ورث "خالد برجس" مهنة صناعة شباك الصيد وأدواتها وصيانتها وبيعها، ممتلكاً مفاتيح الصيد البحري وأسراره أباً عن جدّ، حيث ينتمي لعائلة امتهنت الصيد وصناعة أدواته بالطريقة اليدوية.

مدوّنة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 14 أيلول 2019 "خالد برجس" الملقب بــ"الصيّاد"، فتحدث عن حياته قائلاً: «حين كنت في التاسعة من عمري وجدت نفسي على شاطئ البحر في قريتي "ابن هانئ"، فعشت طفولة بحريّة عمادها اللعب والعمل وممارسة الهوايات. كنت أذهب برفقة والدي وجدي إلى صيد السمك، حيث تعتمد العائلة في قوتها اليومي على البحر وخيراته، اعتدت كل الطقوس البحرية التي يقوم بها الصيادون، وكان عمري حوالي اثنتي عشرة سنة حين كنت أرافق أبي على القارب ونصطاد بالشبك والسنّارة، كان والدي وجدي يصنعان شباك الصيد، فورثت هذه المهنة عنهما وبقيت سنوات كثيرة أصنع وأنسج شباك الصيد يدوياً على الرغم من تطور الأدوات وتعدد وسائل صناعتها، إلا أنني ما زلت محتفظاً بشيء من عراقة هذه المهنة».

أعرف "خالد برجس" منذ خمسين عاماً، كان صياداً معروفاً بمهارته وقدرته على السيطرة في البحر على صعيد الصيد، كما امتهن صناعة شباك الصيد يدوياً وحياكتها وترميمها قبل تطور صناعة الشباك لتصبح آلية. يتصف بصفات حسنة، ويعامل الناس بأخلاقه الحميدة، ونذكره في الكثير من جلساتنا البحرية أثناء الصيد من ناحية البراعة في الصيد وامتلاك فنون الصيد

وعن علاقته بالبحر والخبرة التي اكتسبها قال: «البحر رواية لا تعرف لها بداية ولا نهاية، فقد أصبح مصدر رزقي ورزق الآخرين، ومنهم من اتخذها هواية، فالبحر (أبو الفقراء) الذين يعتمدونه في تأمين رغيف خبزهم.

خالد برجس أثناء تجهيز الشبك

تعلّمت من البحر الصبر وحبّ العمل، وشغفي بهذا العمل أكسبني خبرة وارفة إضافة لخبرة والدي وجدي اللذين كانا معروفين في هذه المهنة، ثم انتقلت لبيع أدوات الصيد؛ ففي الماضي لم يكن في "اللاذقية" أي محل يهتم بالشباك وأدوات الصيد، وكان هذا المكان الذي أبيع به من أقدم محال "اللاذقية"، حيث أقوم بتجهيز الشبك بما يلزم لتصبح جاهزة للصيد، وترميم التالف منها في حال قصدني أحدهم».

ويضيف: «تطور حبّ هذه المهنة وتحول من هواية إلى مهنة أعطيها من خبرتي المتراكمة وممارستي للصيد، كما قمت بتوريثها لأبنائي، حاولت أكثر من مرة تغيير المهنة ولكن كانت دائماً تعيدني إليها لأنني تعلمتها وأتقنتها وأصبحت كل حياتي. انتقلت للسكن في المدينة في فترة الثمانينيات، وكان عملي يزيد حسب المواسم في الصيف والربيع، وكوني ابن منطقة بحرية، فالمهنة هي التي اختارتني واختارت أبناء قريتي، فأهل المنطقة يمتهنون هذه المهنة وما زالوا يعملون بالصيد».

الصيّاد مالك صهيوني

وعن عمله الحالي تحدث قائلاً: «حافظت على هذه المهنة التراثية على الرغم من قلة مردودها المادي؛ ولكنني أجد ضالتي بها، فأتعامل مع (الخيطان والفواشات والثقالات)، أرمم الشباك المثقوبة بيدي، وأمارس مهنتي في البيع بشكل يومي في محلي منذ خمسة وثلاثين عاماً، أشعر أنني سيّد نفسي أعمل ما يحلو لي، أحبّ عملي، فقد عاش بي وعشت به، كما اعتاد الكثيرون على القدوم وأخذ أدوات صيدهم من عندي كوني أقدم محل يبيع ويرمم شباك الصيد وأدواته، وما زال شاطئ "ابن هانئ" وصيادوه القدماء يعرفون "برجس"».

وابنه الذي ورث عنه مهنة الصيد "مصطفى برجس" قال: «تعلّمت من والدي أساليب الصيد وكيفية التعامل مع أنواء البحر مذ كنت طفلاً، فقد كنت أرافقه في رحلاته البحرية، ولكن اقتصر عمله منذ سنوات على مهنة بيع أدوات الصيد والشباك وترميمها، وله شهرة كبيرة في "اللاذقية" خاصة بين الصيادين والذين يعملون في مجال مهنة الصيد البحرية. خبرته حاضرة في أحاديث صيادي شاطئ "ابن هانئ"، ولعائلة "برجس" تاريخ طويل وعريق مع البحر والصيد، وكان أجدادنا في العائلة يعملون في البحر ويتنقلون بين شاطئي "البسيط" و"ابن هانئ" يومياً».

الصيّاد "مالك صهيوني" تحدث عن ذاكرة جمعته به قائلاً: «أعرف "خالد برجس" منذ خمسين عاماً، كان صياداً معروفاً بمهارته وقدرته على السيطرة في البحر على صعيد الصيد، كما امتهن صناعة شباك الصيد يدوياً وحياكتها وترميمها قبل تطور صناعة الشباك لتصبح آلية. يتصف بصفات حسنة، ويعامل الناس بأخلاقه الحميدة، ونذكره في الكثير من جلساتنا البحرية أثناء الصيد من ناحية البراعة في الصيد وامتلاك فنون الصيد».

يُذكر أن "خالد برجس" من مواليد "اللاذقية" عام 1946، يثابر على عمله كل صباح في حي "الأميركان"، ويتمتع بصحة جيدة.