لم تدرس "شمس درويش" الفن أكاديمياً لشغفها بالفن الفطري الموجه إلى روح المتلقي، ولم تتبع الرسم الرمزي، بل اتجهت نحو التجريدي سعياً لتكون لوحاتها مرآة لذلك المتلقي، تلك اللوحات التي يفسرها المشاهد حسب رؤيته.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 28 تشرين الأول 2018، الفنانة "شمس درويش" التي واظبت منذ نعومة أظفارها على الرسم، واتبعت أسلوبها الخاص، فتحدثت عن البدايات بالقول: «منذ طفولتي وأنا أرسم وأشكل اللوحات، كانت أمي أكثر من آمن بي وشجعني، ودائماً كانت تقول إن "شمس" ترسم بأسلوب مختلف عن بقية الأولاد. لم أتوقف عن الرسم حتى في الحصص الدرسية، وكثيراً ما كنت أجد نفسي أكثر تركيزاً في حصة العلوم والرياضيات عندما أمارس الرسم والمدرّس يشرح الدرس، أحببت الحالة الفطرية التي أرسم بها؛ فلم أتبع أسلوب أحد أو مدرسة فنية محددة، لقد كنت أسعى لأجد أسلوبي الخاص الذي يميزني عن غيري».

اخترت الابتعاد عن الدراسة الأكاديمية للفن، فيمكنني الحصول على المعرفة الأكاديمية من خلال التجارب والحياة، كما أردت الابتعاد عن التقيد بالفن الأكاديمي الذي يجعلني نسخة عن أحد المدارس المتبعة، وساعدني الفنان "وولف لومان" بالعمل على الأخذ من الخبرة الأكاديمية من دون أن تأخذني، وكانت أعمالي التي أقدمها خاصة بي، وموجودة في بيئتي، ومتأثرة بتجربتي الخاصة أكثر من تأثرها بفنانين آخرين

وتتابع الحديث عن المراحل التي مرّت بها في الرسم: «اخترت الابتعاد عن الدراسة الأكاديمية للفن، فيمكنني الحصول على المعرفة الأكاديمية من خلال التجارب والحياة، كما أردت الابتعاد عن التقيد بالفن الأكاديمي الذي يجعلني نسخة عن أحد المدارس المتبعة، وساعدني الفنان "وولف لومان" بالعمل على الأخذ من الخبرة الأكاديمية من دون أن تأخذني، وكانت أعمالي التي أقدمها خاصة بي، وموجودة في بيئتي، ومتأثرة بتجربتي الخاصة أكثر من تأثرها بفنانين آخرين».

القهوة والإكرليك

أما عن أسلوب الرسم فتقول "شمس": «أنا فنانة تجريدية ولا أحب الفن الرمزي، فالفن مساحة للروح، ويجب تقديس المفاتيح الروحية وعدم العبث بها؛ لذا أقدم لوحات يمكن أن ترى الروح في داخلها، فقدمت أسلوباً جديداً عبارة عن بناء العناصر الصغيرة، مثل أن أبدأ بأرضية مائية، ثم أضيف إليها خطوطاً غير مستمرة؛ أي بلورة الخطوط والرسمة بما يشبه تركيب قطع "البازل"، وقد لاقى هذا الأسلوب رفضاً أكاديمياً في الساحة السورية، لكنه لاقى إقبالاً عالمياً باعتباره أسلوباً جديداً على الساحة الفنية، وبعد أن قدمت نحو 46 عملاً انتقلت إلى تجريب أمور جديدة منها القهوة، فاستخدمتها برسم لوحات تجريدية ذات عمق وأبعاد، لكن بإضافة الألوان إليها، فقدمت لوحات تجريدية تحوي نوراً وظلاً وكتلة من دون الدخول إلى الرمزية، حيث يتمكن الناس غير الدارسين للفن من قراءتها وتفسيرها بسهولة، لأنني في النهاية أرسم لأولئك المحبين والشغوفين بالفن».

وعن فن "شمس" يتحدث الفنان "مازن غانم" بالقول: «هي من الفنانات الشابات التي مازالت تناضل من أجل نفسها، ولتحقيق ما بقي منها بالحياة واللون والمبدأ والقلق المستمر، لذلك نشاهدها دائماً مترقبة ومتيقظة لما يحصل من حولها، لا تشبه أحداً من فنانات هذا الجيل الفني النسائي الذي يتخبط بمشكلاته اليومية، ويفرزها بأشيائه الخاصة والتفاصيل المملة، لديها هاجس اللون وتفاصيل الخطوط الحادة، وربما بعض أحلامها الخاصة قد بان على تلك الأوراق والأقمشة فيما بعد. لم تمتهن الواقعية، وكانت بعيدة عن مجريات الأمور التي تحصل ضمن مجتمعنا العربي، فربما تمكنها من اللغة ساعدها كثيراً لكشف شفيرة الفن المعاصر، وما يدور في الخارج من مجريات وتطورات للفن الحديث، فهي تجربة غريبة وفريدة ومعاصرة للواقع الفني الجديد».

بناء العناصر الصغيرة أو بلورة الرسم

يذكر أن "شمس درويش" من مواليد "اللاذقية" عام 1982، خريجة هندسة إلكترون من جامعة "تشرين".

مازن غانم