تشتهر محافظة "إدلب" وريفها برقص شعبي تقليدي يطلق عليه اسم "القبا والشيخاني"، حيث يرقصه الرجال في احتفالاتهم العامة، فـ"القبا" هو الرقص البطيء، و"الشيخاني" هو الرقص متوسط السرعة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 حزيران 2014 السيد "عبد الله البكار" من أهالي "إدلب" الذي يعمل راقصاً في فرق شعبية متعددة: «تعد "الشيخانية" قمة الرقص الشعبي في محافظة "إدلب"، وتؤدى في الأفراح والأعراس والمناسبات العامة والخاصة، وعلى إيقاع "الطبل"، و"الزمر"، ويرافقها المبارزة بالسيف والترس، وكان راقصوها فرسان "عبس" و"عدنان" مما يرتدون الأزياء الشعبية كـ"الحطّة" والعباءة الحمراء المقصّبة بالخيوط الفضية، وقميص أملس، وصدرية، وسروال أسود، والشال العجمي، والجوارب البيضاء، و"المركوب" أي الحذاء الأحمر، وما أن تنتهي "الرقصة الشيخانية" حتى تبدأ "العداوية" ــ "الرقصة الشرقاوية" ذات الأبيات السبعة، ويتبارز راقصان في كل بيت من أبيات هذه "العداوية"، ومع نهايتها تضرب الطبول لتبدأ الرقصة العربية».

"القبا" كلمة شعبية من أصل تركي وتعني الثقيل، وهو رقص شعبي فروسي يحتفي بالرجولة والسيف بطريقة رزينة تعتمد على التمايل والتمختر والأناقة، "القبا والشيخاني" متلازمان في أية وصلة من وصلات الرقص الشعبي، فإذا شرع الراقصون برقص "القبا" كما يفعلون عادة وهو الرقص البطيء، أتموا رقصهم بـ"الشيخاني"؛ وهو الرقص الخفيف أو متوسط السرعة

وأضاف: «تعد "القبا" جامعة بين رقصة "العربية" ودبكة "الشرقية"، ورقصة "الصاجية"، ورقصة "الصيصانية"، ورقصة "القواقة"، وكأنها وحدة تراثية جمعت ما بين هذه اللوحات، فعلى إيقاع الطبل وأنغام الزمر وتحت أعلام القبيلة يقوم الأمراء برقصة "القبا" ما قبل وبعد النصر، هذا فيما سبق من الزمن، وهي اليوم تقام في الأفراح والمناسبات العامة والخاصة وفي الساحات وعلى خشبات المسارح أو في حفل زواج أو احتفال بمناسبة ما، وأقول في "القبا": "قالوا القبا في ملعبا ريحة عطر... جمعت طرب دنيا العرب نغمة وشعر... أو لا لكا بالمعركة طل النصر... ترقص قبا بالمركبا وبعد النصر"».

محمود عبد الله البكار

وبين الباحث "عدنان ذريل" والمختص بالتراث الشعبي في كتابه "القبا والشيخاني" بالقول: «"القبا" كلمة شعبية من أصل تركي وتعني الثقيل، وهو رقص شعبي فروسي يحتفي بالرجولة والسيف بطريقة رزينة تعتمد على التمايل والتمختر والأناقة، "القبا والشيخاني" متلازمان في أية وصلة من وصلات الرقص الشعبي، فإذا شرع الراقصون برقص "القبا" كما يفعلون عادة وهو الرقص البطيء، أتموا رقصهم بـ"الشيخاني"؛ وهو الرقص الخفيف أو متوسط السرعة».

وأضاف: «التعبير في "القبا" هو الرزانة والجلال، ويسميه الشعبيون (السلطنة) على نغمات "القبا" السبع التي يفتحها المزمار، والسيف يكون في هذه الفترة مشرعاً جانباً تقريباً كما في لعبة الفروسية، ثم يهوم الراقص به مع ضربات الإيقاع التي يحددها الطبال، يمنة ويسرى، وببطء شديد، وهو يتمايل على البلاطة التي هو عليها في مكانه، ثم يأخذه أمام وجهه، وتحت ذقنه ثم إلى اليسار، ثم يهوي به ببطء شديد إلى الأرض وهكذا، أما التعبير في "الشيخاني" فيكون بخفة الحركة، والتنقل مع براعة استعمال السلاح، وخاصة أمام الصدر إلى الأرض، مع الدوران النصفي، والمراوحة يمنة ويسرى والمشي والرجوع والقفز والزخ، كما يمتاز بالزحن الموضعي مع تلاحق الخطى إلى الجنب والأمام والخلف، في حين تنزل الأيدي مع الجسد من أمام الوجه والصدر حتى القرفصاء، ثم الصعود حيث إن الطاق الواحد من الإيقاع يستغرق النزول للقرفصاء ثم الارتفاع إلى الوضع الطبيعي».

وبين السيد "عبد الرحمن نجار" من أهالي "إدلب" بالقول: «"الشيخاني" يبدأ بالرجل اليمنى مع اليد اليسرى وتنتهي بالعكس، وقد سميت كذلك لأنها كانت للشيوخ والزعماء فكانوا ينسجمون مع الرقصة إلى حد التمايل يميناً وشمالاً، وتعبّر عن التجمع للحرب وترقص بالسيوف، أو مثل دبكة النصر، وهي تصوّر الرجوع من الحرب، وترقص بالسيوف وهي رقصة سريعة يبرز فيها كل راقص خفته ورشاقته، و"القبا" تسمى قديماً (السبعة أبه) وتتمحور حول ضرب الإيقاع سبع دقات (وأس)، وهي رقصة يعود تاريخها إلى مئات السنين».