تعتبر تجارة الألبسة المستعملة "البالة"، تجارة رائجة على المستوى العالمي، حيث أن معظم دول العالم ـ الغنية منها والفقيرة ـ تحتوي على مراكز خاصة ببيع السلع المستعملة. وفي مدينة "الثورة" التابعة لمحافظة "الرقة"، يوجد هناك واحد من أهم أسواق "البالة" في سورية، والذي يقع في الحي الثالث، بالقرب من جامع "الفرقان" الشهير.

موقع eRaqqa وبتاريخ (8/11/2009) قام بجولة إلى هذا السوق، وهناك التقى السيد "محمود السعيد"، وهو بائع ألبسة مستعملة ذات مصدر أوروبي، حيث حدثنا عن هذا السوق بقوله: «تم اختيار هذا الشارع ـ الذي يتبع للحي الثالث ـ كسوق للـ"بالة" منذ حوالي ثمانية أعوام، وأنا شخصياً أعرض بضاعتي فيه منذ سبعة أعوام تقريباً، علماً أنه قبل ذلك كان هناك سوقٌ للـ"بالة" في غير هذا المكان، لكنه لم يحظَ بالشهرة التي نالها السوق الحالي.

هناك شروط يجب توافرها لدى زبون "البالة" المحترف، أو الخبير، الذي يفوز دائماً بالحصة الجيدة، وأول هذه الشروط، هو زيارته الدائمة لسوق "البالة"، وذلك ليكون على إطلاع بكل ما هو جديد، ثانياً قدرته على تكوين علاقات شخصية مع الباعة، وتبادله معهم أرقام الجوالات، وذلك للاتصال به فور وصول البضاعة، لكي يحضر عملية فتح الطرود قبل جميع الزبائن، واختيار ما يناسبه منها دون وجود منافسين كُثر، ولتحقيق هذا الأمر، يجب أن يكون الزبون سخياً، ولا يساوم كثيراً على الأسعار، ليبقى زبوناً مدللاً

وإلى الآن لا يوجد سوقٌ ينافسه حتى في مركز مدينة "الرقة"، فسمعة هذا السوق وصلت إلى كافة المدن السورية، وذلك بسبب جودة البضاعة المعروضة وتنوعها، حيث أن غالبية الألبسة التي تعرض هي غير مستعملة، والمستعمل منها يكون بحالة جيدة جداً، لذلك ترى إقبالاً كبيراً على السوق، ليس من سكان مدينة "الثورة" فقط، بل حتى من أهالي مدينة "الرقة"، وذلك ليس بحثاً عن السلعة المتدنية السعر، بل بحثاً عن القطعة الأصلية و"المحروفة"، حيث أن هناك الكثير من الناس يفضلون أن يقتنوا ألبسة غير متداولة لدى البقية.

جانب من سوق البالة

وتضم "البالة" العديد من السلع، وأهمها الألبسة بمختلف أنواعها، كذلك هناك "بسطات" خاصة بالأحذية، وأخرى بالأدوات الكهربائية. وبالطبع فإن هناك تبايناً بين هذه السلع، فهناك "بالة" نخب أول، وقد اصطلح التجار على تسميتها "كريمه"، وهناك نخب ثانٍ وثالث.

أما بالنسبة لمصدر البضاعة، فهي لا تأتي من مكان ثابت معين، فمنها ما يأتي من تركيا، أو أوكرانيا أو روسيا وفرنسا، وغيرها من الدول الأوروبية، كما أن هناك بضاعة تأتينا من دول الخليج العربي، وهي تلقى رواجاً هنا، وذلك لتقارب الأزياء بين سكان المنطقة، وسكان الخليج العربي».

السيد محمد قبلان

ويتابع "السعيد" حديثه موضحاً أوقات الدوام في هذا السوق: «لا بدَّ من الإشارة أولاً، إلى أن سوق "البالة" هنا، يقع في شارع غير مخصص للمحلات التجارية، وبالتالي فإن جميع الباعة يعرضون بضاعتهم على "بسطات" متنقلة، توضع على جانبي الطريق، لذلك وعلى خلاف المحلات التجارية، فإنه ليس بوسعهم الالتزام بدوام دائم.

تم اختيار الساعة الرابعة، لتكون بدايةً لافتتاح السوق، أي بعد انتهاء موعد الدوام الرسمي، حيث أن أغلب رواد السوق هم من موظفي الدوائر الحكومية، ويستمر السوق إلى الساعة التاسعة في فصل الصيف، وأقل من ذلك بساعة في فصل الشتاء، وهذا التوقيت ينطبق على كل أيام الأسبوع، عدا يوم الجمعة، حيث يتم افتتاح السوق بعد صلاة الجمعة، أي بحدود الساعة الواحدة ظهراً».

طفلة تختار ملابسها بنفسها

أما السيد "محمد قبلان"، وهو من سكان "الثورة"، وأحد رواد سوق "البالة"، فقد قال: «أتردد إلى هذا السوق منذ بداية تأسيسه، وأغلب ما أشتريه من ألبسة مصدره سوق "البالة"، وما يجذبني بالدرجة الأولى لشراء الملابس المستعملة، هو ماركاتها العالمية، وجودتها العالية، وأسعارها المعتدلة، وتحملها للغسيل المتكرر دون تلف، وأعتقد أن معظم زبائن هذا السوق يقصدونه بحثاً عن الجودة التي تفتقرها البضاعة الموجودة في السوق، بالإضافة لندرتها وجماليتها، وليس الهدف دائماً هو سعرها المتدني نسبياً، علماً أن أسعار "البالة" لا يستهان بها، وكثيراً ما تكون أعلى من أسعار السوق، فمثلاً بنطال "الجينز" في السوق يصل سعره إلى /700/ ل.س، وقد تجد بنطالاً في "البالة" سعره /1200/ل.س أو أكثر من ذلك.

وأنا شخصياً أعرف العديد من أصحاب محلات الألبسة الجاهزة سواء في مدينة "الثورة" أو "الرقة"، الذين يترددون إلى سوق "البالة" لشراء ألبستهم وأحذيتهم، وبالتأكيد هم لا يقصدون البحث عن بضاعة متدنية السعر».

وعن عوامل نجاح عملية التسوق من "البالة"، يقول "قبلان": «هناك شروط يجب توافرها لدى زبون "البالة" المحترف، أو الخبير، الذي يفوز دائماً بالحصة الجيدة، وأول هذه الشروط، هو زيارته الدائمة لسوق "البالة"، وذلك ليكون على إطلاع بكل ما هو جديد، ثانياً قدرته على تكوين علاقات شخصية مع الباعة، وتبادله معهم أرقام الجوالات، وذلك للاتصال به فور وصول البضاعة، لكي يحضر عملية فتح الطرود قبل جميع الزبائن، واختيار ما يناسبه منها دون وجود منافسين كُثر، ولتحقيق هذا الأمر، يجب أن يكون الزبون سخياً، ولا يساوم كثيراً على الأسعار، ليبقى زبوناً مدللاً».