طوّر المدرّس "ياسر بوبو" مهاراته من منطلق التعلّم المستمر مدى الحياة، معتمداً الثقة بقدراته وإمكاناته الذاتية، حيث استطاع أن يبدع في مجالي التدريس والترجمة ويترك لاسمه بصمة فيهما، وساعد كل من يحتاج إلى المساعدة في مجال الترجمة من دون مقابل.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 18 كانون الثاني 2019، مع مدرّس اللغة الإنكليزية "ياسر بوبو"، فتحدث عن نشأته ومراحل دراسته قائلاً: «نشأت ضمن عائلة تهتم بالعلم بالدرجة الأولى، وباعتبار أنني لم أكن من هواة كرة القدم، تركّز اهتمامي في مرحلة الطفولة على إنجاز بعض الأعمال الخشبية البسيطة التي ما زلت أحافظ عليها، لأترك للعامل الجمالي حيّزاً في حياتي، إضافة إلى رياضتي المشي والسباحة، والاهتمام بالكلمة المكتوبة بدءاً من عام 1976 مع ألغاز "المغامرين الخمسة" وكتب الأدب الروسي التي كانت شائعة حينئذٍ، كما أنني أحب الأماكن القديمة والبحر بأوقاته كافة.

"ياسر بوبو" معروف بأنه مدرّس متمكن ولديه أسلوب متميز، حيث يشهد له طلابه بذلك وكل من يعرفه، ومنذ سنوات بدأ اهتمامه بالترجمة وعمل مع شركات عربية وعالمية، وأصبح مترجماً محترفاً بفضل عمله الدؤوب وشغفه بالترجمة، وتصنيفه كأفضل مترجم لدى منصة "أريد" يدل على عمله الاحترافي، إضافة إلى خبرته بالترجمة لديه اهتمامات ومهارات أخرى بالبرمجيات خاصة المتعلقة بعمله كمترجم، كما أنه يتمتع بأخلاق عالية، فهو لا يبخل على أحد بعلمه وتجربته، وعلى استعداد دائم لمساعدة المبتدئين والراغبين في العمل بالترجمة

درست الابتدائية في مدرسة "الاشتراكية" حتى عام 1979، والمرحلتين الإعدادية والثانوية في مدرسة "رفيق اسكاف" حتى عام 1984، وحصلت في الصف العاشر عام 1982 على بطاقة استعارة من المركز الثقافي القديم في "اللاذقية"، حيث كانت بداية لمرحلة القراءة المنظّمة بمعدّل كتاب أو اثنين أسبوعياً، مع التركيز على التعلّم الذاتي للغة، وهو أمر استمر معي حتى هذه اللحظة، ومع تميّزي بمعظم المواد، أهمّ ما ميّز الصفين العاشر والحادي عشر وجود أستاذ رياضيات جعلني أكره مادة الرياضيات، بينما أسهم وجود مدرّس لغة إنكليزية في أن أحب المادة. أتذكر مرة أعطانا وظيفة لترجمة مقطع من قصّة "مدينتين"، بعد قراءة ما ترجمته، قال لي ضاحكاً: يوماً ما ستصبح مترجماً».

ياسر بوبو مع طلابه

ويضيف عن دراسته الجامعية قائلاً: «دخلت الجامعة في عام 1984، وكان الحصار على "سورية" بأشدّه، ولم تكن الظروف جيدة، وعلى الرغم من ذلك درست ووسّعت معارفي بالموارد المعرفية القليلة المتاحة لنا في ذلك الوقت، ثم درست دبلوم تأهيل تربوي في أول دفعة دبلوم من جامعة "تشرين"، وتخرجت فيه، لكن لم أكمل دراسة المرحلة ما بعد الجامعية، كانت خدمتي العسكرية في مدينة "دمشق"، ونظراً إلى وجود وقت حر تمكّنت بمساعدة صديق من استخراج بطاقة لمكتبة "الأسد"، وأمضيت معظم وقتي خلال تلك المرحلة بين المكتبة واستكشاف حارات "دمشق" العتيقة، فالدراسة في الجامعة تعطينا الخلفية المطلوبة للعمل، لكنها لا تكفي، ولتحقيق النجاح لا بدّ من الاهتمام بتطوير المعارف والقدرات والمهارات».

مسيرته التدريسية ملأى بالأحداث التي كانت نقطة تحوّل لديه فيما بعد، وهنا يقول "بوبو": «تمّ تعييني مدرّساً في "دير الزور"، ولأنني أؤمن بأن تدريس اللغة يجب أن يعتمد المحادثة والامتناع عن الترجمة، فقد بدأت تطبيق ذلك على طلاب الصف السابع في تلك المدة؛ وهو ما جعل مدير الثانوية التي أُدرّس فيها يعترض على طريقتي، وطالبني بالترجمة للطلاب باعتبار أن اللغة كانت مادة جديدة، وتقدّم بشكوى ضدي إلى التوجيه الاختصاصي في مديرية تربية "ديرالزور"، وجاء موجه ليتحرى عن الشكوى، عندما حضر أحد الدروس، قال لي: (سأنقلك لتعلّم في معهد إعداد المدرسين؛ لأننا بحاجة إلى شخص مثلك)، حيث كانت هذه نقطة تحوّل مهمة باعتبارها وضعت عبئاً كبيراً على كاهلي، لكوني سأعلّم طلاباً ليصبحوا مدرّسين؛ وهو ما دفعني إلى تطوير مهاراتي، وواصلت ذلك بعد أن انتقلت إلى "اللاذقية"، وبدأت إعطاء مادة التربية العملية لطلاب دبلوم التأهيل التربوي، قسم اللغة الإنجليزية في جامعة "تشرين"، إضافة إلى عملي بالتدريس الذي أحبه، وأشعر بالسعادة عندما أرى طلابي متفوقين، وخلال خمسة وعشرين عاماً من عملي كمدرّس، لم آخذ أيّ إجازة مرضية أو طارئة، ولم أقم بإعطاء أيّ دروس خصوصية؛ لأنها تتناقض والفكرة التي أحملها عن كيفية إيصال المعلومة إلى الطلاب».

لم يكن "ياسر بوبو" مدرّساً تقليدياً، حيث اعتمد أسلوباً مختلفاً مع ولديه في المنزل وطلابه في المدرسة، ويقول: «كنت وما زلت أرفض فكرة الدور التقليدي الذي يعتمد على أن يقوم المدرّس (في المدرسة) أو الأهل (في المنزل) بتلقين المعلومات للطفل مع الاهتمام بالكمّ وليس بالنوع، ووضعت جهدي لأطبق ما أؤمن به على ولديّ في المنزل وطلابي في المدرسة، وتهتم فكرتي بالدرجة الأولى والأساسية بالامتناع عن تقديم أيّ إجابة جاهزة للطالب أو الطفل مهما كانت صعبة، فعليه أن يتوصّل إلى الحل بالبحث والتفكير والاستنتاج، وساعدني انضمامي كمدرّب في فريق دمج التكنولوجيا بالتعليم عام 2007 على صقل هذه المهارات التي ساعدت الكثيرين من طلابي على التفوق بدراستهم بوجه عام، وأوصلت ابني "الحسن" إلى المركز الوطني للمتميّزين، وحصوله هو وابني الأصغر "كرم" على الكثير من الجوائز على مستوى "سورية" في مجال الروبوتيك والبرمجة».

أما عن مسيرته في الترجمة التي كانت من خلال المصادفة، فتحدث قائلاً: «بدأ العمل بالترجمة بالمصادفة وعلى سبيل مساعدة الآخرين في مشاريع تخرجهم والدراسات الجامعية، بعد ذلك قمت بتدقيق معجم مصطلحات التربية وعلم النفس والإحصاء التربوي الذي وضعه المرحوم الدكتور "يونس يوسف معلا" ونُشر عام 2009، ثم عُرضت عليّ وظيفة ترجمة من المنزل مع شركة في "دمشق"، وكانت للملاحظات التي يقدمها صاحب الشركة أكبر الأثر في تطوير أسلوبي للانتقال إلى مرحلة العمل كمترجم حرّ (أو ما يُطلق عليه مترجم فريلانس) عبر شبكة الإنترنت ابتداءً من عام 2009، وقد ساعدني المخزون المعرفي الذي تراكم عبر سنوات كثيرة من المطالعة واهتمامي بتطوير الجانب التقني في الانطلاق نحو المرحلة الثانية؛ وهي العمل كمترجم مع الشركات خارج "سورية"، كما باشرت في عام 2015 العمل مع شركة إماراتية تترجم كل ما يتعلق بأمور السياحة في "سويسرا" و"النمسا"، إضافة إلى سيارات "أستون مارتن" الرياضية، ومع اكتساب الخبرة فيما يتعلق بما يسمى "الكات تولز" (وهي برمجيات الترجمة بمساعدة الحاسوب)، وفي عام 2018 حققت الوصول إلى العالمية في عملي كمترجم من خلال انضمامي إلى فريق ترجمة إعلانات غوغل Google Adwrods، وانضمامي كمترجم إلى عملاق الترجمة "ترانس بيرفكت" الأميركية، وحصولي على لقب "Premium Translator" في منصة "أريد" للترجمة».

الدكتورة "سامو صالح" مدرّسة في جامعة "تشرين" وفي المعهد العالي للغات التابع لها، وتدرّس الترجمة في جامعة "طرطوس" أيضاً، تتحدث عنه قائلة: «"ياسر بوبو" معروف بأنه مدرّس متمكن ولديه أسلوب متميز، حيث يشهد له طلابه بذلك وكل من يعرفه، ومنذ سنوات بدأ اهتمامه بالترجمة وعمل مع شركات عربية وعالمية، وأصبح مترجماً محترفاً بفضل عمله الدؤوب وشغفه بالترجمة، وتصنيفه كأفضل مترجم لدى منصة "أريد" يدل على عمله الاحترافي، إضافة إلى خبرته بالترجمة لديه اهتمامات ومهارات أخرى بالبرمجيات خاصة المتعلقة بعمله كمترجم، كما أنه يتمتع بأخلاق عالية، فهو لا يبخل على أحد بعلمه وتجربته، وعلى استعداد دائم لمساعدة المبتدئين والراغبين في العمل بالترجمة».

يُذكر، أن المدرّس "ياسر حسن بوبو" من مواليد "اللاذقية" عام 1966، ومدرّس في ثانوية "جول جمال"، ومتزوج ولديه ولدان، ويحافظ على هواية المشغولات الخشبية والقراءة المستمرة.