يشعر عشرات الآلاف من زوار سوق "الريجي" يومياً بعبق الريف وأصالة التاريخ، وهم يتجولون لشراء حاجياتهم اليومية من منتجات قرى محافظة "اللاذقية" الزراعية والحيوانية. فالسوق الذي كان في الماضي عبارة عن بساتين صغيرة للخضار والحمضيات غزته الكتل الإسمنتية، ومحت ملامحه القديمة، باستثناء عقار أو اثنين تنطق حجارتهما بالكثير من القصص والحكايات عن تاريخ المدينة.

"سوق الريجي" عبارة عن شارع يمتد لمسافة تقارب 450 متراً، ويضم نحو 225 محلاً على طرفي الشارع، وأبرز معالمه الحديثة الكراج الطابقي الذي أقيم مكان مستودعات "الريجي"، التي كانت تستخدم لتخزين منتج الدخان الخام. ويرتبط السوق بالمنطقة الصناعية القديمة بثلاثة طرق صغيرة، فيما يتصل مع حي "مار تقلا" بخمسة شوارع فرعية، وبداية الشارع من الجهة الشرقية تقع بالقرب من مديرية المالية، فيما تطل الجهة الشمالية على ساحة "الشيخ ضاهر"، وتلاصق ثانوية الشهيد "جول جمال".

نشأت وتربيت في هذا الحي من أيام الاحتلال الفرنسي، وكان يتكون من عدة منازل عربية الطراز، تحيط بها مزارع صغيرة تزرع فيها الخضار "الباكورية" والخس. ومن العائلات التي كانت تسكنه: "آل المز، الآج ، مكية، السراج، منى". وأبرز ما كان فيه مقر نادي "الجلاء" سابقاً، و"تشرين" حالياً، ومخبز قديم، وكراج للصيانة لآل "الشبار"، وذلك في خمسينات القرن الماضي

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 حزيران 2018، التقت الحاج "محمود مز" البالغ من العمر 85 عاماً، وصاحب محل لتصنيع وبيع الحلاوة السكرية، حيث قال: «كان السوق عبارة عن طريق مع بعض الأبنية، وكانت البساتين تحيط به، كان بداية تكوّن السوق الذي نراه حالياً عام 1967، وكانت الأبنية نادرة، فبساتين الحمضيات والزيتون تحيط بالمكان، وكنت أقف هنا وأرى البحر، جاء التحول بتحويل البساتين وفرزها إلى مقاسم عام 1969، والشارع الحالي كان غير معبد، ويضم بعض المحال، وشيئاً فشيئاً بدأ العمران يتسع، وبات السوق على وضعه الحالي، وأخذ اسم سوق "الريجي"، مع أن التسمية الرسمية له شارع "أبو فراس الحمداني"، وترجع تسميته إلى مخازن مؤسسة التبغ التي كانت تشغل جزءاً من السوق، وحالياً تحول مكانها إلى مرآب للسيارات من ثلاثة طوابق».

الحاج محمود مز

التاجر "محمد رمضان أوغلو" الذي يمتلك محلاً لبيع الخضار، وفي السابق كان يبيع منتجات الريف من زيوت وألبان ومشتقاتها، وعمره 79 سنة، تحدث عن ذكرياته مع السوق، فقال: «منذ الستينات، كان السوق يضم محال معظمها متعلق بتصريف منتجات الريف، كما كان فيه كراج من المدينة إلى بعض مناطق الريف، ومقره بالقرب من ثانوية "جول جمال" في ساحة "الشيخ ضاهر"، وبعدها تحول إلى مقر سيارات كراجات حيي "قنينص" و"الدعتور". والسوق منذ إنشائه كان وجهة أبناء الريف لتصريف أرزاقهم، وكان رديفاً لسوق "الهال" الوحيد في المدينة، الذي لا يبعد سوى أمتار عن مدخل سوق "الريجي" من جهة شمال شرق السوق حالياً، ويتم بيع الخضار والفواكه، إضافة إلى محال بيع لحوم الدواجن والزيوت والبن والمحامص، والمفروشات، ومخبز ومكتبات ومحال متنوعة أخرى».

الحاج "عبد الحميد مكية" البالغ من العمر 85 سنة، الذي عاش طفولته في الحي، يقول: «نشأت وتربيت في هذا الحي من أيام الاحتلال الفرنسي، وكان يتكون من عدة منازل عربية الطراز، تحيط بها مزارع صغيرة تزرع فيها الخضار "الباكورية" والخس. ومن العائلات التي كانت تسكنه: "آل المز، الآج ، مكية، السراج، منى". وأبرز ما كان فيه مقر نادي "الجلاء" سابقاً، و"تشرين" حالياً، ومخبز قديم، وكراج للصيانة لآل "الشبار"، وذلك في خمسينات القرن الماضي».

عبد الحميد مكية

"محمد سليطين" يعرفه رواد السوق باسم "أبو علي قاسم"، وهو يشتري ويبيع المنتجات الريفية، وعنه يقول: «يضج السوق بالناس من الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة ليلاً، نبيع الخضار بمختلف أنواعها البرية والمروية، والجوز واللوزيات، والتين، وورق العنب، وأغلب المنتجات يأتي بها ابن الريف سواء من لديه أرض يعمل بها، أو الموظف الذي يجلب بعض مما تجود به أرضه. السوق مكان مميز لتصريف منتجات أهل القرى، وبأسعار تناسب جميع الشرائح مادياً، وهو شبه مكتمل، لكن ينقصه مطعم أو محل صغير للوجبات السريعة. يمتاز السوق بكثرة البسطات الشعبية، وقسم منها يعود إلى أبناء الريف الذين يقدمون يومياً لبيع منتجاتهم».

خضار وفواكه