انتشرت زراعةُ العنب الورقيّ منذ سنواتٍ عدّة في قرى "اللاذقية"، ووجد المزارعون من خلالها نافذةً لتحسين وضعهم الزراعي والاقتصادي معاً، خاصةً مزارع الحمضيات لتكون زراعةً رديفةً وداعمةً له، عدا عن خلق فرص عمل كثيرة لمواكبة الموسم وإنتاجه.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 23 أيلول 2019 مع المزارع "فيصل حويجة" المؤسس لبدايات هذه الزراعة في قرية "المختارية" التي تبعد 14 كم عن مدينة "اللاذقية"، فتحدث عن زراعة شجيرات العنب الورقي قائلاً: «في أوائل التسعينيات لاحظت زوجتي أن إحدى شجيرات العنب الورقي لها أوراق مميزة خالية من الأوبار، رقيقة الملمس كبيرة الحجم، متجانسة ولذيذة الطعم عند تجربتها بالطبخ، فقمت بزرعها جانب المنزل لتكون قريبة، وبمتناول اليد، واستخدمنا أوراقها للطبخ والهدايا للجيران والأقارب والمعارف، ولاقت لاحقاً رغبة قوية لدى المستهلك عند تجربة بيع قسم منها في سوق "اللاذقية"، ومن هنا انطلقت الفكرة بالاستفادة منها اقتصادياً، وبقي انتشارها محدوداً جداً عند بعض الجيران لفترة أكثر من عشر سنوات، حتى جاء صقيع عام 2004 الذي قضى على قسم من أشجار الحمضيات في القرية، لتكون شجرة العنب الورقي بديلاً حاضراً وقوياً ومناسباً في هذه الأماكن، لكن انتشار زراعتها بشكل كبير وعلى حساب محاصيل أخرى أحياناً أدى إلى خلق فائض كبير بالإنتاج؛ خاصة خلال الصيف، والتكلفة الكبيرة للقطاف أدى إلى انخفاض كبير بالصافي من الربح».

كوني أملك سيارة لنقل المنتجات الزراعية قمت مع بداية موسم العنب الورقي بالتنسيق مع أحد التجار لجمع منتجات بعض المزارعين في ريفي "الحفّة" و"المزيرعة"، وتسليمها له، حيث أقوم بتجمعيها بعد قطافها ونقلها إلى ورشة تقوم بتوضيبها وتجهيزها للتسويق، ثم يقوم التاجر بتسويقها في أسواق المحافظات السورية، وبعض الأسواق العربية، فقد استطاع المزارع من خلال هذه الزراعة خلق فرص عمل لكثير من العائلات في مراحل القطاف والتوضيب والنقل على الرغم من عدم استقرار السعر للكيلو الواحد بما يتناسب مع صعوبة مراحل العمل بها إضافة للصعوبات التي تواجه المزارع بشكل عام

المهندس الزراعي "بسام حداد" تحدث عن زراعة شجرة العنب الورقي، وأسباب انتشارها قائلاً: «يمكن عدّ شجرة العنب الورقي كزراعة داعمة، وليست بديلة لزراعة الحمضيات والزيتون، لأنه يمكن زراعتها على الهوامش، وعلى شكل سياج حول البساتين، أو على شكل عرائش فوق أسطح المنازل، وعلى جوانب السواقي والأنهار وفي الأماكن المهملة، حيث تعطي غلّة مميزة بالنوعية والكمية. أهم أسباب انتشار هذه الزراعة وتبني المزارعين لهذه الفكرة هو البحث عن مصدر دخل بظروف تدني أسعار الحمضيات بسبب الحصار الظالم المفروض على "سورية"، إضافة إلى تكرار سنوات الصقيع والبحث عن بديل الحمضيات بمناطق الصقيع، كذلك سهولة إكثارها بالعُقَل، ولا تحتاج مساحات كبيرة وسرعة نموها واستجابتها لظروف بيئية مختلفة ومتباينة، إضافة إلى كونها مصدر دخل وحيد تقريباً لأغلب الأسر الزراعية».

المهندس بسام حداد

وعن فوائد العنب الورقي، وكيفية قطافه واستخدامه، قال "حداد": «يعدّ ورق العنب طبقاً غنياً وصحياً ولذيذاً لاحتوائه على العديد من الفيتامينات المختلفة، والألياف والأحماض العضوية والأملاح المعدنية الضرورية لصحة الجسم، ويمكن استخدام الأوراق طازجة لعمل وجبات عديدة، ويمكن تخزينها بطرق مختلفة منها الحفظ بالماء والملح، والحفظ بتفريغ الهواء وبالتجميد أو بتجفيف الأوراق وطحنها وحفظها لاستخدامها لاحقا في عمل شوربات، حيث يتم قطاف الأوراق بالصباح الباكر مع الفجر في صناديق بلاستيكية، وجمعها في الصباح بعد شروق الشمس، ليتم فرزها وتوضيبها بالظل حصراً، وضمن أوعية موحدة مناسبة حسب طلب كل سوق، وعند الانتهاء من العمل يتم بيعها مباشرة إلى تاجر الورق».

كما تواصلت مدونة وطن مع "منصور محمد" أحد الوسطاء بين المزارع والتاجر، فتحدث قائلاً: «كوني أملك سيارة لنقل المنتجات الزراعية قمت مع بداية موسم العنب الورقي بالتنسيق مع أحد التجار لجمع منتجات بعض المزارعين في ريفي "الحفّة" و"المزيرعة"، وتسليمها له، حيث أقوم بتجمعيها بعد قطافها ونقلها إلى ورشة تقوم بتوضيبها وتجهيزها للتسويق، ثم يقوم التاجر بتسويقها في أسواق المحافظات السورية، وبعض الأسواق العربية، فقد استطاع المزارع من خلال هذه الزراعة خلق فرص عمل لكثير من العائلات في مراحل القطاف والتوضيب والنقل على الرغم من عدم استقرار السعر للكيلو الواحد بما يتناسب مع صعوبة مراحل العمل بها إضافة للصعوبات التي تواجه المزارع بشكل عام».

جانب من مرحلة القطاف