خالف "عبد الرحمن شنن" الكثيرين من أبناء جيله باعتماده الدراجة الهوائية وسيلة لتنقلاته القصيرة والطويلة، لتصبح جزءاً من كيانه الخاص ووسيلة ترحاله إلى ريف "اللاذقية" مستكشفاً ومدوناً.

مدونة وطن "eSyria" التقت "عبد الرحمن شنن" بتاريخ 10 تشرين الثاني 2018، ليتحدث عن بدايته مع الدراجة الهوائية، قائلاً: «بدأت ركوب الدراجة الهوائية كشاب في السنة الدراسية الجامعية الأولى بكلية الهندسة المعمارية في جامعة "تشرين"، حيث اقتنيت دراجة من نوع "كورس"، وهي الأكثر رواجاً لدينا، وقمت بإجراء صيانة بسيطة لها، قبل أن أستخدمها في كل تنقلاتي، حيث وفرت عليّ الكثير من الجهد وانتظار وسائط النقل ما بين الجامعة ومنزلي وأسواق "اللاذقية"، وكل مدة كنت أقوم بتبديل بعض القطع بغية تخفيف ثقلها لتكون بأتم الجهوزية. وبعد مدة من الزمن أخبرني أحد الأصدقاء بأن هناك مجموعة اسمها "مع البسكليت أحلى" تقوم بجولات ضمن المدينة كل يوم سبت، وانضممت إليها وزملائي "صلاح الرملي، محمد جودة، رغد فاروسي"، وبدأنا توسيع رقعة مسيرنا وتخطينا حدود المدينة، وزاد عدد المنتسبين لممارسة اللعبة من الجنسين، وزادت المسافات لكل سباق أو مسير نقوم به».

صداقتي مع "عبد الرحمن" قوية، وزاد من متانتها حبه لمساعدة الآخرين، وكان يفضّل مساعدة رفاق الدرب في حال تعرضت دراجتهم لأي عطل، فكان بمنزلة مسعف للدراجات وصيانتها مع الشباب، كما كنت مسعفاً لأي فرد يصاب من الفريق، جمعتنا الدراجة وتحوّلنا إلى فريق بات أسرة واحدة

وتابع: «الفكرة كانت مغامرة وحب للتعرّف إلى ريف المدينة، وأصبحت الدراجة جزءاً مني، ونسيت كل وسائل المواصلات، وبأي لحظة أقوم بركوب الدراجة وأذهب إلى أي منطقة بالمدينة وخارجها. ومن خلال الرحلات التي نقوم بها تعرّفت إلى أصدقاء باتوا بالنسبة لي أكثر من إخوة، نسير معاً ونحتفل بأعياد الميلاد، ونعيش الفرح والحزن معاً، ونغوص بأعماق طبيعة بلادنا الساحرة، من جبال ووديان وبحر وأنهار، مناطق كثيرة قمنا بالمسير إليها، والأجمل أهل تلك المناطق الذين يستقبلوننا ويحتفون بنا، وبمسيرنا نشعر بأصغر الأشياء من ورق الشجر والحيوانات، والدراجة تبقى الصديقة الوفية للبيئة».

عبد الرحمن شنن

وعن اللقب الذي أطلقه عليه الناس، وكيف يتعامل مع خطط المسير، أضاف: «بعضهم يطلقون عليّ لقب "ابن بطوطة" العصر الحديث، وهذا يسعدني؛ لأن "ابن بطوطة" كان يستكشف البلاد ويتعرّف إلى حضاراتها، وقدم لنا الكثير من المعلومات، وأنا وزملائي نسعى للتعرّف إلى مناطقنا وبلداتنا؛ خاصة المنسية منها، التي يصعب الوصول إليها بالسيارات.

قبل أي مسير نقوم بدراسة واقع المنطقة التي سنتجه إليها بتضاريسها وتشعباتها وطرقها مستعينين بخريطة للمحافظة، وأول مسير قمنا به كان إلى "جوبة برغال" بمدينة "القرداحة"، وكنا حينئذٍ 5 شباب، واستكشفنا عدداً من مواقع المنطقة، ومنها موقع لشلالات غزيرة، وزرنا أودية "عنانيب"، و"الحفة"، و"قسيس"، وشلال "النهر الأسود" قرب قرية "جالية"، و"مشقيتا"، ونهر "القش"، وأماكن أخرى صعدنا بها جبالاً ونزلنا إلى وديان، واللافت أننا وبعد كل مسير ننشر صوره على مواقع التواصل الاجتماعي؛ وهو ما يشجع الكثيرين إلى زيارة تلك المناطق بعد أن شاهدوا مدى روعة وجمال تلك المناطق».

عبد الرحمن شنن مع زملاء له بمجموعة مع البسكليت أحلى

وعن هواياته الأخرى، وتعلّقه بالرياضة كمسار حياة، أضاف: «مارست ألعاب كرة القدم والسباحة، لكنني أحب الرياضة بلا حدود أو مكان واحد، وهو ما دفعني إلى الدراجات لأن فيها حرية وانفتاحاً مستمراً على العالم، ما زلت ألعب كرة القدم بعد ممارستها في المدرسة والحي، ولم أنتسب إلى نادٍ معين، كرة القدم لعبة جماعية تحتاج إلى مجموعة من اللاعبين لديهم ذات الأفكار، بينما الدراجات لعبة فردية وجماعية بآن واحد، وعلى الرغم من ممارستي لرياضة الدراجات، إلا أنني مازلت أعشق السباحة سواء على شواطئ المدينة، أو خلال ترحالي في ريفها، فالرياضة حالة من الصفاء والحياة، ورحلة شائقة وممتعة وتشعر بالراحة النفسية التي يجب على الجميع ممارستها يومياً».

"حلا سعود" عضو في "مع البسكليت أحلى" قالت: «فكرة الترحال والمسير بالدراجات رائعة، لكننا واجهنا مصاعب في البدايات، واستخفاف الكثيرين بما نقوم به، لكننا بقينا مصمّمين على متابعة مشوارنا، وحصدنا ثمار ذلك بزيادة عدد المنتسبين إلى المجموعة، واتساع رقعة المناطق التي نزورها. وبات الآن مشهد ركوب الفتاة للدراجة عادياً، ونرى الكثيرات من الفتيات يأتين إلى الجامعة على دراجة. "عبد الرحمن" ساهم بنشر هذه الثقافة من خلال تأمين الدراجات وتدريب المنتسبين الجدد مع عدد من الشبان، ومن لا يمتلك دراجة يتم استئجار دراجة له بأسعار رمزية».

من إحدى الرحلات الاستكشافية

"إبراهيم جبيرو" طالب بمعهد التمريض، ويعمل مسعفاً مع الفريق، قال عن علاقته بـ "عبد الرحمن": «صداقتي مع "عبد الرحمن" قوية، وزاد من متانتها حبه لمساعدة الآخرين، وكان يفضّل مساعدة رفاق الدرب في حال تعرضت دراجتهم لأي عطل، فكان بمنزلة مسعف للدراجات وصيانتها مع الشباب، كما كنت مسعفاً لأي فرد يصاب من الفريق، جمعتنا الدراجة وتحوّلنا إلى فريق بات أسرة واحدة».

يذكر أن "عبد الرحمن شنن" من مواليد "اللاذقية" عام 1993، طالب سنة خامسة هندسة معمارية، وهو عضو في "مع البسكليت أحلى"، وهي مجموعة تهتم بنشر ثقافة "البسكليت" بين الشباب والصبايا، وتشجعهم على استخدامها كوسيلة نقل بيئية، وتشجع على التنمية المستدامة وتقليل التلوث الناجم عن مخلفات السيارات.