حين تدخل بيته المتواضع البسيط، ينتابك ذلك الإحساس الرائع بالطيبة والنقاء والطمأنينة والسلام، يطالعك وجهه السموح بابتسامة خير تستبشر بها وهي تلفحك لطفاً وحفاوة، وتدعوك لمأدبة علمه وفصاحته المشهود لها عند الكثيرين من أبناء اللاذقية ورجال دينها..

إنه المفكر والباحث فضيلة الشيخ غزال غزال، الذي ولد في قرية تلا منطقة "الحفة" في محافظة اللاذقية عام(1962) وانصرف إلى تلاوة القرآن الكريم والعلوم الإنسانية في بيت والده العلامة الشيخ "وهيب غزال"، الذي كان بيته أول مدرسة في منطقة الحفة.

التقوى أن لا يراك الله حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك

حصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة القرية، وفيها درس المرحلة الإعدادية، ثم انتقل إلى اللاذقية حيث درس الثانوية، انتسب إلى كلية الشريعة في جامعة دمشق حتى السنة الرابعة، لينتقل بعدها إلى الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية «لندن» حيث حصل على إجازة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية.

عمل في مديرية أوقاف اللاذقية، ودرّس في ثانويات المدينة، ثم كلف مفتياً لمنطقة اللاذقية وهو خطيب ومدرس وإمام في جامع الإمام محمد الباقر عليه السلام في اللاذقية، وله العديد من الكتب والمخطوطات منها: القلب الإنساني في القرآن والسنة، وسائل المعرفة في القرآن والسنة «مخطوط» وله مشاركات فعالة ونشيطة في معظم الأندية والمؤتمرات الإسلامية.

elatakia التقى العلامة «غزال غزال» الذي تحدث بداية عن اهتمامه بعلوم الدين بالقول: "يمكن للإنسان أن يحصل على مبتغاه بالتفكير والتخطيط والتجربة، ويمكن له أن يصل بالتوجيه الاجتماعي، وأسرتي «دينية» أحب أبناؤها الدين، وقد نشأت على هذا الحب واستمر معي إلى أن وصلت إلى ما أنا عليه، وإن كل إنسان منا مكلف ليتخذ طريقاً له، فقد جاء في الأثر: «الطريق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق» والتوجه إلى ذلك هو طريق من هذه الطرق، ولا أعتبر ذلك تكليفاً لي فحسب وإنما لكل البشر وحتى الجن لقوله تعالى: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» وجاء عن السيد المسيح «ع»: «إن الله خلق الإنسان من عظم ولحم وأعصاب وأوردة، كوّنه إنساناً وجعل في داخله نور مخزون لم يطلع عليه لا نبي مرسل، ولا ملك مقرب، كل ذلك من أجل خدمة الله تعالى».

وعن العلاقة بين الدين والحياة قال سماحته: الدين أمر فطري ووحي سماوي وصراط مستقيم، والعلاقة لا تنفصل، فقد قال الله تعالى: فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلقه، ذلك هو الدين القيم بلغه الأنبياء ثم العلماء هم كما قال النبي «ص» ورثة الأنبياء وأنا كشيخ أتبع نهج محمد «ص» وهو نهج الرسالة، وكما قال سبحانه وتعالى: «وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة» والكثيرون ينظرون إلى الشيخ نظرتهم إلى أنه طريق إلى الله تعالى، أي يحدثهم عن نهج القرآن والسنة، فالإمام يقوم بالإضافة إلى الإصلاح بين الناس، بتوجيه الخطاب الديني إليهم، وجميع الإيديولوجيات والفلسفات اعتنت بتنمية الروح والجسد.

عن تعاون رجال الدين في المحافظة للنهوض بالحركة الدينية قال سماحته: لقد تعودنا التعايش فيما بيننا في هذه المحافظة، ويشملنا حديث رسول الله «ص»: «مَثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» وإننا نرى بأنه لا يوجد فيما بيننا أبناء آلهة وآخرون أبناء عبيد، وإنما يجمعنا قول الله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» ومقياس التفاضل فيما بيننا قوله تعالى: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» وفي كل عام تعودنا لأن يذهب المشايخ والعلماء في أعياد الفصح والميلاد لتهنئة القائمين على الكنيسة، وكذلك هم يأتون إلى دائرة الأوقاف، فالوحدة الوطنية أرتقت وارتفعت فوق كل شيء، حتى يأمل صاحبها أن يصل يوم قيامته إلى عالم النور والسرور، ولذلك نسمو في تعاوننا كما أمرنا الله تعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى» وقد طوَّب السيد المسيح «ع» أتقياء القلوب بقوله: «طوبى لأتقياء القلوب فإنهم يعاينون الله».

ختاماً توجه سماحته للجيل بالقول: الحياة صراع بين الخير والشر، وتوجهنا إلى هذا الجيل، أن يكون النشىء الصالح متوجهاً نحو الإيجاب والخير، وأن يبتعد عن الشر والسوء، وقد جاء عن النبي «ص» قوله: «سبعة يظلّهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» وذكر منهم: الشاب أو الفتاة، الذي نشأ على طاعة الل،ه وفي حديث آخر أمر هذا المخلوق الضعيف بالتقوى التي قال عنها الصادق عليه السلام: «التقوى أن لا يراك الله حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك».