استطاع طلبة من عائلة "زكي" النجاح والتفوق في اختصاصاتهم الجامعية المختلفة ونيل شهادة "الباسل" للتفوق لسنوات متتالية، وهم: "ديمة"، و"محمد"، و"عزيز"؛ الإخوة الثلاثة الذين وفدوا من محافظة "الرقة" بسبب ظروف الحرب للدراسة بجامعة "تشرين" في "اللاذقية".

مدوّنة وطن "eSyria" التقتهم بتاريخ 27 آب 2018، فتحدثت "ديمة زكي" عن دراستها الجامعية قائلة: «تخرّجت في كلية الهندسة الزراعية، قسم علوم أغذية، حيث داومت في جامعة "الفرات" عام 2013، ثم انتقلت إلى جامعة "تشرين" بسبب الظروف، وكان لدي اهتمامات كثيرة برزت في مدارس "الرّقّة"، وكنت من المتفوقات في مدرستي إيماناً مني بأن كل سبل الحياة تُفتح من خلال المجال الذي تميزت به، كما تأقلمت مباشرة مع مجتمعي الجديد وجامعتي، وأنظّم وقتي ودراستي.

منذ طفولتهم أزرع بداخلهم البذور التي تؤسس لهم حياة ناجحة وهانئة بمجالات مختلفة، فقد تغلبوا على الظروف المادية والنفسية بالمحبة والمثابرة، كنا ننعم بحياة سعيدة في "الرّقّة"، وأسسنا لبناء مستقبل أبنائنا وتعزيز شخصياتهم بالقيم الاجتماعية والأخلاقية، إضافة إلى نشاطات تنميهم؛ وهو ما جعلهم متفوقين في مراحلهم الدراسية كافة، كما أن "ديمة" و"محمد" تعلّما الرسم والفنّ التشكيلي ولهما مشاركات دائمة في أعمالي ومعارضي، وأحصد اليوم بنجاح أولادي الجهود التي قدمتها ووالدهم

حصلت على شهادة "الباسل" في السنتين الرابعة والخامسة، وتقدمت لنيل الماجستير ونجحت، فقد حددت هدفي، وهي الخطوة الأولى في مسيرتي الجامعية، وما زلت وأخواي نساعد بعضنا بعضاً في الدعم والتنظيم، إضافة إلى ميولي الأدبية والفنية».

محمد وعزيز

"محمد سيف الدين زكي" يتحدث قائلاً: «تخرّجت هذا العام في كلية الآداب، قسم التاريخ، وكنت قد جئت إلى "اللاذقية" عام 2014 بعد أن نجحت في الثانوية العامة في "حماة"، وعانينا كثيراً في السابق، ولم نستطع التعلم بطريقة صحيحة، كنا نأخذ الدروس بالخفاء ونخبّئ الكتب كي لا يراها أولئك المعتدون، فالدراسة والتدريس ممنوعان، ويعتقلون الأساتذة في "الرّقّة"؛ وهو ما سبّب انقطاعي عن الدروس، وخاصة أنني شاب، فخرجت إلى "حماة" بمفردي لتقديم امتحان الثانوية العامة، وبعد ذلك عدت إلى "الرّقّة" واتفقت مع أهلي للذهاب إلى "اللاذقية" بغاية الدراسة.

سجلت في قسم التاريخ، حيث كان طموحي كبيراً لكن الظروف عاندتني؛ وهو ما اضطرني للعمل في معامل ومطاعم إضافة إلى دراستي الجامعية، ثم حاولت التركيز على دراستي، ونلت شهادة "الباسل" للتفوق الدراسي في السنتين الثالثة والرابعة، واستطعت التخرج خلال أربع سنوات أثبتت وجودي من خلال صفوفي وحلقات البحث التي كنت ألقيها أمام الطلاب وأناقشها، ربما أخذ العمل من وقتي، لكنني استطعت أن أنجز، وأذكر مراحل الدراسة الأولى وحبّي لمادة التاريخ والبحث فيه، وسجلت التاريخ رغبة مني، كما أن أغلبية الناس في "اللاذقية" يعرفونني وأجد في نظراتهم الإعجاب بعملي وتفوقي، ونجحت في الاختبار الوطني للماجستير للغات، وتعلقت بعمل والدتي اليدوي والرسم، وتدربت في نادٍ وأساعدها بالأفكار والألوان».

د. علي عياش

فيما يتحدث "عزيز زكي" عن نجاحه ومسيرته الدراسية قائلاً: «انتسبت إلى كلية الحقوق عام 2011 بجامعة "الفرات" في "دير الزور" على الرغم من رغبتي بدراسة اللغة الإنكليزية، وتابعت دراسة الحقوق بمعدلات عالية وحققت تميزاً لافتاً في الجامعة بشهادة الأساتذة الجامعيين وأصدقائي، وفي السنة الثالثة طالت الحرب "دير الزور" وكنت أذهب إلى الجامعة على الرغم من ذلك، لكن ازدادت الأوضاع سوءاً؛ وهو ما أدى إلى حصار المدينة وإغلاق الجامعة، ثم أُذيع بعد مدة أن المسلحين أحرقوا السجلات كافة في الجامعة، وحين انتقلت مع أهلي إلى "اللاذقية" كان هدفي إكمال الدراسة، لكن لم أستطع إثبات سيرتي الجامعية بعد إحراق السجلات، وعلى الرغم من محاولاتي ومراسلاتي لموظفي الجامعة، لم يتوقف الطموح وقررت الصعود بحلمي الأول وهو اللغة الإنكليزية، وسجلت في التعليم المفتوح، قسم الترجمة وبتّ أركز على اللغة وصقلها بوسائل عدة، وكنت قد حصلت على شهادة Advance من معهد "التوفل" الدولي، وأثناء دراستي كنت أراسل جامعات اللغة العالمية، وحصلت على شهادات إلكترونية من جامعة "Arizona" الكندية، وفي الوقت ذاته وصلت في السنة الثالثة في الترجمة إلى أعلى المعدلات، وكنت من أبرز طلاب الدفعة ويشيد بذلك الدكتور "أحمد العيسى"، ثم تخرجت وأنتظر تكريمي بشهادة الباسل للتفوق في المرحلة القادمة».

الدكتور "علي عياش" أستاذ في قسم علوم الأغذية في كلية الهندسة الزراعية في جامعة "تشرين"، قال: «استطاعت الطالبة "ديمة زكي" أن تلتقط مفاتيح النجاح والتفوق في سنواتها الجامعية للمتابعة ونيل شهادة التفوق، وكانت مثالاً للطالبة المنضبطة والملتزمة، وتشارك أثناء المحاضرة ولديها جرأة للسؤال والاستفسار، وتريد المعرفة والتعلّم، تميزت "ديمة" بالذكاء الاجتماعي ومتفوقة على ذاتها، وتسلك سلوكاً منضبطاً في مجالات حياتها المختلفة، وشخصيتها متماسكة، فقد استطاعت وأخواها اللذان عرفتهما فيما بعد التغلب على الظروف الصعبة والتفوق؛ فهم يستحقون النجاح والتفوق ووجدت أنهم يمتلكون أفقاً حضارياً وتفاعلاً اجتماعياً، يسعون إلى الهدف بالمثابرة والمتابعة ومتابعتهم الدراسات والتعليم العالي».

شهادات الباسل للتفوق

الفنانة التشكيلية التراثية "أمل الحسين" والدة الطلبة، التي حصدت في "اللاذقية" ما زرعته في "الرقة"، تقول عنهم وعن ظروف العائلة: «منذ طفولتهم أزرع بداخلهم البذور التي تؤسس لهم حياة ناجحة وهانئة بمجالات مختلفة، فقد تغلبوا على الظروف المادية والنفسية بالمحبة والمثابرة، كنا ننعم بحياة سعيدة في "الرّقّة"، وأسسنا لبناء مستقبل أبنائنا وتعزيز شخصياتهم بالقيم الاجتماعية والأخلاقية، إضافة إلى نشاطات تنميهم؛ وهو ما جعلهم متفوقين في مراحلهم الدراسية كافة، كما أن "ديمة" و"محمد" تعلّما الرسم والفنّ التشكيلي ولهما مشاركات دائمة في أعمالي ومعارضي، وأحصد اليوم بنجاح أولادي الجهود التي قدمتها ووالدهم».

الجدير بالذكر، أن الإخوة الثلاثة من مواليد مدينة "الرّقّة"، ومواليدهم هي: "محمد" عام 1997، و"ديمة" عام 1996، و"عزيز" عام 1993.