نتائج بحث أربع سنوات من الدراسة الميدانية لمناطق وظروف تكاثر السلاحف البحرية على الشاطئ السوري والشروط المثلى لإنشاء محمية بحرية شاطئية، وربط هذا البحث ببحث آخر في مجال تأثير التغيرات المناخية والنشاطات البشرية المختلفة على الثروة السمكية والتنوع الحيوي البحري في سورية والوطن العربي.

دراسات وجهود خاضها الدكتور الباحث "أديب سعد" في غمار البحث العلمي ليعطي نموذجا يحتذى في نقل نتائج الأبحاث العلمية من الجامعة أو من مخابر مراكز البحوث وتطبيقها ميدانيا للاستفادة منها في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع.

كان هناك 58 دولة بما فيهم الدول العربية شاركت في تقديم أوراق عمل للبحث العلمي في مجال البيئة وعلوم البحار في الوطن العربي

eLatakia وبتاريخ 6/11/2008 زار الباحث الدكتور "أديب سعد" في مكتبه ليهنئه بحصوله على أفضل جائزة ورقة علمية في مجال البيئة وعلوم البحار في الوطن العربي والتي منحته إياها اللجنة العلمية للتجمع الخامس لمؤتمرات "آفاق البحث العلمي والتطور التكنولوجي في الوطن العربي" والذي انعقد في مدينة "فاس" بالمملكة المغربية في الفترة الواقعة بين (25– 30) تشرين الأول 2008، تقديرا لأبحاثه وقدم لنا الباحث "أديب سعد" تفصيلا موجزا عن البحث العلمي وقال: «حدد البحث أحد الأسباب الهامة في تغييرات الثروة السمكية وتأثير التغييرات المناخية على الثروة السمكية، فالتلوث الحراري ناتج عن زيادة نسبة (25) درجة في الهواء وبالتالي ارتفاع درجة حرارة البحر، مما يؤدي إلى خلخلة وهجرة أنواع من الأسماك إلى مناطق أخرى بالإضافة إلى تأثير النشاطات البشرية على الثروة السمكية كالصيد الجائر ومياه الصرف الصحي الملوثة والتي تؤدي إلى تلوث الأنهار وبالتالي التلوث سيؤثر على مياه البحر وخصوصاً خلال مواسم الأمطار القليلة جداً».

وتابع: «لقد تناول البحث جانبان "الجانب الأول" هو تأثير ظاهرة التسخين الحراري العام على زيادة هجرة أنواع عديدة من الأسماك من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط وخاصة القسم الشرقي منه، وتلك الأنواع منها ما هو مفيد ومنها الضار على الإنسان وعلى صحته وعلى اقتصاد الثروة السمكية، وباختصار سمكة "البالون" التي ظهرت هذا العام تبين أنها سامة وتحمل "تتراتوكسين" في المبايض والكبد وتحت الجلد، وإذا لامست سمكة "البالون" جرح الإنسان ستؤدي لغثيانه ومن ثم الموت، وقد تسببت بدخول الكثير من الأشخاص إلى المستشفى، وهناك السمكة "البوقية" التي ظهرت منذ سبع سنوات فهي ضارة للاقتصاد المحلي فبيولوجيتها تتغذى على أسماك صغيرة محلية مثل "السردين" وعندما فتحنا معدة السمكة رأينا بداخلها أكثر من (25) فرداً من الأسماك الصغيرة وبالتالي اعتبرت بأنها سمكة منافسه للصياد».

أما عن الجانب الثاني من بحثه العلمي قال: «هذا الجانب تناول الأحياء البحرية المضرة بالسياحة ففي شهر شباط وجدنا "قنديل البحر" على شاطئ "الشقيفات" وهو حالة نادرة لأن هذا الحيوان يمر بطورين- الطور الصغير (البوليبي) ويكون ملتصق على الحجارة في قاع البحر من نهاية الخريف وحتى نهاية الربيع ثم يدخل الطور "الميدوسي" (مظلة) في فصل الصيف، واكتشفنا وجوده في الطور "الميدوسي" خلال شهر شباط بسبب ظاهرة التسخين الحراري فانقلبت الدورة البيولوجية له، وبما أنه يتغذى على يرقات الأسماك الصغيرة فإنه ينافس الصياد على الثروة السمكية».

وتابع قائلاً: «ونظرا لأهمية السلاحف البحرية في توازن البيئة البحرية وحماية التنوع الحيوي، تم اختيار موقع "الشقيفات– صنوبر جبلة" ليكون محمية "شاطئية– بحرية" ليس للسلاحف فقط، وإنما للأسماك والطيور المائية لما تتمتع به هذه المنطقة من خصائص جغرافية وبيئية متميزة».

أما عن عدد الدول التي شاركت في ورقة البحث العلمية في المؤتمر قال: «كان هناك 58 دولة بما فيهم الدول العربية شاركت في تقديم أوراق عمل للبحث العلمي في مجال البيئة وعلوم البحار في الوطن العربي».

وأخبرنا أن حفل توزيع الجائزة حضره من سورية الدكتور "آصف دياب" المدير العام للهيئة العليا للبحث العلمي في سورية و"عمرو أرمناز" المدير العام للمعهد العالي للبحوث العلمية و"راكان رزوق" المدير العام للمؤسسة العامة للاتصالات بالإضافة لنحو ثلاثين باحثا باختصاصات مختلفة من الجامعات ومراكز البحوث في سورية.

وتناول البحث العلمي أيضا التنوع الحيوي لـ(الفونا السمكية) في الحوض الشرقي للبحر الأحمر، والأنواع المهاجرة من البحر الأحمر والمحيط الهندي إلى البحر المتوسط والأسباب المؤثرة على ذلك، كما تناول الأنواع السمكية المشتركة بين البحر المتوسط والخليج العربي كمؤشر حيوي على الأصل الجيولوجي المشترك لهاتين المنطقتين، بالإضافة إلى تطور نشاطات ووسائل الصيد على المخزون السمكي في البحر المتوسط والخليج العربي خلال العقود الأربعة الأخيرة.

جائزة أفضل بحث علمي في علوم البحار لم تكن الجائزة الأولى لـ"أديب سعد" فقد نال عام 1991 تقديراً عن نتائج أبحاثه في مجال التلقيح الصناعي للأسماك ونقل نتائج الأبحاث من المخابر وتطبيقها ميدانيا في المجال الإنتاجي ونال جائزة (1995) من وزارة التعليم العالي لأفضل بحث علمي في مجال العلوم الزراعية– بالإضافة إلى ثناءات عديدة.

وأوضح "أديب سعد" أن إصدار القوانين يجب أن يكون مبنياً على البحث العلمي ويجب أن تترافق النتائج مع توعية بيئية وما زال يناضل لإنشاء المحمية الشاطئية على شاطئ "الشقيفات" لتكون محمية للسلاحف البحرية وخصوصاً السلاحف "ذات الرأس الكبير" لأنها موضوعة على القائمة الحمراء.

والجدير ذكره أن "أديب سعد" هو أستاذ علم الأسماك والبيئة المائية بكلية الزراعة في جامعة تشرين، والمدير العام للمؤسسة العامة للأسماك في سورية، ورئيس الجمعية السورية لحماية الساحل السوري والتي تعمل على حماية السلاحف البحرية.