تقع بلدة "سلوك" إلى الشمال من مدينة "الرقة" بنحو /85/كم، وسميت كذلك لكثرة الطرق والدروب المؤدية إليها، وتتوافر فيها ينابيع المياه التي أمنت لها مكانة تاريخية كمركز للقوافل التجارية العابرة إلى بلاد الأناضول، أو إلى الجزيرة السورية، وما يؤكد ذلك وجود آثار الطريق القديم الذي يصلها بمدينة "حران" التركية، وهي مركز ناحية.

ولمعرفة تاريخ البلدة، وللوقوف على حاضرها التقى موقع eRaqqa السيد "أحمد الشيخو"، رئيس المركز الثقافي في بلدة "سلوك"، الذي تحدث قائلاً: «الاسم القديم لبلدة "سلوك"، هو "باجدا"، وهي قرية كبيرة بين "رأس العين" و"الرقة"، وكان "مسلمة بن عبد الملك" قد أقطع موضعها رجلاً من أصحابه، يقال له "أسيد السلمي"، فبناها وسوّرها، وفيها بساتين تسقيها عين تنبع من وسطها يشرب منها الناس، وما فضل يسقي زروعها، وهي قرب حصن "مسلمة بن عبد الملك".

في خطة عام /2010/ سنتابع تنفيذ مشروع الصرف الصحي بطول /2/كم، ليغطي بعض التجمعات السكنية، وتنفيذ دوار في مدخل البلدة باتجاه مدينة "الرقة"، وإعادة تأهيل وتحسين مدخلي البلدة باتجاه "الرقة" و"تل أبيض"، وفي هذا الإطار حصلت البلدة على مبلغ خمسة ملايين ليرة سورية إعانة من موازنة المحافظة المستقلة

قبل بداية السبعينيات من القرن العشرين عاصرنا العين التي تتوسط البلدة، والعيون الصغيرة، التي كانت تشكل في مجموعها الذي يبلغ ستة ينابيع نهراً يجتاز سهلاً أخضر، كان يسمى محلياً "المرج"، ومازالت التسمية تطلق عليه رغم تغير العديد من ملامحه في قسمه العلوي الذي شُغل بالتوسع العمراني، وأبنية السكن، ويتذكر أبناء البلدة قبل هذا التاريخ شواهد تدل على وجود نبات البردي والزل وأشجار الصفصاف التي تكثر في مسيل النهر وجواره، والطيور البرمائية والسلاحف التي كانت تعيش هناك، وكان يغطي أرض المرج نبات النجيل، وبجوار أقصى المجرى العلوي للنهر تكثر البرك والمستنقعات، بعضها طبيعي، والآخر من فعل إنسان البلدة».

أحمد الشيخو رئيس المركز الثقافي

ويتابع "الشيخو" في السياق ذاته قائلاً: «تتميز بلدة "سلوك" بتوجه أهلها نحو العلم، لذلك تخلو من الأمية بين جيل الشباب، وتنحصر الأمية بين كبار السن والنساء، وتصل نسبة الأمية بين سكان البلدة إلى نحو /15%/، وهي نسبة متدنية إذا ما قيست بنسبة الأمية بين أبناء محافظة "الرقة"، وفي هذا الإطار يوجد في البلدة ثلاث مدارس تعليم أساسي حلقة أولى، وثلاث مدارس حلقة ثانية، وثانوية وحيدة فيها دراسة للقسم العلمي والقسم الأدبي.

كما يوجد في البلدة مركز ثقافي مجهز بمبنى حديث، يحتوي قاعة كبيرة للمحاضرات والندوات الفكرية والثقافية، والأمسيات القصصية والشعرية، وتتميز أنشطته بتواجد جمهور قلّ نظيره في المحافظة، ومن أنشطته، ملتقى الثلاثاء الثقافي، ويتم اختيار موضوعاته الثقافية من قبل الحضور، وتعبر الآراء المطروحة عن وجهة نظر أصحابها تحت سقف المواطنة والولاء للوطن، ويقيم المركز مهرجان "باجدا" الثقافي سنوياً، إضافة للأنشطة والمسابقات الأدبية والفنية والعلمية للأطفال والشباب، كما نستقدم أدباء ومفكرين وباحثين من المحافظة وخارجها ضمن برامج وخطط المراكز الثقافية في المحافظة».

فيصل الشيوخ رئيس مجلس البلدة

كما التقى موقعنا السيد "فيصل الشيوخ"، رئيس مجلس بلدة "سلوك"، الذي تحدث عن أعمال مجلسها ومشاريعها، ونشاطها البشري، قائلاً: «يبلغ عدد سكان البلدة نحو /25/ ألف نسمة، وعدد بيوتها نحو /2500/ مسكناً، وتبلغ مساحة المخطط التنظيمي للبلدة /575/ هكتاراً، ويعمل معظم أهلها بالزراعة وتربية الأغنام الأبقار، ومن أهم منتجاتها الزراعية القطن والقمح والشوندر السكري، ونتيجة لجفاف الينابيع انحصرت المساحات المزروعة بالأراضي المروية من مياه الآبار، والأخرى المروية بعلاً من مياه الأمطار، وتنتشر زراعة الأشجار المثمرة، وأكثرها الزيتون والرمان، كما يعمل عدد كبير من أهلها بالتجارة، حيث يبلغ عدد المحلات التجارية في سوقها التجاري نحو /200/ محل، يعمل أصحابها في بيع المفرق لمواد البقالة، إضافة لمحلات الحدادة والميكانيك والنجارة، والحلاقة، والمطاعم الشعبية».

ويتابع "الشيوخ" قائلاً: «تتوافر في البلدة المرافق التالية، مركز الناحية، ومحكمة للصلح، ووحدة إرشادية زراعية وبيطرية، ومكتب للسجل العقاري، ومستوصف صحي، ومجمع تربوي، ومركز ثقافي، ومكتب للبريد والهاتف، ومصرف زراعي، وجمعية فلاحية، تعنى بشؤون الفلاحين، ومكتب خدمات كهرباء ووحدة متكاملة لمياه الشرب.

مبنى البلدية

تبلغ موازنة البلدة /14,6/ مليون ليرة سورية، ومن أهم مشاريع البلدية مشروع الصرف الصحي المتكامل، واستجرار مياه الصرف الصحي إلى خارج حدود المخطط التنظيمي، وربطها بمحطة المعالجة، قيد الإعلان عن مشروعها حالياً، ويجري تنفيذ مصبات الصرف الصحي بأطوال نحو أربعة كيلو مترات، وبأقطار من /60 ـ 100/سم، ويبلغ الكشف التقديري لمشروع الصرف الصحي /31/ مليون ليرة سورية بتمويل من وزارة الإسكان والتعمير.

تم تشجير الجزر الوسطية في البلدة، والتي يبلغ أطوالها ثلاثة كيلو مترات بحوالي /700/ شجرة من الأشجار الحراجية من نوع السرو والنخيل المروحي والثمري والكازورينا، وتنفذ البلدية حديقة عامة بمساحة /26/ دونماً، الذي اصطدم بوجود تلة أثرية، لكن يجري حالياً تأهيل المناطق المجاورة لها.

أما مشاريع الطرق فقد تم تنفيذ طرق بطول أربعة كيلو مترات في عام /2009/، وفي خطة عام /2010/ سيجري تعبيد وتزفيت طرق بطول /4,5/كم وبقيمة تسعة ملايين ليرة سورية. وبالنسبة لقطاع النظافة فقد تم شراء آلية نظافة تستوعب /16/م3، وتصنيع /30/ حاوية للقمامة، وشراء كانسة تنظيف، ويجري حالياً تصنيع /20/ حاوية أخرى ليتم توزيعها على بقية أحياء البلدة، وتم مراسلة مديرية الزراعة لتخصيص البلدة بقطعة أرض لتكون موقعاً لمكب القمامة، الذي ينفذ ضمن مشروع معالجة النفايات الصلبة المتكامل الذي تنفذه المحافظة حالياً».

ويختتم "الشيوخ" حديثه، قائلاً: «في خطة عام /2010/ سنتابع تنفيذ مشروع الصرف الصحي بطول /2/كم، ليغطي بعض التجمعات السكنية، وتنفيذ دوار في مدخل البلدة باتجاه مدينة "الرقة"، وإعادة تأهيل وتحسين مدخلي البلدة باتجاه "الرقة" و"تل أبيض"، وفي هذا الإطار حصلت البلدة على مبلغ خمسة ملايين ليرة سورية إعانة من موازنة المحافظة المستقلة».

بلدة "سلوك" من البلدات والقرى التي تتميز بالترابط الاجتماعي، وعن ذلك يتحدث المعلم "جهاد عيد"، قائلاً: «تخرجت معلماً، وتعينت في بداية سبعينيات القرن العشرين في مدرسة "سلوك" الوحيدة آنذاك، أحببت الناس، والطبيعة، وآثرت الاستقرار فيها، رغم أنني الفلسطيني الوحيد الذي يعيش هنا، ورزقت بأولادي، الذين تربوا هنا وتلقوا العلم في مدارسها، وأنا سعيد لأنني أعتبر نفسي أحد أبناء هذه المنطقة، أعيش أفراح الناس وهمومهم».

وأخيراً يختتم "أحمد الشيخو" حديثه حول هموم البلدة بقوله: «نتمنى من أصحاب القرار أن يولوا البلدة اهتماماً أكبر، ويتوجهوا لإقامة مشاريع تنموية تساهم باستقرار السكان أولاً وتوفير فرص العمل لأهل البلدة، حيث توجه أغلب الشباب إلى الهجرة للعمل في لبنان والمحافظات الأخرى، وهذه المشاريع تتركز بمجال الري واستصلاح الأراضي، ومساعدة الأهالي على ما لحق بهم خلال سنوات الجفاف الخمس التي مرّت على المنطقة، فهي تعيد "سلوك" إلى ألقها كما كانت "باجدا" ذات الينابيع الكثيرة، والمناخ الجيد».