في كل عام تشهد "اللاذقية" عدة ملتقيات تشكيلية يشارك فيها عشرات الفنانين ويتابعها جمهور من مختلف الأعمار والأجناس، لكن دور هذه الملتقيات في إغناء الحركة التشكيلية في "اللاذقية" ظل بين أخذ وردّ، كذلك تأثيرها في المتلقي.

الملتقيات هي عبارة عن تظاهرة فنية يشارك فيها مجموعة من الرسامين أو النحاتين أو كلهم معاً، ويقوم كل فنان بالاشتغال على عمله الفني أمام الناس وفي نفس الوقت مع بقية الفنانين، حيث يتابع الفنانون والجمهور مراحل إنتاج العمل الفني لكل فنان من اللحظة الأولى وحتى الأخيرة.

كانت هزيلة ولم تخدم المتلقي ولا المشاهد، والفنان كان دوماً هو الخاسر الأول، لأنه لم يأخذ أي مقابل مادي أو معنوي على الجهد الذي بذله خلالها، فعمله بالنهاية إن كان عملاً نحتياً لم يعرض في المكان اللائق، وإن كان لوحة فلا أحد يعرف ما هو مصيرها

يقول الفنان "بولص سركو" لمدونة وطن "eSyria" في 11 حزيران 2014، طارحاً رأيه بدور الملتقيات: «بالتأكيد تلعب الملتقيات دوراً بارزاً في النشاط الفني وإغناء الحركة التشكيلية، لأن كل عمل جماعي يحقق تلقائياً نتائج أكبر من العمل الفردي، خاصة أن هذا العمل الجماعي ليس مجالاً لخلافات فكرية وغيرها بل بكونه إبداعاً هو مجال للتنافس الإيجابي.

"بولص سركو"

كما أن الملتقيات فرصة كبيرة للتعارف التقني في مجال العمل والأسلوب وغير ذلك، ولكن فائدة الملتقيات قد لا تظهر بسرعة خصوصاً في الظروف الاستثنائية، فإنها تحتاج وقتاً لكي يأخذ التعارف التقني مفعوله ويساهم في فتح آفاق جديدة على المستوى الشخصي للفنان».

الملتقيات الخاصة لم تلعب دوراً مفيداً، وحدها تلك التي أقيمت برعاية وزارة الثقافة هي من ساهمت وتركت أثراً من وجهة نظر الفنان "سموقان"، الذي يقول: «ملتقيات الوزارة رُسّخَ منتجها بين الفنانين والمتلقين لأن الأعمال التي نفذت خلالها تم عرضها في ساحات المدينة، حيث استطاع المشاهد رؤية عمل فني في الشارع والتعامل معه. وأتمنى لو تتكرر تلك الملتقيات؛ فهي تحقق الخدمة للفنان والمشاهد والمدينة معاً، لكن للأسف لم تكن هناك ملتقيات للتصوير الزيتي سوى الملتقى الذي أقامته نقابة الفنون التشكيلية بـ"اللاذقية" بمناسبة مهرجان المحبة، وكان من الممكن أن يكون ذلك المهرجان قاعدة يؤسس عليها لملتقيات أكثر فعالية وخدمة للفنان والمشاهد والمدينة».

"سموقان"

الفنان التشكيلي الذي أقام عشرات المعارض داخل "سورية" وخارجها وجه انتقاداً للملتقيات الخاصة وغياب دورها ووصفها قائلاً: «كانت هزيلة ولم تخدم المتلقي ولا المشاهد، والفنان كان دوماً هو الخاسر الأول، لأنه لم يأخذ أي مقابل مادي أو معنوي على الجهد الذي بذله خلالها، فعمله بالنهاية إن كان عملاً نحتياً لم يعرض في المكان اللائق، وإن كان لوحة فلا أحد يعرف ما هو مصيرها».

إغناء الحركة التشكيلية يأتي من خلال التواصل أو التماس المباشر ما بين الفنانين أنفسهم ليحدث التأثر والتأثير الإيجابي، هذا ما يراه الفنان التشكيلي "بسام ناصر"، ويضيف متحدثاً عن الملتقيات: «تساهم في تثقيف المتلقي وتقريبه أكثر من العمل الفني من خلال اطلاعه على كيفية بناء العمل الفني لكل فنان، وما يرافق ذلك من متعة المشاهدة والثقافة الفنية المكتسبة خلال مراحل بنائية اللوحة والتواصل الفعال والمباشر بين الفنان والمتلقي، وتأثير ذلك في إغناء الحركة التشكيلية».

من معرض ملتقى "رواسي"

ويتابع "ناصر": «في الملتقيات الفنان الحقيقي يتأثر، أما المدعي فيتحول إلى مقلد، الفنان الحقيقي يكون تأثره غير مباشر وغير سريع حيث يكتسب معارف أو أشياء جديدة، ويعيد تدويرها بما يتوافق مع تجربته، وهنا يكمن عنصر من عناصر الإبداع وليس التقليد، ومن هنا يمكن القول: إن الملتقيات تساهم في الفرز بين الفنانين والمقلدين».

من الواضح أن الملتقيات تلعب دوراً في إيجاد حالة من التواصل والحوار الفني الثقافي بين الفنانين، وتخلق جواً جميلاً بينهم، ما يغني ويطور الحركة التشكيلية، ويعمق الألفة والتعارف الشخصي ما بين الفنانين، ويحد من الأنا والغرور، حسب وصف الفنان "ناصر".