«لا يعتبر سكان المنطقة "سوكاس" كلمة "عربية" أو "فينيقية" بل كلمة "يونانية"، وذكرت نصوص "رأس شمرا" مدينة تحت اسم "شوكسي" موجودة بين "أوغاريت" و"سيانو" ولكن من غير المحتمل أن اسم "سوكاس" يمكن أن يكون مشتقاً من "شوكسي" بصرف النظر عن الموقع الجغرافي للتل الذي يقع بين خليجين صغيرين على بعد سبعة كيلو مترات جنوبي مدينة "جبلة" ويرتفع (24)كم عن سطح البحر».

هذا ما أخبرنا به رئيس دائرة الآثار والمتاحف في "جبلة" المهندس "ابراهيم خيربك" عندما التقاه موقع eLatakia.

وُجِدت كسر كثيرة من الفخاريات المحلية والمستوردة كانت تستورد إما من "اليونان" أو صُنّعت في "فينيقية" بأيدٍ يونانية، وكسر من نوع "فيكلورا" وبعض كسر الجرار والأباريق اليونانية الشرقية المزينة بالخطوط المتماوجة، كما عثر أيضاً على قاعدة برونزية بشكل قائمة أسد فوقها قرد مضطجع، وهناك بعض الكسر من صنع محلي عليها كتابات يونانية تدل على وجود يونانيين في مدينة "تل سوكاس"

وأضاف "خيربك" عن نتائج عمليات التنقيب في تل "سوكاس" من قبل البعثة الدنماريكة عام (1958- 1963) قائلاً: «كشفت الحفريات عن حفرة أجراها رجال المدفعية في الحرب العالمية الأخيرة وخنادق تعود ترجيحاً للحرب العالمية الأولى، ولكن أعمال الحربين أتلفت جزئياً التحصينات القديمة التي كانت مُغيّبة في الأرض وهي عبارة عن بقايا سور منحوت السطوح مبني بنفس أسلوب السور لكن بعناية أقل، وباب لبرج في الواجهة الغربية، ويبدو أن السور والبرج قد تهدّما إثر زلزال كما أنه عثر في بعض الأماكن على آثار حريق.

موقع تل "سوكاس" المطل على سهل جبلة

ونظراً للعثور في أسفل البرج على كسرة من الفخار الرصاصي المشابه لفخار مرفأ القديس "سمعان" من القرن الثالث عشر، فإننا نرجّح أن البرج بُني بعد استعادة الصليبيين للمنطقة، ووجود نقود إسلامية من القرن الرابع عشر مع الأحجار المنهارة من الجدران يميل إلى الاعتقاد بأن تهدّم البرج حصل في زلزال، أما الحريق فقد يكون معاصراً لاستيلاء السلطان "قلاوون" على "جبلة" أو على قلعة "المرقب"».

أما عن المكتشفات الأثرية في التل قال "خيربك": «عثرنا على سراج وإبريق إسلاميان من مكتشفات العصر الوسيط، وأربعة أوانٍ قريبة من الخزف المسمّى (العربي- هندي) ولكنها مصنوعة من مادة سوداء أو رمادية مائلة للسواد عليها تزيينات تشكيلية أو محزّزة تتشابه هذه الأواني مع الفخار الأسود الأوروبي والراحج أنها من فخار الصليبيين العادي.

المهندس "ابراهيم خيربك"

أما العهود الأقدم فتتضح طبقاتها حيث وجدت آثار هيلنيستية وهي عبارة عن جدران بيوت تهدمت في القرن الثاني قبل الميلاد، وهناك كنز هيلنيستي صغير مؤلف من عشرة نقود فضية عُثر عليها في جرّة مخبأة تحت الأرض في زاوية بيت، ولعل هذه النقود قد خُبِئت خلال الحروب السورية الثالثة (246-241) قبل الميلاد، ومن أهم اللقى التي عُثر عليها في تلك البيوت القسم السفلي لتمثال فخاري صغير يمثل طفلين وهناك في مربعات أخرى بيوت لها نفس الاتجاه وتم الكشف عن شارع مبلّط بحجارة كبيرة غير منحوتة».

وتابع رئيس دائرة الآثار والمتاحف في "جبلة" قوله: «وُجِدت كسر كثيرة من الفخاريات المحلية والمستوردة كانت تستورد إما من "اليونان" أو صُنّعت في "فينيقية" بأيدٍ يونانية، وكسر من نوع "فيكلورا" وبعض كسر الجرار والأباريق اليونانية الشرقية المزينة بالخطوط المتماوجة، كما عثر أيضاً على قاعدة برونزية بشكل قائمة أسد فوقها قرد مضطجع، وهناك بعض الكسر من صنع محلي عليها كتابات يونانية تدل على وجود يونانيين في مدينة "تل سوكاس" ».

وختم "ابراهيم خير بك" حديثه لموقعنا بالقول: «لقد أكدت أعمال الحفريات عن أهمية الموقع خلال الألف الأول والثاني قبل الميلاد (الحضارة الكنعانية والفينيقة )، وقد اعتُبِر الموقع أحد المرافئ الرئيسية الواقعة في سهل "جبلة" الذي شهد قيام نشاطات تجارية واسعة مع دول حوض المتوسط خلال تلك الفترة، وحتى الآن لا نستطيع أن نجيب بالنفي أو التأكيد على وجود فترة غامضة بين مدينتي عصر البرونز وعصر الحديد في "تل سوكاس"، كما لا نستطيع تحديد زمن مجيء اليونانيين للسكن فيه».