تُعدّ الطوابع البريدية وثائق قومية تؤرخ وتوثق المراحل التاريخية التي تمرّ بها الأمم؛ لذا تتسابق الشعوب كلها لتوثيق وحماية وصون تراثها الوطني بجوانبه المتعددة من خلال إصدارات متنوعة من الطوابع البريدية التذكارية تخليداً للذكريات التي توثقها، وحتى تراها أجيالنا القادمة.

الباحث في التراث والموروث الشعبي "محمد فياض الفياض" في حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 18 أيلول 2017، قال: «حماية تراثنا الوطني هو الحامل الأساسي لفكر الأمة، ومن هذا الفكر تنطلق لرسم مستقبلها، هذا المستقبل الذي يحمل بين طياته عبق القديم ولمسة الحداثة والتفرد؛ إذ لا يمكن رسم حضارة جديدة من دون الرجوع إلى الماضي وربما الماضي البعيد، والجميع يتفقون على أن أمة بلا ذاكرة وفكر حي متجدد مصيرها الضياع وربما التلاشي والزوال من التاريخ والتدوين».

حماية تراثنا الوطني هو الحامل الأساسي لفكر الأمة، ومن هذا الفكر تنطلق لرسم مستقبلها، هذا المستقبل الذي يحمل بين طياته عبق القديم ولمسة الحداثة والتفرد؛ إذ لا يمكن رسم حضارة جديدة من دون الرجوع إلى الماضي وربما الماضي البعيد، والجميع يتفقون على أن أمة بلا ذاكرة وفكر حي متجدد مصيرها الضياع وربما التلاشي والزوال من التاريخ والتدوين

وأضاف "الفياض" عن أهمية الطوابع البريدية: «للطوابع أهمية تاريخية، فهي تبرز المراحل السياسية والتاريخية والاجتماعية، وهي نتاج المجتمعات الراقية، وقد تحمل هذه الطوابع التذكارية سمات مهمة من حياة هذه المجتمعات، حيث إن "سورية" اهتمت بهذا الجانب المشرق، وركزت على إصدار مجموعات نادرة من الطوابع خصت فيها ذكرى سنوية لمدينة "القنيطرة" عندما سجل العالم حدثاً مهماً بتحريرها عام 1974، ووثقت هذه الذكرى لتبقى شاهداً على الأمجاد التي تحققت لأجيالنا القادمة».

طابع تحرير مدينة "القنيطرة" 1974

عن الطوابع التي جسّدت مدينة "القنيطرة"، الباحث في شؤون "الجولان" "عبد الكريم العمر" قال: «عند تحرير مدينة "القنيطرة" في 26 حزيران 1974م، تم إصدار طابع باللغتين العربية والإنكليزية بقيمة 50 ق.س، سُمي طابع التحرير، واحتوى النصب التذكاري للتحرير في ساحة السيد الرئيس "حافظ الأسد" بمدينة "القنيطرة"، وأشارت خلفيته إلى آثار الدمار التي خلّفها العدو الصهيوني في أحياء المدينة، بينما بقيت الأشجار واقفة حيّة بين الدمار رافضة ما فعله المحتلون، وإلى الأعلى في يمين الطابع دائرة بيضاء توسطتها صورة القائد الخالد "حافظ الأسد" يرفع علم التحرير في سماء مدينة "القنيطرة"، وفي الذكرى الأولى لهذا الحدث المهم عام 1975م، أصدرت "سورية" طابعاً آخر خلّد هذه الذكرى بقيمة 50 ق.س، احتوى مشهدين متساويين يمثلان زمنين مختلفين من تاريخ المدينة، وذلك للمقارنة بين الأول الذي عبّر عن عمران "القنيطرة" قبل الاحتلال بما فيها المعابد المختلفة والشجرة الخضراء الكبيرة التي ترمز إلى الحياة الهادئة الآمنة، والثاني الذي عبّر عما خلفه الاحتلال من تدمير وحرق للأشجار وانتشار النار والدخان».

أضاف "العمر": «منذ هذا الحدث المهم و"سورية" تصدر طابعاً تذكارياً في السادس والعشرين من كل عام يجسد هذه الذكرى العظيمة حتى تاريخنا هذا. أما عن بعض الطوابع التذكارية الأخرى، فهناك طابع "القنيطرة المدينة الشهيدة"، الذي صدر باللغتين الإنجليزية والعربية بقيمة 100ق.س، احتوى منظراً لمسجد قديم في مدينة "القنيطرة" حُطمت مئذنته، ودُمرت جميع أركانه، وخلفه برج لكنيسة تعرضت أيضاً للتدمير الحاقد على أسلوب التعايش الذي كان سائداً في هذه المدينة قبل الاحتلال.

الذكرى الأولى لتحرير القنيطرة 1975

كما أن هناك طابعاً تذكارياً لأميرة من قرية "بانياس" باللغتين الإنجليزية والعربية بقيمة 25ق.س، احتوى صورة لتمثال أميرة "بانياس" الحسناء في القرن الميلادي الأول المكتشف في قرية "بانياس" في "الجولان" المحتل عند منابع نهر "الأردن" قبل حرب عام 1967، ووقوع الاحتلال الصهيوني على "الجولان"، هذا التمثال من البرونز وأصبح من محفوظات متحف "دمشق" الوطني حالياً. وفي عام 1989، تم إصدار طابع تذكاري رُسم عليه طليعي وطليعية تجسيداً لذكرى انعقاد المهرجان القطري الرابع عشر لطلائع البعث على أرض محافظة "القنيطرة"، شملت فعالياته كل قرى وأرياف المحافظة عرساً وطنياً وقومياً للطفولة العربية الواعدة، ومازلنا حتى وقتنا الحالي نحافظ على توثيق هذا التراث الوطني الثمين».

طابع حسنا قرية "بانياس" في "الجولان"