يوجد في محافظة "إدلب" ستة أدباء يكتبون في مجال أدب الأطفال وذلك من أصل 25 أديباً في "سورية" بشكل عام، وقد حقق هؤلاء الكتّاب نجاحات كبيرة على مستوى الوطن العربي وحصدوا العديد من الجوائز الأدبية، فالأديب "عارف الخطيب" فاز ثلاث مرات بجوائز "أنجال هزاع آل نهيان" لأدب الطفل في دولة "الإمارات العربية المتحدة"، والكاتب "خير الدين عيد" فاز بجائزة "الشارقة" وجائزة "أنجال هزاع" وجائزة "المنتدى الأدبي" في "مصر" لأدب الأطفال، كذلك الأستاذ "نجيب كيالي" والشاعر "أمين الأخرس" فقد فازا بجائزة "أنجال الهزاع" لأدب الطفل، أما الأستاذ "محمد قرانيا" ففاز بجوائز "أنجال هزاع" مرتين وفاز بأكبر جائزة لأدب الأطفال وهي جائزة الدولة لأدب الطفل في "قطر" عام 2010.

أما الأديب الدكتور "مصطفى عبد الفتاح" فقد فاز بجائزة "أنجال الهزاع آل نهيان" في عام 2005 وبجائزة مكتب التربية العربي لدول الخليج عام 2006 وجائزة "ناجي نعمان" في لبنان عام 2010 وجائزة "أضواء البيان" السورية في عام 2010، فكيف يرى هؤلاء الأدباء واقع أدب الطفل في محافظة "إدلب"؟ وما المعوقات التي تحول دون النهوض بهذا النوع الأدبي؟

لا يختلف واقع أدب الأطفال في "إدلب" عن غيره في بقية المحافظات السورية الأخرى، فكتّابه ومبدعوه جميعهم ممن يعمل في مجال التربية ومن أعضاء اتحاد الكتًاب العرب ويمارسون نشاطهم في المراكز الثقافية، إلا أنه ما يميز أدباء "إدلب" عن سواهم أنهم أكثر عدداً قياساً بعدد من يقيم في كل محافظة من المحافظات الأخرى، كما أن جميع أدباء الأطفال في "إدلب" حصلوا على جوائز محلية وعربية، ومن أهم الصعوبات التي يواجهها الأديب المشتغل في مجال أدب الطفل ليست محصورة في "إدلب" وإنما هي صعوبات عامة يواجهها الأدباء الذين يكتبون للكبار وللصغار في القطر بصورة عامة، وأهمها ضيق مجالات النشر فمجلة "أسامة" على سبيل المثال لاتزال تصدر شهرية وقد كانت منذ أربعين عاماً نصف شهرية، كما أن مجلة "الطليعي" لا تستوعب إلا عدداً محدوداً جداً من الكتّاب وقد اقتصرت خدمة اتحاد الكتاب العرب على نشاط الجمعية التي لا تقيم سوى ندوة سنوية واحدة وتكرم أديب واحد وتنشر عدد محدد من كتب الطفولة، ولم يحاول الاتحاد إصدار مجلة تسد فراغ عريض في الساحة الطفلية السورية، كما لم يحاول الاتحاد العمل على اتصال الأديب اتصالاً ميدانياً بالأطفال بصورة مباشرة ووجها لوجه، وإن النهوض بهذا النوع الأدبي فإن ذلك لا يكون إلا بتكاتف الجهود بين جميع الجهات الرسمية التي تهتم بالطفولة وتغفيل كل من مديرية ثقافة الطفل والقسم المسؤول عن نشر كتاب الطفل للهيئة السورية العامة للكتاب في وزارة الثقافة وكذلك الحال في المراكز الثقافية التي لا يزال بعضها يتخذ موفقاً خجولاً من أدب الأطفال وكتّابه، فضلاً عن أن المطلوب من مدير المركز الثقافي أين يكون أديباً قبل أن يكون موظفاً إدارياً، والمسألة تثير الشجون

موقع eIdleb طرح هذه التساؤلات على عدد من كتّاب هذا النوع الأدبي في "إدلب"، حيث يقول الدكتور "مصطفى عبد الفتاح": «إن أدب الأطفال في "إدلب" بخير، وهو نشط وفعال ويبرز في الخارج أكثر من الداخل نظراً لوجود المنافذ لعرض هذا النتاج الأدبي المتميز والذي يحظى بشعبية كبيرة في كل البلدان العربية، وكتّاب أدب الطفل في "إدلب" لديهم الجديد الذي يفرض نفسه على الساحة العربية، وهم مازالوا في قمة عطائهم لكن هناك شرخ كبير وتقصير كبير من قبل المؤسسات الثقافية والتعليمية ودور النشر في "سورية"، ورغم الإنتاج الكبير لهؤلاء الكتّاب والذي اعتمد بعضه في مناهج التعليم لدول الخليج ومنها كتابي المعنون "أمنا الطبيعة" والذي يدرس في ستة دول خليجية منذ عام 2006، لم نجد لهؤلاء الكتًاب أي قصيدة أو قصة أو نص في المناهج التربوية السورية الجديدة، وإن أبرز المعوقات التي تعترض النهوض بواقع أدب الأطفال في "سورية" بشكل عام بالإضافة لما ذكرناه من تقصير من قبل الجهات الحكومية ودور النشر في تبني نتاج الأدباء، عدم وجود صحف ومجلات موجهة للأطفال باستثناء مجلة "أسامة" الشهرية والتي تبدو غير ملتزمة في مواعيد صدورها، فإذا أردنا لهذا النوع الأدبي أن يتطور وينتشر فلا بد من أن يصل نتاج الأدباء إلى الشريحة المستهدفة عن طريق المناهج التعليمية، فنحن مثلاً نشأنا على قصائد الشاعر "سليمان العيسى" والتي ما نزال نحفظ الكثير منها حتى الآن، ولم نلاحظ أنه تم الاستعانة بكتًاب أدب الطفل عند إعداد المناهج المدرسية الجديدة للصفوف الأولى، الأمر الذي جعل تلك المناهج غير متناسبة مع الأعمار التي تخاطبها، ولا تناسب المراحل الطفلية أبداً وتفتقر للعذوبة التي تدخل قلب الطفل، وكمثال على ذلك نجد في كتاب القراءة للصف الأول هناك قصيدة تبدأ بالشطر التالي: (ست سنين أصبح عمري) وفيها تقديم خبر (أصبح) على اسمها، وفي هذا خطأ تقديري نظرا للمرحلة العمرية للطفل في هذا الصف لكونه يتعلم مبادئ اللغة العربية، كما أني رصدت العديد من الأخطاء في بعض القصائد وهذا يدل على أن الذي قام بالانتقاء وإعداد هذه المناهج غير متخصص في مجال أدب الطفل، ونحن كتّاب أدب الأطفال في "إدلب" لم يجمعنا حتى اليوم للأسف أي عمل مشترك، سواء برنامج تلفزيوني أو مسلسل للأطفال أو كتاب وذلك لعدم وجود الجهة التي تتبنى هذا المشروع وتموله».

الدكتور مصطفى عبد الفتاح

الأستاذ "نجيب كيالي" قال: «لاشك أن أدب الأطفال في "إدلب" يحظى بحضور متميز على خريطة أدب الأطفال السوري، إنه فرع أخضر وارف من شجرة الثقافة الطفلية في بلدنا "سورية"، وما أقوله في هذا الأدب ليس تغزلاً مجانياً به، وليس له صلة بمفهوم التعصب الذي نجده أحياناً عند عشاق الكرة، إنَّ ما أذكره عنه هو توصيف لحقيقة قائمة يدعمها ما يلي: أولاً يمتد هذا الأدب امتداداً طولياً في الزمان، فبعض نماذجه ظهرتْ في الخمسينيات من القرن الفائت عند كتَّاب غير مختصين في الكتابة الطفلية كـ "حسيب كيالي"، وثمة قصائد تربوية كتبها معلمون ترجع إلى تلك الفترة أو قبلها بقليل، ونُشرتْ في مجلات مدرسية أو نشرات أدبية خاصة، ثانياً واصلَ جيلٌ آخر من الكتَّاب حَمْـلَ لواء الأدب الطفلي باقتدار أكبر وتخصص واضح، كما نجد عند الأديبين "محمد قرانيا وعارف الخطيب"، إلى جانبهما قدَّمَ "جودة أبو بكر" بعضَ المجموعات الشعرية، ثم جاء من بعدهم جيلٌ ثالث كصاحب هذه الكلمات "نجيب كيالي ومحمد وحيد علي"، تلاه جيل رابع عند "خير الدين عبيد ود. مصطفى عبد الفتاح وأمين أخرس وعبد القادر حمود"، وهكذا فشريان هذا الأدب لم ينقطع، ثالثاً والأهم أن استمرار هذا الأدب رافقته حالةُ نمو كمَّاً ونوعاً، وقد حصل كثير من كتَّابه على جوائز عربية هامة، وهؤلاء الكتَّاب- إذا جاز لنا أن نستخدم مفهوماً إحصائياً- يقدمون من مجمل الكتابة الطفلية في "سورية" ما يقارب حدود الربع أو أعلى منه بقليل، وهنا أؤكد أن التجارب الأدبية الأخرى الموجهة للأطفال في "سورية"، لقسم منها أهمية كبيرة وحضور لافت، ويستحق أصحابها المحبةَ وباقات الورد، إن ما يعانيه أدب الأطفال الإدلبي أمران: أن الساحة الأدبية ووسائل النشر لا تعطيه فرصةً تناسب حجمه وأهميته، ما قد يؤدي إلى ضموره في المستقبل، وعلى الرغم من تنوُّع هذا الأدب بين القصة والقصيدة والمسرحية والدراسة النقدية، فإن المناهج المدرسية حتى بعد تطويرها لم تأخذ أياً من نصوصه، وكأن القائمين عليها يرونه نسياً منسياً!».

الأستاذ "محمد قرانيا" قال: «لا يختلف واقع أدب الأطفال في "إدلب" عن غيره في بقية المحافظات السورية الأخرى، فكتّابه ومبدعوه جميعهم ممن يعمل في مجال التربية ومن أعضاء اتحاد الكتًاب العرب ويمارسون نشاطهم في المراكز الثقافية، إلا أنه ما يميز أدباء "إدلب" عن سواهم أنهم أكثر عدداً قياساً بعدد من يقيم في كل محافظة من المحافظات الأخرى، كما أن جميع أدباء الأطفال في "إدلب" حصلوا على جوائز محلية وعربية، ومن أهم الصعوبات التي يواجهها الأديب المشتغل في مجال أدب الطفل ليست محصورة في "إدلب" وإنما هي صعوبات عامة يواجهها الأدباء الذين يكتبون للكبار وللصغار في القطر بصورة عامة، وأهمها ضيق مجالات النشر فمجلة "أسامة" على سبيل المثال لاتزال تصدر شهرية وقد كانت منذ أربعين عاماً نصف شهرية، كما أن مجلة "الطليعي" لا تستوعب إلا عدداً محدوداً جداً من الكتّاب وقد اقتصرت خدمة اتحاد الكتاب العرب على نشاط الجمعية التي لا تقيم سوى ندوة سنوية واحدة وتكرم أديب واحد وتنشر عدد محدد من كتب الطفولة، ولم يحاول الاتحاد إصدار مجلة تسد فراغ عريض في الساحة الطفلية السورية، كما لم يحاول الاتحاد العمل على اتصال الأديب اتصالاً ميدانياً بالأطفال بصورة مباشرة ووجها لوجه، وإن النهوض بهذا النوع الأدبي فإن ذلك لا يكون إلا بتكاتف الجهود بين جميع الجهات الرسمية التي تهتم بالطفولة وتغفيل كل من مديرية ثقافة الطفل والقسم المسؤول عن نشر كتاب الطفل للهيئة السورية العامة للكتاب في وزارة الثقافة وكذلك الحال في المراكز الثقافية التي لا يزال بعضها يتخذ موفقاً خجولاً من أدب الأطفال وكتّابه، فضلاً عن أن المطلوب من مدير المركز الثقافي أين يكون أديباً قبل أن يكون موظفاً إدارياً، والمسألة تثير الشجون».

الأستاذ نجيب كيالي
الأستاذ محمد قرانيا