يعتبر من أقدم المساجد في مدينة "القنيطرة"، فهو معلم ديني وعلامة فارقة في تاريخ المحافظة من حيث طرازه العمراني وكثرة الغرف المخصصة للوضوء، حيث بناه الشراكس في المدينة بنهاية القرن التاسع عشر بمساحة قدرها /1000/ م.

إنه "مسجد الشركس" الذي يقع بالقرب من مدرسة لتدريس المرحلة الابتدائية، وكان خطيبه الشيخ المرحوم "أحمد صفر عنجوقة" الذي عمل مفتياً لمدينة "القنيطرة" وأصبح فيما بعد مفتياً "لدمشق".

يعد مسجد الشركس من أكبر مساجد مدينة "القنيطرة" حيث يقع في قلب المدينة على الطريق العام، فهو مبني من الحجر البازلتي الأسود الذي كان يطلق عليه الحجر السوري، ويتم الدخول إليه بعد صعود خمس درجات مع عدم وجود باحة خارجية للجامع، فقد كان سجاده من الطراز القديم العجمي وله منبر خشبي وفيه أكثر من /12/ مكاناً للوضوء، ويتم فيه إحياء جميع المناسبات الدينية، فهو مقصد لأغلب زائري القنيطرة

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 3/1/2013 السيد "محمد حسن" أحد أبناء محافظة "القنيطرة" وممن عاصر المسجد، فأشار بالقول: «يعد مسجد الشركس من أكبر مساجد مدينة "القنيطرة" حيث يقع في قلب المدينة على الطريق العام، فهو مبني من الحجر البازلتي الأسود الذي كان يطلق عليه الحجر السوري، ويتم الدخول إليه بعد صعود خمس درجات مع عدم وجود باحة خارجية للجامع، فقد كان سجاده من الطراز القديم العجمي وله منبر خشبي وفيه أكثر من /12/ مكاناً للوضوء، ويتم فيه إحياء جميع المناسبات الدينية، فهو مقصد لأغلب زائري القنيطرة».

الأستاذ "عدنان قبرطاي"

الأستاذ "عدنان قبرطاي" الباحث في تاريخ "الجولان" تحدث بالقول: «بني مسجد الشركس على أنقاض المسجد الصغير الذي شيده الشراكسة في الشهور الأولى من قدومهم إلى "القنيطرة" وتمت إعادة بنائه من جديد، حيث بني من الحجر البازلتي الأسود في حي "القبرطاي" في الجهة الجنوبية لمدينة "القنيطرة".

وأول إشارة بشأنه وردت في جريدة سورية العدد /915/ الصادر في 30 رجب 1300هـ الموافق 1883م حيث قالت الصحيفة: لقد كان الجامع الشريف الكائن المقام في "القنيطرة" صغيراً لا يكفي الأهالي الموجودين هناك ذلك الأمر الذي دفع والي "سورية" إلى توسيعه، وهذا يدل على أن الجامع كان قائماً قبل عام 1883م وأنه بني بعد استقرار الأفواج الأولى من المهجرين الشراكسة في المدينة قبل عام 1870م، حيث كان الجامع بسيطاً وصغيراً نتيجة أوضاعهم البائسة في المراحل الأولى من محاولة استقرارهم في المنطقة، حيث كان الشراكسة في الجولان يبنون الجامع مع بيوتهم بل قبل بيوتهم كما هو الأمر في بقية القرى الشركسية».

"مسجد الشركس" بعد الاحتلال

يتابع: «ومع تزايد قدوم أفواج هؤلاء المهجرين إلى المنطقة أصبح من الضروري العمل على توسعة الجامع لاستيعاب الزيادة في أعداد المصلين الأمر الذي حدا بالوالي أن يصدر أمره الذي ذكرناه سابقاً، غير أن الإجراءات العملية للمباشرة في تنفيذ المشروع لم تبدأ إلا خلال عام 1304هـ 1886م أي بعد ثلاث سنوات تقريباً على صدور أمر الوالي، والسبب الرئيسي لهذا التأخير يعود إلى تأخير أوقاف الولاية عن رصد الميزانية اللازمة لبناء الجامع علماً بأن الأهالي وقطاعات أخرى في المنطقة كانوا قد قاموا بجمع مبلغ لا يستهان به من المال، حيث جاء في العدد /1146/ من جريدة سورية تاريخ 20 جمادى الأولى 1305هـ الموافق 21/12/1888م أن الجامع الشريف الكائن في "القنيطرة" قد شارف على الخراب منذ مدة فتعطل أداء الصلاة فيه وحرم أهالي القصبة المذكورة والمهجرون الشراكسة وغيرهم من أداء الصلاة مع الجماعة، وحينما شرف المحل المذكور حضرة ملجأ الولاية المعظم، فأمر في الحال مردم بك متولي أوقاف الباشا يقصد "مصطفى لا لا باشا" المشار إليه بتعميره فأعطوه عشرين ألف قرش فصرفت مع المبلغ الذي تبرع به المهاجرون المرقومون، وقد عمر الجامع على نسق مميز قديم ووضع فيه محراب وأخذ الناس يؤدون فيه الصلاة».

وفيما يتعلق بالتبرعات يضيف "قبرطاي": «تم جمع التبرعات من الأهالي بأطيافهم وقد تم نشرها على ثلاث دفعات في الصحيفة حيث نشر في العدد /1016/ الصادر في 12 رمضان 1302هـ الموافق في 13/6/1885م تابع دفتر الإعانة التي قدمت من طرف أصحاب الحمية لأجل بناء الجامع الشريف الذي سينشأ في القنيطرة، ويبلغ عدد المتبرعين في هذه القائمة /34/ متبرعاً أكثرهم من الشراكسة والظاهر أنهم جميعاً من أعيان ووجهاء القنيطرة والقرى المجاورة لها وقد بلغ إجمالي المبلغ المتبرع به من القائمتين الأولى والثانية /3575/ قرشاً، وفي العدد /1020/ من جريدة سورية الصادرة في 18 شوال 1302هـ 1885م أي بعد شهر من نشر القائمة الثانية تحت عنوان تابع إعانة القنيطرة المندرج في صحيفتنا رقم /1016/ أصبح مجموع المبالغ المتبرع بها من قبل الأهالي والمسؤولين في القوائم الثلاثة /6335/ غرشاً (قرشاً)، أما بالنسبة لتكلفة بناء الجامع فقد بلغت /26335/ قرشاً كانت نسبة مساهمة الأهالي بأطيافهم المختلفة 30% تقريباً».

المسجد من الداخل

وذكر "قبرطاي": «تم تدمير جامع الشركس جزئياً جراء إصابة مباشرة لمدرسة البنات الملاصقة للمسجد بعد قصف مدينة "القنيطرة" بقنابل زنة /500/ كغ من قبل العدو الصهيوني في /7/ حزيران عام 1967م، علماً أن المئذنة لم تصب وفيها منبر خشبي رائع، وكان الجامع مفروشاً بالسجاد ويوجد فيه مكتبة ضخمة، سرقها اليهود بعد دخولهم "القنيطرة" 11/6/1967م كما سرقوا تجهيزات المدينة وموجوداتها بأكملها، بل سرقوا الحجارة التي بنيت المدينة بها ونقلوها إلى قمم التلال والجبال وبنوا بها الدشم العسكرية في الأماكن الاستراتيجية "بالجولان"».