باحث مخضرم في مجال التراث الشعبي، يتمتع بذاكرة فياضة وظفها في خدمة التراث، واستطاع أن يرفد مكتبتنا العربية بأبحاث متميزة ساهمت في تطوير آفاق الباحثين، وأصدر العديد من المؤلفات المهمة، ويسابق الزمن لتوثيق ما لديه قبل زوالها وتلاشيها.

إنه الباحث والكاتب "محمود مفلح البكر"، الذي التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 كانون الثاني 2018، حيث حدثنا عن حياته، فقال: «ولدت في عام 1947 في قرية "توافيق"؛ وهي قرية صغيرة تابعة لقضاء "طبرية" على الحدود السورية الفلسطينية في "الجولان" المحتل، لكن تم تسجيل قيد ولادتي في قرية "سمخ" الفلسطينية، وبعدها حاول الصهاينة احتلال قريتي "توافيق" و"سمخ"، ونزح أهالي القريتين إلى الأراضي السورية في "الجولان" بعد عام 1948، وهنا تنقلت أسرتي ما بين قرى "عيون" و"ساعد" و"شكوم" في "الجولان"، إلى أن استقرت في قرية "صفورية"، وبقيت فيها حتى عام 1967، إلى أن تم احتلالها أيضاً.

عاشقٌ من عشّاق "سوريّة"، محبٌّ لأرضه، متمسكٌ بترابه، يجسد حبه في انتمائه إلى الوطن، ووفائه للتراث السوري، ففي أعماله التراثية ما يدل على تعمقه بالتراث، فهو خبير وباحث ومحاضر، وفي أعماله الأدبية نجد أديباً ملتزماً بالكلمة، يعرف كيف يختار مفرداته وكلماته، وإلى من يوجهها. وقد شارك في وضع الخطوات الأولى لماجستير التراث الشعبي مع مجموعة من الخبراء في "سورية" والجامعة ووزارة الثقافة –عندما كُلفت بهذا الماجستير وكنت رئيسة قسم علم الاجتماع– ومن خلال مناقشاته، وجدت أستاذاً يُعطي ما عنده للأجيال القادمة، وتجلّى هذا في محاضرة له لطلاب ماجستير التراث، حدثني الطلبة كيف رسم على السبورة شجرة، وشرح من خلالها التراث، وكل ما يتعلق به

في ذلك الوقت، كنت قد درست المرحلة الابتدائية في مدرسة "سكوفية"، والمرحلتين الإعدادية والثانوية في ثانوية "فيق" الرسمية، إذ ترعرعت في قرى "الجولان"، ونهلت من خيراته، إلى احتلاله عام 1967، فنزحت عائلتي إلى محافظة "درعا"، والتحقت بجامعة "دمشق" كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم اللغة العربية، لكن الأوضاع الاقتصادية دفعتني إلى إيقاف دراستي في الكلية، والعمل معلماً وكيلاً آنذاك، فتم تعييني مدرّساً في مدارس "السويداء"، وبعدها مدرساً في محافظة "حماة" عام 1970، وأكملت دراستي وتخرجت عام 1979، وتم تعييني في محافظة "حلب"، وبعدها مدرساً في مدراس "دمشق"».

من ملفاته

وتابع "البكر" وصف رحلته مع الكتاب والنشر بالقول: «بدأت شغوفاً بالمطالعة منذ أن تعلمت القراءة، وكنت أقرأ كل ما يقع تحت يدي، كما بدأت محاولة الكتابة مبكراً عندما كنت في المرحلة الثانوية، وكنت شاعراً وقاصاً، تُنشر كتاباتي في العديد من المجلات والصحف آنذاك، والمشهورة منها في ذلك الوقت "مجلة أسامة". كما شاركت في الكثير من الأمسيات والمحاضرات، وتم نشر أول مجموعة قصصية لي عام 1972، ومن هنا انطلقت مسيرتي الطويلة المتشعبة، وبدأت أعمالي تتوسع في النشر إلى "لبنان" و"السعودية"، وتمت دعوتي للمشاركة في ندوة "يوم الراوي" في "الشارقة" عام 2010، وأيضاً عام 2015 للمشاركة في ملتقى "الإسكندرية" في "مصر"، وفي عام 2017، دعيت إلى ملتقى جامعة "المنصورة"، والمشاركة في احتفالية "الأقصر" مدينة للثقافة العربية».

وعن مؤلفاته، قال: «شغفي في البحث التراثي كان دافعاً لتكون مؤلفاتي خاصة بالتراث الشعبي، إضافة إلى باقي الاتجاهات الأخرى، إذ كتبت في أكثر من مجال، فكان أولها عام 1972، مجموعة قصصية للكبار بعنوان: "هنا الطريق"، وفي عام 1984 "بسبوس الأعرج"؛ وهي رواية للأطفال، لأنتقل إلى بحوث التراث الشعبي، حيث كتبت عام 1992 مؤلفاً بعنوان: "الروح الأخضر (احتفالات الخصب في العادة والمعتقد)، وفي عام 1995 "العرس الشعبي - الترويدة"، و"القهوة العربية في الموروث والأدب الشعبي".

من أمسية للكاتب "محمود البكر" في القنيطرة

في عام 2000، عدت إلى شعر الأطفال، فكتبت "أغنيات الأطفال"، وللشعر نصيب من كتاباتي، فكان عملي الشعري عام 2003 بعنوان: "لأعراس اللوز والثريا"، وفي عام 2006 رواية الفتيان "سرّ الينبوع"، وفي عام 2009 "مدخل البحث الميداني في التراث الشعبي"، وكتاب "تقاليد الرعي" بعد دراسة مطولة عام 2012، و"تقاليد الفلاحة" عام 2013، وفي العام التالي "أرجوزة المرأة في بلاد الشام" (المهاهاة)، وآخرها كان عام 2015 بعنوان: "فن الهجيني"، وأيضاً كان لي نشر إلكتروني بعد بحث ودراسة طويلة بعنوان: "بيت الشعر" صناعاته وعاداته وتقاليده، ومعتقداته وآدابه.

كما لدي بعض الأعمال الفنية التي قُدمت على المسرح، وهي مستوحاة من التراث الشعبي كـ"ليلة عيد" وهي مغناة للأطفال، و"راية الفرح" المغناة للفتيان، و"أرض اليمام" المسرحية الشعرية التي قُدمت عام 2001، وأيضاً كانت لي مشاركات ببرامج ثقافية إذاعية، مثل برنامج "إشراقة صباح"؛ وهو مؤلف من 93 حلقة، في إذاعة "عمان"، وبرنامج "أسماء وسمات" من 13 حلقة».

ندوة تراثية في درعا سنة 2005

الأستاذة "أمل حمدي دكاك"، بروفيسور في قسم علم الاجتماع في جامعة "دمشق" إعلامية وكاتبة، قالت: «عاشقٌ من عشّاق "سوريّة"، محبٌّ لأرضه، متمسكٌ بترابه، يجسد حبه في انتمائه إلى الوطن، ووفائه للتراث السوري، ففي أعماله التراثية ما يدل على تعمقه بالتراث، فهو خبير وباحث ومحاضر، وفي أعماله الأدبية نجد أديباً ملتزماً بالكلمة، يعرف كيف يختار مفرداته وكلماته، وإلى من يوجهها.

وقد شارك في وضع الخطوات الأولى لماجستير التراث الشعبي مع مجموعة من الخبراء في "سورية" والجامعة ووزارة الثقافة –عندما كُلفت بهذا الماجستير وكنت رئيسة قسم علم الاجتماع– ومن خلال مناقشاته، وجدت أستاذاً يُعطي ما عنده للأجيال القادمة، وتجلّى هذا في محاضرة له لطلاب ماجستير التراث، حدثني الطلبة كيف رسم على السبورة شجرة، وشرح من خلالها التراث، وكل ما يتعلق به».