرين في سبيل دحر الغزاة، والانتصار لوطنهم بكل ما يملكون من قوة، والأمير "عبد الكريم الشايش" كان عضوا في مجلس الأمة وكان له نضال سياسي وعسكري واضح، وعمل على التواصل من الزعيم "هنانو" والتنسيق مع رجالات الثورة في منطقته والمناطق المجاورة».

الدكتور رشيد شيخو

ويقول "فيصل مريود" حفيد المجاهد "أحمد مريود": «المجاهد "أحمد مريود" من الشخصيات الفذة في طُرق الجهاد، لقد أحس هذا الرجل بعدالة قضيته ودافع عنها حتى الرمق الأخير، ودفع حياته ثمناً لذلك، حيث بدأ نضاله بشكل سري في نهاية الحكم "العثماني"، وبعد دخول "الفرنسيين" اتصل بمجموعة من القادة الوطنيين والعسكريين وضباط الجيش، يحثهم على المضي قُدماً في دروب الثورة، وأثناء مجيء لجنة الاستفتاء قال "احمد مريود": "يجب على اللجنة ألا تسمع سوى طلب الشعب السوري في الاستقلال"، شارك في العديد من ثورات الجنوب، وكان له وجود قوي في الواقع الثوري في الجنوب، استطاع تحقيق النصر في عدد كبير من معاركه، ووقف حجر عثرة في درب تقدم "فرنسا"، وبقي مستمرا في درب النضال حتى كان له شرف الشهادة، فروى بدمائه الطاهرة أرض وطنه».

وعن معركة "الشيخ بدر" ودور الشيخ "صالح العلي" يقول الأستاذ "شاهين شاهين": «كان من أعلام الثورة في سورية الشيخ "صالح العلي"، الذي حسبت له "فرنسا" ألف حساب، عمل على التنسيق مع ثورة "هنانو" بشكل دائم، وقاومت ثورته مع ثورة "هنانو" جنباً إلى جنب، وكان يطلب ويقدم المعونة "لإبراهيم هنانو" في وقت الحاجة، وقال فيه "إبراهيم هنانو": "لو كان في كل مدينة عشرة من أمثال "صالح العلي" لاستطعنا مقاومة "فرنسا" عشرة أعوام على الرغم من امتلاكها السلاح المتطور من طائرات وغيرها"».

فيصل مريود

وتحدث الباحث "جاسم الهويدي" عن نضال عشيرة "الدميم" قائلاً: «وقفت عشيرة "الدميم" في وجه المحتل "الانكليزي" بقيادة الشيخ "فارس الجراح" الذي أعلن الجهاد وقام بقطع الإمدادات عن القوات القادمة من "بغداد"، وكانت من أقوى المعارك التي وقعت معركة "النسورية" عام /1919/، حيث وقف المجاهدون بكل بسالة وبطولة في وجه المحتل بسلاحه المتطور وأعداده الكبيرة، ولم يفكر أي منهم بالتراجع، احتدمت المعركة وكان النصر للثوار في اليوم الأول، إلا أن المحتل عزز قواته بـ"المدفعية والرشاشات"، واستمرت المعركة ثلاثة أيام استطاع فيها الثوار أن يقتلوا "الكولونيل الانكليزي"، واستلبوا سيفه الذي لا يزال موجودا حتى الآن لدى أحد زعماء العشيرة».

وعن "إبراهيم هنانو" في "السقيلبية" تحدث ابنها "غيث العبد الله" قائلاً: «وقفت "السقيلبية" مع الثوار وقفة مشرفة، وخصوصاً "إبراهيم هنانو" الذي وثق بأهل "السقيلبية" ووثقوا به، فوضع ابنته "نباهت" وابنه "طارق" في أمانتهم، لأنه خشي عليهم من الوقوع في أيدي "الفرنسيين" فيكونا ورقة ضغط على الثورة والثوار، وحفظ أهل "السقيلبية" الأمانة، وصانوها بكل ما يستطيعون رغم تهديد "فرنسا" بقتل كل من يُؤوي أحدا من رجال الثورة وأقربائهم، وبالمقابل فإن "إبراهيم هنانو" حفظ هذا الجميل لأهل المدينة، حيث أعاد الغنائم والمسلوبات التي سلبتها بقايا الفرقة "التركية" التي كانت موجودة في المنطقة إبان انسحابها، بعد توقيع اتفاقية مع "فرنسا"، ولا يزال إلى الآن أبناء المدينة يرددون الأغنية الشعبية، (طيارة طارت بالجو، فيها عسكر في ضو، فيها "إبراهيم هنانو") ولا يزال إلى الآن الزعيم "هنانو" حاضراً في ذاكرة أهل "السقيلبية" شيباً وشباناً».

غيث العبد الله