تميّزت بحضورها العلمي في قاعات وأروقة كلية الزراعة بجامعة "تشرين"، واتخذت خطوات جديةً في مجال التقانات الحيوية، فأشرفت على مركزه وأحدثت مخبره، وسعت إلى التطوير الزراعي الدائم بمهنيتها وغزارة علمها.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الدكتورة "وفاء شومان" بتاريخ 25 تشرين الثاني 2018، لتحدثنا عن مسيرتها العلمية بالقول: «كانت كلية الزراعة من أوائل الكليات التي افتتحت في جامعة "تشرين"، وكنت أسكن مقابل الكلية، وكثيراً ما يشدني منظر طلابها، وهم يستقلون باص الجامعة ليأخذهم في رحلاتهم العلمية وجولاتهم الميدانية إلى الأراضي الزراعية والغابات والحراج ومصانع المواد الغذائية، فتكونت لدي فكرة أن الهندسة الزراعية من الدراسات الممتعة المملوءة بالحياة، لذلك لم أتردد بانتسابي إليها، كانت تسمى كلية الزراعة حينئذٍ، وليس الهندسة الزراعية كما هو الحال في أيامنا هذه، ولم أندم في يوم من الأيام على دخولها، وعلى الرغم من صعوبة بعض المقررات، فقد كنت أستمتع بدراستها، ومتابعة الجلسات العملية التي عرفتني إلى الحياة الزراعية التي كنت أجهلها تماماً، وساعدني اهتمامي بالمقررات على التفوق بسنواتي الدراسية الأربع، كانت مدة الدراسة أربع سنوات وليس خمس، كما هو حالياً، لم أرسب بأي مقرر خلال تلك السنوات، ولم أعرف ما الدورة الثانية؛ لأنني لم أحتج إليها في يوم من الأيام».

الدكتورة "وفاء شومان" من القامات العلمية المرموقة في جامعة "تشرين"، وهي من الأسماء اللامعة في مجال شهد تطوراً علمياً لافتاً خلال السنوات الأخيرة، وما يزال، وهو مجال التقانات الحيوية، لقد ساهمت بمهنية عالية في نقل المعرفة إلى جمهور كبير من الطلاب والمهتمين في هذا المجال، سواء من الناحية النظرية عبر محاضراتها الأكاديمية، أو من الناحية العملية من خلال الدورات التدريبية والمخابر المتطورة التي ساهمت في تأسيسها ضمن الجامعة، كما أن لها رصيداً مهماً من الأبحاث المنشورة في مجلات محلية ودولية معروفة، وخلال مسيرتها العلمية كانت مثالاً يحتذى بالنسبة لزملائها، وملهماً للتفوق بالنسبة لطلابها، فنالت بذلك احترام الجميع وتقديرهم

وتكمل بالقول: «التدريس بوجه عام والجامعي بوجه خاص مسؤولية كبرى، فأستاذ الجامعة مسؤول عن تطوير معلومات وإمكانيات الطالب، وتزويده بالأساسيات العلمية التي ستساعده مستقبلاً على فهم وتفسير الظواهر والحالات التي يقابلها، وبالنسبة لي، أنا أدرّس مقررات لطلاب السنة الثانية التي تعد أساساً تبنى عليه مقررات أخرى هي على صلة مباشرة بسوق العمل، لذلك كنت أرى أن مرحلة تعاملي مع الطلاب تتطلب توجيه الطالب إلى فهم وتحليل ومناقشة الأمور بأسلوب علمي ومنطقي وليس حفظها وبصمها، وتركز قيامي بالعملية التدريسية بوجه أساسي على كلية الزراعة في جامعة "تشرين"، إضافة إلى التدريس في جامعة "دمشق" لطلاب ماجستير التقانات الحيوية وذلك في بداياته، عندما كان الماجستير مشتركاً مع الجانب الأوروبي، وكان التدريس فيه يتم باللغة الإنكليزية».

مع طاقم العمل أمام مركز التقانات الحيوية في جامعة تشرين

وبالحديث عن نشاطها في مجال التقانات الحيوية، تضيف: «بدأت عملي بعد حصولي على شهادة الدكتوراه في بداية عام 1989، وكان اختصاصي حديثاً، فقد كان في الوراثة الجزيئية التي تغطي التقانات الحيوية والهندسة الوراثية، وكانت وماتزال من الدراسات المكلفة جداً، ولم تكن لدينا حينئذٍ مخابر وراثة جزيئية أو تقانات حيوية، و كنت قد حصلت على عرض يتم من خلاله دعمي بميزانية مالية من الجامعة التي تخرّجت فيها لاستكمال ما بدأته من أبحاث في "فرنسا" وجامعة "تشرين"، والميزانية مخصصة لتأمين مستلزمات البحث لمدة أربع سنوات، لكن شرط أن تؤمن الجامعة الأساسية "تشرين" المكان والتجهيزات اللازمة لإنجاز البحث، ويا للأسف لم يكن المكان موجوداً ولم تكن الأجهزة متوفرة، وعليه ذهب العرض أدراج الرياح، لكن بقيت الفكرة تطاردني؛ بأنني لا يمكن بالاختصاص الذي أحضرته أن أحصر نفسي في مجال التدريس فقط، لا بد أن أعمل بالبحث العلمي، وبداية المشوار كانت بزيارة إلى المركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة في "حلب" "إيكاردا"، الذي كان بالمرحلة الأولى من إنشاء مخبر التقانات الحيوية، وبدأ مشواري معهم الذي استمر لمدة ستة عشر عاماً، حيث كنت أحياناً باحثة زائرة، وأحياناً أخرى مستشارة في مجال التقانات الحيوية، وأحياناً كنت بإعارة تامة أو استيداع إلى "إيكاردا" كزميل ما بعد الدكتوراه، ومدة وجودي وتعاوني مع "إيكاردا" غنية جداً على المستوى العلمي وسمحت لي بالتعرّف إلى مخابر عالمية وباحثين متميزين؛ وهو ما قدمني إلى المجتمع العلمي العالمي، وساعدتني المعرفة العلمية والتواصل مع المخابر العالمية على إيجاد شراكة بحثية ممولة خارجياً لإنجاز أبحاث ما بين جامعة "تشرين" ومجموعة من الدول العربية والأوروبية، واستطعت الاستفادة من تمويل هذه المشاريع بشراء أجهزة نوعية في مجال التقانات الحيوية، وإنشاء أول مخبر للتقانات الحيوية (وراثة جزيئية) في كلية الزراعة بجامعة "تشرين"، وكانت بداية التجهيز في عام 2003. لقد كان وما يزال لهذا المخبر دور علمي مهم، فقد كان طلاب كلية الزراعة في جامعة "تشرين" الوحيدين في القطر الذين يقومون بجلسات عملية فعلية في مجال التقانات الحيوية من عام 2006، وساهم المخبر بإنجاز العديد من مشاريع التخرج، وأنجزت فيه تجارب العديد من شهادات الماجستير والدكتوراه، ليس فقط لطلاب كلية الزراعة، وانما لكليات الطب البشري، والصيدلة، والعلوم، والمعهد العالي لبحوث البيئة، وأنجزت أول دورة تدريبية في مجال التقانات الحيوية في مخبر الوراثة الجزيئية في كلية الزراعة في تشرين الثاني 2005، لقد ساعدت المعرفة والعلاقات العلمية مع المخابر العالمية باختياري في لجان عالمية لتقييم مشاريع علمية وترشيحها للموافقة على تمويلها، التي كانت تعقد في "بروكسل" "بلجيكا"».

الدكتور في كلية الهندسة الزراعية، قسم الحراج والبيئة "زهير الشاطر" عنها يقول: «الدكتورة "وفاء شومان" من القامات العلمية المرموقة في جامعة "تشرين"، وهي من الأسماء اللامعة في مجال شهد تطوراً علمياً لافتاً خلال السنوات الأخيرة، وما يزال، وهو مجال التقانات الحيوية، لقد ساهمت بمهنية عالية في نقل المعرفة إلى جمهور كبير من الطلاب والمهتمين في هذا المجال، سواء من الناحية النظرية عبر محاضراتها الأكاديمية، أو من الناحية العملية من خلال الدورات التدريبية والمخابر المتطورة التي ساهمت في تأسيسها ضمن الجامعة، كما أن لها رصيداً مهماً من الأبحاث المنشورة في مجلات محلية ودولية معروفة، وخلال مسيرتها العلمية كانت مثالاً يحتذى بالنسبة لزملائها، وملهماً للتفوق بالنسبة لطلابها، فنالت بذلك احترام الجميع وتقديرهم».

داخل مخابر مركز التقانات الحيوية مع المتدربين

المهندس الزراعي "يوسف اسماعيل" الذي تدرّب تحت إشراف الدكتورة "وفاء شومان" في مركز التقانات الحيوية، عنها يقول: «في البداية، كنت أحد طلاب الدكتورة "وفاء" في كلية الهندسة الزراعية، وذلك في مقرري الوراثة والبيولوجيا الجزيئية، حيث بدأت مرحلة الشغف بهذا المجال الذي صقلته بطريقتها المتميزة بتقديم المعلومة وطرحها وإيصالها إلى المتلقي، إضافة إلى جهدها في تسهيل ما تحتويه تلك المواد من عقبات وصعوبة، فهذه العلوم من أكثر العلوم تطوراً وصعوبة، وتكرست تلك المفاهيم المتعددة بالدورة التي اتبعتها في مركز التقانات الحيوية في جامعة "تشرين"، حيث عمل الكادر القائم على الدورة وعلى رأسهم الدكتورة "وفاء" على تفعيل التطبيق العملي في مجال البيولوجيا الجزيئية، فكانت تلك الدورة قيمة إضافية للمتدرب؛ من خلال ما تلقيناه من معلومات، وتلاها التطبيق العملي المباشر والالتزام الشديد بالمعايير العالمية لأرقى مخابر البيولوجيا في العالم».

يذكر، أن الدكتورة "وفاء شومان" من مواليد محافظة "اللاذقية" عام 1957، مديرة مركز التقانات الحيوية في جامعة "تشرين"، ورئيسة قسم العلوم الأساسية، وأستاذة في كلية الزراعية، حاصلة على دكتوراه في الوراثة الجزيئية من قسم البيولوجيا العامة والتطبيقية من جامعة "كلود برنارد" في "ليون" الفرنسية، لها العديد من الأبحاث في الوراثة تفوق الخمسين بحثاً في مجلات علمية محلية وعالمية، كما أشرفت على عدة دورات تدريبية ضمن القطر وخارجه، وعلى رسائل ماجستير ودكتوراه للطلبة، ومؤلفة لمقرري المدخل إلى علم الوراثة، والبيولوجيا الجزيئية بقسميهما العملي.

مع طلبة المركز في صورة تذكارية بعد إنجاز العمل