«نحن نسعى إلى سد الهوة بين ذوي الاحتياجات الخاصة والمجتمع، وذلك بغية استثمار الطاقات المتوفرة لديهم، وتوظيفها في خدمة المجتمع، والدمج عملية تغيير حقيقية، وليست مشروعاً يحتاج إلى تغيير حقيقي، في طريقة تفكيرنا، وعملنا، وهذا يحتاج إلى تعاون بين الجميع، وإلى رؤية مشتركة، وضرورة المرونة في المنهج والتطبيق، والتدقيق في كسر الحواجز، وخلق أجواء تشجع على المساهمة في عملية الدمج، والأهم من ذلك تفاعل الأهل مع هذه العملية، وتغيير نظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة، وأهمية تصميم مناهج شاملة لجميع الشرائح، سواء منهم الأسوياء، وذوي الاحتياجات الخاصة.

فهناك شخصيات كثيرة قهرت الإعاقة، "مثل بشار بن برد" و"أبو علاء المعري"، و"طه حسين" الذي كان أعجوبة عصره، و"توماس أديسون"، الذي اخترع أكثر من ألف جهاز وهو أصم، ولم تمنعه إعاقته من الوصول إلى مصاف العظماء في تاريخ البشرية، أما "إيفلين"، فقد كانت عازفة مبدعة، وملحنة مشهورة، ولكنها لم تسمع التصفيق طوال حياتها، لأنها صماء، تعيش في عالمها الصامت بثقة عالية بالنفس، فهي موسيقية رائعة تغلبت على إعاقتها، وغيرت مسار حياتها بتواصلها مع الآخرين، عبر الموسيقى».

لدي أربعة أطفال، منهم أصمين، فتبرعت بالدوام في الجمعية، بأجر محدود بالمكافآت، ودوري يقتصر على الإشراف على باص الجمعية الذي يحضر الطلاب إلى المدرسة، أذهب وأحضر كل طفل من منزله وأعود به آخر الدوام إلى المنزل، وأطمئن عليه أنه داخل المنزل، فأنا أشعر أن جميع الأطفال هم أولادي، وأحس بمعاناتهم، نتيجة علاقتي بولدي، التي جعلتني أنظر إلى جميع الأطفال رؤية واحدة. أستثمر كل وقتي وطاقتي لطفلي الأصمين، ومن أهم أسباب رغبتي بالدوام في جمعية "الرجاء" تعلم لغة الإشارة لكي أستطيع تعليم أطفالي، والحمد لله الجمعية سهلت لي التعامل مع أطفالي كثيراً، من خلال تعلم لغة الإشارة، وطريقة النطق، وكيفية التعامل مع أطفالي

هذا ما ذكره لموقع eRaqqa بتاريخ (1/11/2009)، الدكتور "إحسان عليوي"، رئيس الجمعية في معرض حديثه عن فكرة دمج الأطفال المعوقين مع أقرانهم الأسوياء في المجتمع.

أحد صفوف الجمعية

وعن الخدمات التي تقدمها الجمعية، وأهدافها، ومقرها، وعن دورها في العمل على دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع، تحدث "العليوي" قائلاً: «جمعية "الرجاء" هي جمعية أهلية متخصصة في تعليم الأطفال الصم، وتسعى للوصول بهم إلى سوية أقرانهم السامعين، وتأمين كل الوسائل اللازمة لتحقيق هذه الغاية، ويتم قبول الأطفال الصم من عمر أربع سنوات في الصف التحضيري الأول حتى الصف الخامس الابتدائي، ومقرها مدينة "الرقة"، كما أنها تقبل جميع المتقدمين من خارج المحافظة.

وبعد إحداث فرع "الرقة" لجمعية "الرجاء" لرعاية المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة، بدأنا في العام الدراسي /1999/-/2000/، دون مقر، وبلا رصيد مالي، وبشعبتين تضمان /19/ طفلاً ومعلمتين دربناهما في "دمشق"، وكان ذلك بمقر فرع "الهلال الأحمر" في "الرقة"، وبعد الافتتاح بدأنا بحملة تبرعات على المستويين الشعبي والرسمي، لتأمين التمويل اللازم لشراء مقر للجمعية، وتأمين المصاريف اللازمة للمدرسة».

من طلاب الجمعية

وعن تأسيس مقر للجمعية، والوضع الإداري الراهن لها، يتحدث "العليوي" قائلاً: «في عام /2001/م اشترينا مقراً للجمعية، وهو عبارة عن بناء قديم مساحته /350/م2 مبني بالآجر، وسقفه خشبي، وقمنا بترميمه وبدأنا الدراسة فيه حتى عام /2004/م، حيث اشترينا عقاراً مجاوراً له بمساحة /150/ م2، وهدمنا البناء القديم وبنينا مقراً حديثاً مؤلفاً من طابقين، وعلى السطح أنشأنا قاعة اجتماعات، وصالة أنشطة مكشوفة، ومسقوفة بالقرميد والحديد، وسوف يتم تنفيذهما فور انتهاء العام الدراسي الحالي.

والآن تضم المدرسة /71/ طفلاً، من عمر /4/ سنوات حتى /13/ سنة، وموزعين على /8/شعب صفية من التحضيري أول وحتى الخامس الابتدائي، حيث اقتصر تعليمنا على التحضيري والحلقة الأولى من التعليم الأساسي، وينتقل بعدها الأطفال إلى "معهد الصم" التابع لمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في "الرقة".

خلال أحد الدروس

ويبلغ عدد الجهاز التعليمي والإداري /15/ شخصاً، تم تدريب المعلمات بمساعدة كريمة من مؤسسة كريم "رضا سعيد" في "دمشق"، وفي جمعية "الأرض المقدسة" في "الأردن"، وتم تجهيز المدرسة بالوسائل الفنية المساعدة، وتأمين باص لنقل الأطفال بمنحة من السفارة اليابانية في "دمشق" عام /2004/م».

وعن أهداف الجمعية تحدث "العليوي" قائلاً: «تهدف جمعية "الرجاء"، مثلها مثل باقي الجمعيات الأهلية التي تعنى بالمعوقين، في جميع أنحاء العالم، إلى تقديم خدمات الرعاية، والعلاج، والتأهيل، للمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير مختلف الخدمات الاجتماعية اللازمة والضرورية لهم، وذلك عن طريق إقامة مؤسسات تعمل على توفير الرعاية المبكرة للمعوقين، وتقديم مختلف سبل الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية للمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وإقامة مراكز توعية وعلاج ثابتة ومتنقلة، والعمل على تأمين الخدمات المنزلية لهم، وتوعية وإرشاد أسر المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة لأفضل طرق الوقاية والرعاية والمعالجة، واستخدام مختلف وسائل الإعلام بما في ذلك، الندوات، وإقامة الحفلات الفنية، وعرض الأفلام السينمائية، وإصدار النشرات الدورية، وإلقاء المحاضرات العلمية، والمشاركة في المعارض والمسابقات الفنية.

كما تهدف الجمعية إلى توفير الأجهزة المساعدة للمعوقين، وذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة ما يتعلق بالأجهزة السمعية، والتعاون مع الاتحادات، والجمعيات الأهلية، والمؤسسات الحكومية، والاتصال بما يقابلها من جمعيات ومؤسسات راعية في الدول المتقدمة، وذلك بغية تقديم المساعدة للجمعية، في إطار تقديم التجهيزات واستخدام الخبراء، وتدريب العناصر، وتوفير الأجهزة المساعدة، وذلك بعد الحصول على موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهات المعنية الأخرى ذات العلاقة».

وعن طريقة التعامل مع الطلاب في الجمعية، تحدثت المدرسة "إنعام المطر"، معلمة الصف التحضيري في الجمعية، قائلة: «اليوم أصبح لي في هذه الجمعية، أحد عشر عاماً، ولأن ظروفي الاجتماعية لم تساعدني على إكمال دراستي، وكان حلمي أن أصبح معلمة، وعندما سمعت بالجمعية، والخدمات التي تقدمها لذوي الاحتياجات الخاصة، تقدمت بأوراقي والحمد لله استطعت أن أحقق حلمي وأن أصبح معلمة، وسعادتي كانت أكبر، كوني أساعد هؤلاء الأطفال ليتعلموا، ويستطيعوا التأقلم مع محيطهم الاجتماعي.

أنا أشعر أنهم أولادي حقيقة، وباعتباري من المؤسسات في هذه المدرسة، لأن أول دفعة من الطلاب أدرسها، الآن هم في الصف التاسع، في معهد "الإعاقة السمعية"، وللتدريس في الجمعية، أسلوب خاص، لأن الطلاب يفتقدون لحاسة السمع، فهم يعتمدون على الإحساس والرؤية، وعن طريق الذبذبات التي تلامس يد الطفل، فيحاول تقليدها بنفسه، ومن الوسائل التي نستعين بها لتعليم الطفل الأصم، الاعتماد على الأشياء المرئية، حيث نستعين بالصور والمجسمات لمعرفة الأشياء».

أما السيدة "ازدهار المخلف"، فقد تحدثت عن الجمعية قائلة: «لدي أربعة أطفال، منهم أصمين، فتبرعت بالدوام في الجمعية، بأجر محدود بالمكافآت، ودوري يقتصر على الإشراف على باص الجمعية الذي يحضر الطلاب إلى المدرسة، أذهب وأحضر كل طفل من منزله وأعود به آخر الدوام إلى المنزل، وأطمئن عليه أنه داخل المنزل، فأنا أشعر أن جميع الأطفال هم أولادي، وأحس بمعاناتهم، نتيجة علاقتي بولدي، التي جعلتني أنظر إلى جميع الأطفال رؤية واحدة.

أستثمر كل وقتي وطاقتي لطفلي الأصمين، ومن أهم أسباب رغبتي بالدوام في جمعية "الرجاء" تعلم لغة الإشارة لكي أستطيع تعليم أطفالي، والحمد لله الجمعية سهلت لي التعامل مع أطفالي كثيراً، من خلال تعلم لغة الإشارة، وطريقة النطق، وكيفية التعامل مع أطفالي».