أسست مجموعة من طلاب وخريجي الجامعات فريقاً تطوعيّاً في قرية "دمسرخو" يستهدف المحيط الاجتماعي في منطقتهم، ويهتم في أنشطته بالجانب التراثي، فكان هويتهم لدخول المجتمع، حيث تمكنوا خلال ثلاثة أعوام من ترك بصمات مجتمعية وتعليمية بين أبناء وأهالي المنطقة.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 25 أيار 2019، مع المهندس "هادي علي قنجراوي" أحد مؤسسي فريق "أرض القرمز" التطوعي، فتحدث عن الفريق وبداياته قائلاً: «أسست فريق "أرض القرمز" التطوعي مع مجموعة من الشباب الجامعيين، حيث بدأنا عام 2016 بخمسة عشر متطوعاً من طلاب وخريجي الجامعة كفريق تطوعي مجاني، وأجور رمزية لبعض الأنشطة بدعم ذاتي، وتشمل منطقة عمل الفريق أماكن عدة، مثل: "رأس شمرا"، و"دمسرخو"، و"الدعتور"، و"المشروع العاشر"، و"الأزهري"، ومركزه قرية "دمسرخو"، وأطلقنا عليه "أرض القرمز"؛ لأن القرمز هو اللون الأرجواني والقرمزي، والحضارة الأوغاريتية أطلقتهما للعالم وتميزت بهما، ورمز طائر العنقاء الذي ينتفض من تحت الرماد، وواقع بلدنا حالياً يشبه الرماد، وبهذا نكون فعّلنا دور الشباب في إعادة بناء المجتمع والوطن، بعد الإخفاقات الاجتماعية والإنسانية، ووجدنا ضرورة شديدة لبناء الإنسان».

قدمت الدعم النفسي للأطفال، وطرائق التواصل، إضافة إلى الأمور التنظيمية، وكنت من المؤسسين في الفريق، وزاد العدد تدريجياً على الرغم من كل الصعوبات التي ذللناها من ناحية المحيط الاجتماعي والدعم الذاتي، كما تركت صفحة الفيسبوك بصمة إيجابية، وأسهمت في زيادة عدد المتطوعين، فهم من مناطق مختلفة من أحياء "اللاذقية"

تتنوّع الأنشطة التي يقوم بها الفريق، عنها قال: «تضمّ الأنشطة الرسم، والخط، والشطرنج، والنحت بالطين، وصناعة معجون السراميك، وإعادة تدوير المواد المنتهية الصلاحية، والدعم النفسي، إضافة إلى الأنشطة الخارجية وتعليم اللغتين الروسية والفرنسية ضمن دورة بناء الإنسان التي بدأنا العمل بها قبل ثلاث سنوات، والفئة العمرية المخاطبة من خلالها تراوح بين عشر وخمس عشرة سنة لكونها مرحلة مهمة، وتتكون فيها شخصية الإنسان، حيث نعمل لبناء حقيقي للطفل، خاصة أن كوادرنا قادرة على التواصل مع هذه الشريحة العمرية».

هادي قنجراوي

ومن المحطات المهمة في تاريخ فريق "أرض القرمز" الحالة التراثية، حيث يقول عنها "قنجراوي": «عملنا على إحياء التراث اللا مادي، وكان هويتنا التي عرفنا بها الناس والمجتمع، فكرّسنا قسماً من عملنا للتراث القديم؛ وإعادة إحيائه بعد انتشار الكثير من العادات والأفكار الدخيلة على مجتمعنا؛ كأعياد رأس السنة الشرقية "القوزلة"، وركزنا على قيمتها بإعادة الصلح وبثّ روح التسامح بين الناس، ونشر الألفة والمحبة، وبذلك نكرّس لدى الطفل هذه الحالة، ونكسب جيلاً متمسكاً بأصالته وتراثه. ونعيش مع الأطفال حالة لم نعشها نحن كجيل، وإنما كنا نسمعها من الآباء والأجداد، فتعززت ثقة الآباء بأبنائهم من خلال هذا العمل؛ وهو ما أعطى للفريق دعماً، وحقق نقلة نوعية في المجتمع».

بدورها "بتول كحيلة" طالبة إرشاد نفسي سنة خامسة، ومديرة العلاقات العامة ومتطوعة في فريق "أرض القرمز"، تحدثت عن تجربتها التطوعية مع الفريق قائلة: «نشأ الفريق في قريتي، وهو يضمّ مجموعة من الشباب الجامعيين باختصاصات مختلفة، اجتمعنا وكان هدفنا واحداً. جاءت فكرة الفريق بإقامة دورة لتعليم الأطفال، ثم تطورت لتصبح فريقاً، ولم نجد قبولاً كبيراً من المجتمع، فقمنا بتكريم المتفوقين في القرية، وأقمنا معرضاً للمنتجات الحمضية كالليمون، وحولناه إلى عصير، ووزعناه على دوار "هارون" في مدينة "اللاذقية" للتركيز على الحمضيات والمعاناة في تسويقها. وأقمنا معرضاً للرسوم ولوحات طلاب القرية، وتنوّعت نشاطاتنا، حيث قمنا بترميم الروضة في القرية، وحملات نظافة، وبذلك عرفنا المجتمع، وكسبنا الثقة في محيطنا والمناطق الأخرى».

بتول كحيلة

وتضيف: «قدمت الدعم النفسي للأطفال، وطرائق التواصل، إضافة إلى الأمور التنظيمية، وكنت من المؤسسين في الفريق، وزاد العدد تدريجياً على الرغم من كل الصعوبات التي ذللناها من ناحية المحيط الاجتماعي والدعم الذاتي، كما تركت صفحة الفيسبوك بصمة إيجابية، وأسهمت في زيادة عدد المتطوعين، فهم من مناطق مختلفة من أحياء "اللاذقية"».

الأمّ "ابتسام مسلم" التي استفادت من نشاطات الفريق بإرسال أبنائها، تحدثت قائلة: «حين عرفت بتأسيس الفريق تواصلت معهم، وأخذت المعلومات الكاملة عن إمكانية المشاركة بالنشاطات، فأرسلت ابنتي قبل ثلاثة أعوام لتعلم الأعمال اليدوية وأعمال القصب، واتبعت دورة رسم هندسي والتزمت بها، وكذلك دورة بناء الإنسان من المرحلة الأولى حتى المرحلة الثالثة، وإعادة تدوير وأشغال ورقية. كانت لديها هواية الرسم، ثم تطورت، وتمّت تنميتها من قبل المشرفين الشباب، واللافت أنهم طلاب وخريجو جامعة، ولديهم أساليب في التواصل مع الأطفال».

أحد أنشطة الفريق في إحياء عيد تراثي

وتتابع قولها: «كان لدورة بناء الإنسان الدور في إعطائهم الفرح والمعرفة، ودعمهم نفسياً وملء أوقاتهم بنشاطات مفيدة، وتنمية قدراتهم، إضافة إلى نشاط قراءة كتاب الذي كانت فائدته مضاعفة من حيث تدريبهم على القراءة وطريقة تفاعلهم مع الحكواتي؛ وهو ما خلق روح الحماسة والمنافسة في القراءة والمشاركة، ونشاط التهجئة العربية والإنكليزية، والرحلات العلمية، ولعبة الشطرنج، كما زرعوا في عقول الأطفال محبة التراث والماضي. وكانت النشاطات مجانية ورمزية أحياناً، ويوزعون في بعضها الألعاب والهدايا على الأطفال، فقد ساعدت نشاطات الفريق على زيادة تحصيلهم الدراسي».