كان الشغف وحبّ الفن الدافع الرئيس لـ"حيدرة سلهب" في اكتساب المعرفة الأكاديمية للفن، وكان لهذه الخبرات والمعارف التي امتلكها بمجهوده الشخصي دور في تطوير عمله الفني، وتقديم مشاريع مميزة ولافتة في دراسته لهندسة العمارة.

وفي لقاء مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 23 كانون الثاني 2019، تحدث "حيدرة سلهب" عن المرة الأولى التي بدأ فيها الرسم، والصعوبات التي واجهها في بداية طريقه قائلاً: «بدأت مسك القلم ورسم الشكل البسيط لجسم الإنسان من دائرة وخطوط الجسم واليدين والرجلين منذ عمر الثالثة، فكنت الطفل المميز في العائلة الذي استطاع الرسم قبل أن ينطق الكلام، ومع السنوات بدأت نسخ كل ما يقع عليه نظري من رسومات، وكانت البيئة المغلقة التي أعيش فيها بـ"ريف دمشق" حائلاً دون أن أتعلم المزيد من المعارف، فقد كانت مدرّسة مادة الرسم ذاتها خلال المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وأخذت منها كل المعارف التي لديها، فأصبحت المعلومات مكررة والملاحظات تتناقص لكوني أهتم بالعمل على ترميم الثغرات التي لاحظتها المدرّسة. وتزامن نجاحي في الشهادة الإعدادية مع انتقال والدي إلى مكان عمل جديد قريب من مركز "أدهم اسماعيل" للفنون التشكيلية، فكانت مكافأتي الانضمام إلى المركز الذي أبدت مديرته في البداية اعتراضها لكوني لا أحقق الشروط المطلوبة للانتساب، لكن سمحت لي بالمشاركة في مسابقة "محاكاة أدهم اسماعيل" التي كان يقيمها المركز، وكنت أصغر المشاركين بين 25 متسابقاً تراوحت أعمارهم بين 23-58 عاماً، ونلت المركز الثاني؛ الأمر الذي أهّلني للدخول إلى صفوفه».

لفتني تفوق "حيدرة" في الجامعة، وخاصة في مواد الرسم، وكانت المفاجأة أنه اتخذ توجهاً خاصاً به في الرسم، فكانت له مواضيعه وشخصيته الفنية، وهذا الشيء من الصعوبة أن يصل إليه الفنان مبكراً، فالمواضيع التي يتناولها بعضها واقعي إنساني أخذه من المحيط الذي يعيش فيه بالريف الساحلي، وأخرى من الطبيعة. كما يهتم بمواضيع ذات قيمة فنية تعبيرية تتميز باتخاذه أسلوب العمل الصعب؛ أي رسم الإنسان بالتشريح وبكامل التفاصيل الواضحة الجيدة، وهذه المواضيع تحتاج إلى وقت وجهد طويل، والأعمال التي قام بها مؤخراً كانت متميزة بالقدرة الفنية المبدعة

ويتابع الحديث عن دوامه في المركز، وقرراه بدراسة الهندسة المعمارية: «كان دخولي إلى المركز كمن وجد كنزاً ثميناً، فقد واظبت على الدروس، وكنت أبقى حتى بعد انتهاء وقت درسي محاولاً الحصول على أكبر قدر من المعلومات الفنية، خاصة أن المدرّسين هناك ذوو باع طويل وخبرة في الفن، وكان الجميع متجاوبين معي لكوني الأصغر سنّاً، ولأنهم وجدوا لدي الشغف الكبير لأعرف أكثر، وبعد أن نلت الشهادة الثانوية علمت أن الهندسة المعمارية فيها جزء من الفن، وأكثر ما شجعني لدراستها أنه أثناء دورة الرسم في جامعة "تشرين" طُلب منا أن نرسم جرة، وأثناء التنفيذ لفت نظر الدكتور رسمي، فأخذ لوحتي ووضعها على السبورة وكتب عليها علامة المئة؛ الأمر الذي أعطاني دافعاً أكبر لدراسة هذا الفرع».

رسم الأشخاص

أما عن أسلوبه في الرسم، فيضيف: «أعمل على اتخاذ أسلوبي الخاص، وأعتمد الأسلوب الواقعي في الرسم، وسعيت لاكتساب الخبرة الأكاديمية، حيث درست ثلاث سنوات التشريح الفني بغية تجسيد الأفكار التي تعصف في ذهني، وقد ساعدني في ذلك دكاترتي في الجامعة الذين لمسوا الحس الفني لدي عن طريق المشاريع الهندسية التي كنت أقدمها خلال دراستي، ولم يبخلوا بالإجابة عن أسئلتي وتزويدي بالمراجع التي تزيد معرفتي. كما عملت على نسخ العديد من اللوحات التي تعود إلى القرون الوسطى؛ لكن بذهنية الباحث عن الطريقة التي رسمها الفنان بها، لأتوصل بعدها إلى معرفة أسلوب "التقزيز" والعديد من الأساليب التي اتخذها الفنانون في تلك المدة، فقد درست لوحات للفنان "كارفاجو" وهو فنان الظل، وعملت على تنفيذ أسلوبه بالاستعانة بأهلي والجيران لرسمهم، كما درست لوحات لها علاقة بالفكرة للفنان "ليوناردو دافنشي"، وأستطيع أن أقول إنني أمتلك بنك معلومات وأعمالاً تؤهلني للدخول إلى المجتمع الفني، وأسعى لتكوين مدرسة فنية خاصة بي، لأنه إذا أردت أن تحفظ شيئاً فاعمل على تدريسه، وهذا ما أقوم به من خلال عملي مع الأمانة السورية للتنمية في تعليم الرسم للأفراد».

ويتحدث البروفسور "عبد الحكيم الحسيني" رئيس القسم النظري في كلية العمارة بجامعة "تشرين" عن الأسلوب الفني لـ"حيدرة" بالقول: «لفتني تفوق "حيدرة" في الجامعة، وخاصة في مواد الرسم، وكانت المفاجأة أنه اتخذ توجهاً خاصاً به في الرسم، فكانت له مواضيعه وشخصيته الفنية، وهذا الشيء من الصعوبة أن يصل إليه الفنان مبكراً، فالمواضيع التي يتناولها بعضها واقعي إنساني أخذه من المحيط الذي يعيش فيه بالريف الساحلي، وأخرى من الطبيعة. كما يهتم بمواضيع ذات قيمة فنية تعبيرية تتميز باتخاذه أسلوب العمل الصعب؛ أي رسم الإنسان بالتشريح وبكامل التفاصيل الواضحة الجيدة، وهذه المواضيع تحتاج إلى وقت وجهد طويل، والأعمال التي قام بها مؤخراً كانت متميزة بالقدرة الفنية المبدعة».

الحفر على النحاس

يذكر، أن "حيدرة سلهب" من مواليد "دمشق" عام 1995، خريج هندسة عمارة بجامعة "تشرين"، يتقن فن الحفر أو الضغط على النحاس.

من أعمال حيدرة سلهب