كان للأستاذ المرحوم "عمر زكي الأفيوني" دوراً محورياً في ثورة "إبراهيم هنانو" في الشمال السوري، فقد ضحى بمنصبه كقائم مقام "لإدلب" واحتضن في بيته الاجتماع الذي أعلنت فيه الثورة المسلحة ضد الاحتلال الفرنسي بقيادة الزعيم "هنانو"، وهو الرجل الذي اختاره "إبراهيم هنانو" ليكون مستشار الثورة الإداري، وإيماناً منا بعظمة الدور الذي لعبه المرحوم "عمر زكي الأفيوني" خلال أحداث ثورة الشمال، كانت لنا هذه الوقفة المتواضعة لتسليط الضوء على هذه الشخصية الهامة في تاريخ النضال السوري ضد الإحتلال الفرنسي.

يقول المؤرخ "فايز قوصرة": «عندما كان "عمر زكي باشا الأفيوني" يشغل منصب قائم مقام "إدلب" مع بدايات الاحتلال الفرنسي لـ "سورية"، وكان يلتقي مع "إبراهيم هنانو" حيث اقتنع بالتعاون معه كمستشار سياسي بعد أن اجتمع قادة الثورة في منزله في "إدلب" لإعلان الثورة ضد الفرنسيين ما أدى لخسارته منصبه كحاكم إداري لأكبر قضاء في "سورية" حينذاك (كانت إدلب أكبر قضاء في سورية في ذلك الوقت)، وقد شارك "الأفيوني" في عدة معارك مع الثوار كان آخرها معركة "مكسر الحصان" والتي وقعت عندما تعرض "إبراهيم هنانو" أثناء مسيره نحو "الأردن" للخيانة في البادية، إذ إنه مع زيادة الضغوط الفرنسية على الثوار الذين كانوا يتحصَّـنون في جبل "الزاوية" وتوقف إمدادهم بالسلاح من قبل "تركيا" اضطر هنانو مع أربعين ثائراً من رفاقه كان منهم مستشاره الخاص "عمر زكي الأفيوني" إلى اللجوء إلى شرقي "الأردن" وأثناء الطريق تعرض للخيانة في البادية وهوجم من قبل دورية فرنسية، فقام "عمر زكي الأفيوني" بمساعدته في التصدي للدورية الفرنسية، بعد المعركة تابع "هنانو" مسيره نحو "الأردن" في حين لجأ "الأفيوني" إلى قرى "معرة النعمان" عند "حكمت الحراكي" وهو أحد بيكوات المنطقة وواحد من الوجوه المعروفين على مستوى المحافظة، بعد ذلك انتقل إلى "الأردن" حيث عملت الإمارة الأردنية الناشئة على الاستفادة من خبراته الإدارية، ثم انتقل إلى السلك الدبلوماسي في الحكومة الأردنية حيث عمل في عدة دول في "العراق ولبنان وتركيا وفرنسا وإسبانيا"، وفي عام 1943 عين أمينا للعاصمة "عمان" (محافظ) وبقي كذلك حتى توفي في عام 1953».

كان "عمر زكي الأفيوني" من أهم الداعمين إدارياً لهنانو لأنه كان يجيد التعامل مع البيئة الاجتماعية التي كان مسؤولاً عنها، وهذا التعامل كان محبباً من قبل الناس لذلك استطاع "الافيوني" تهيئة الأرضية في بيئته لوجود "هنانو" فوراً قائداً عسكرياً عندهم، وإن ما وصلنا من أخبار هذا الرجل قليلة جدا

الأستاذ "محمد خالد العمر" رئيس اللجنة الوطنية لذاكرة ثورة الشمال قال: «كان "عمر زكي الأفيوني" من أهم الداعمين إدارياً لهنانو لأنه كان يجيد التعامل مع البيئة الاجتماعية التي كان مسؤولاً عنها، وهذا التعامل كان محبباً من قبل الناس لذلك استطاع "الافيوني" تهيئة الأرضية في بيئته لوجود "هنانو" فوراً قائداً عسكرياً عندهم، وإن ما وصلنا من أخبار هذا الرجل قليلة جدا».

الأستاذ المرحوم عمر زكي الأفيوني

ويقول الأستاذ "حسن عبد العزيز": «بعد أن وقعت "سورية" تحت الاحتلال الفرنسي، شارك "عمر زكي الأفيوني" في المؤتمر السوري العام الذي انعقد في السابع من آذار عام 1920 م وأعلن استقلال "سورية" ومبايعة الأمير "فيصل بن الحسين بن علي" ملكاً على الدولة العربية التي اتخذت من "دمشق" عاصمة لها، وللأسف لم تحظ شخصية "عمر زكي الأفيوني" بما تستحق من الاهتمام والدراسة والبحث كما أن قلائل أولئك الذين يعرفون هذه الشخصية المهمة ومساهمتها في أحداث ثورة الشمال».

يشار إلى أن "عمر زكي الأفيوني" من مواليد "طرابلس" في "لبنان" عام 1893 تابع دراسته في "اسطنبول" تخرج أستاذا في المعارف، شغل في العهد العثماني مناصب إدارية مهمة في عدة مواقع أهمها قائم مقام (مدير منطقة) في "العراق" وهو أول قائم مقام في منطقة "إدلب"، وكان قد حُـكم عليه مع العشرات من رجالات الحركة الوطنية في "سورية" بالإعدام من قبل الاحتلال الفرنسي.

المؤرخ فايز قوصرة
الأستاذ محمد خالد العمر