تؤكد المكتشفات الأثرية أن منطقة الفرات شهدت أول استيطان بشري نحو الألف التاسع قبل الميلاد في منطقة تل "المريبط"، وعلى ضفاف نهر "الفرات" انتشرت الغابات الطبيعية الحقيقية، التي تضم أنواعاً متعددة من الحيوانات البرية كالنمر الفراتي، والخنازير البرية، والغزلان، والأرانب، وبنات آوى، والعشرات من أنواع الطيور، وتميز تل الغابات بوفرة النباتات والأشجار الطبيعية كالطرفاء، والصفصاف، والبردي، والحور الفراتي، والعوسج البري، ونبات السوس، وغيره.

لكن يد الإنسان امتدت إليها وأتى الاحتطاب الجائر على معظمها، إلا أن العديد منها نجت وظلت علامة فارقة تؤكد غنى المنطقة، وحيوية البيئة وما تكتنزه من مقدرات، وشكلّت معظمها محميات بيئة، لعبت دوراً بارزاً في حفظ التنوع الحيوي، ومن أبرز هذه الحوائج، حويجة "عايد"، أو محمية "الثورة" البيئية، التي تعتبر من أهم مقاصد السياحة البيئية في محافظة "الرقة".

محمية "الثورة" البيئية جزيرة صُنعية تشكلت بُعيد بناء سد "الفرات"، وتقع ضمن بحيرة "الأسد"، وترتبط بضفاف البحيرة بطريق معبد بطول /2/كم وعرض /10/م وتبعد عن الطريق العام الواصل بين "حلب" – "الرقة" بحدود /9/كم، وتبعد عن "الرقة" نحو /65/كم، وتبلغ مساحتها /590/ هكتاراً، وتمتلك الجزيرة مقومات الحماية الطبيعية بسبب انخفاض التكاليف المخصصة لحمايتها وذلك لإحاطة الماء بها (عدا المدخل الرئيسي). طبيعة تضاريسها المتعددة والمختلفة (وادي- خليج – سهل – تلة). امتلاكها للأوابد التاريخية (قصور بنات أبو هريرة). إمكانية إعادة تأهيل الحياة الطبيعية النباتية والحيوانية بالجزيرة، والظروف المناخية الجديدة التي تشكلت بعد بناء سد "الفرات" وتشكل بحيرة "الأسد"

وحول موقع محمية "الثورة" وميزاتها، تحدث لموقع eRaqqa المهندس "صالح الأحمد"، رئيس دائرة حراج في زراعة "الرقة"، قائلاً: «محمية "الثورة" البيئية جزيرة صُنعية تشكلت بُعيد بناء سد "الفرات"، وتقع ضمن بحيرة "الأسد"، وترتبط بضفاف البحيرة بطريق معبد بطول /2/كم وعرض /10/م وتبعد عن الطريق العام الواصل بين "حلب" – "الرقة" بحدود /9/كم، وتبعد عن "الرقة" نحو /65/كم، وتبلغ مساحتها /590/ هكتاراً، وتمتلك الجزيرة مقومات الحماية الطبيعية بسبب انخفاض التكاليف المخصصة لحمايتها وذلك لإحاطة الماء بها (عدا المدخل الرئيسي). طبيعة تضاريسها المتعددة والمختلفة (وادي- خليج – سهل – تلة). امتلاكها للأوابد التاريخية (قصور بنات أبو هريرة). إمكانية إعادة تأهيل الحياة الطبيعية النباتية والحيوانية بالجزيرة، والظروف المناخية الجديدة التي تشكلت بعد بناء سد "الفرات" وتشكل بحيرة "الأسد"».

استراحة المحمية

وحول أهداف إقامة هذه المحمية، يقول "الأحمد": «إن لإقامة هذه المحمية فوائد كثيرة جداً، منها إعادة الغطاء النباتي والحيوانات البرية إلى ما كان عليه سابقاً، والمساهمة في تعديل المناخ المحلي للمنطقة، وإيقاف زحف التصحر وتخفيف آثار الرياح الشديدة، والاستفادة من المحمية، وجعلها مخبراً علمياً لأصحاب الاختصاص لإجراء دراساتهم وأبحاثهم المختلفة، والاستفادة من الموقع بمجال السياحة البيئية، وتوفير الترفيه بصورة منظمة دون الإخلال بالتوازن الطبيعي، والمساهمة بالتوعية البيئية للمواطنين لجهة الحفاظ على البيئية، وأهمية إعادة التوازن البيئي للمنطقة.

وفي هذا الإطار اتخذت المحافظة العديد من الإجراءات التي من شأنها استثمار المحمية للأغراض السياحية، حيث تم مؤخراً إعادة تأهيل استراحة الزوار وحديقة المحمية بما يتلاءم مع الطابع البيئي والسياحي للمحمية».

المهندس صالح الأحمد

وحول مشروع إعادة تأهيل المحمية، الذي نفذته الشركة العامة للمشاريع المائية، فرع "الرقة"، يقول المهندس "أمير زينب"، مدير الفرع: «تبلغ قيمة العقد الإجمالية نحو /16/ مليون ليرة سورية، ويتضمن مشروع إعادة التأهيل، بناء مرافق عامة ومغاسل، وتعبيد الساحة العامة، وإشادة أرصفة، وبناء مقاعد وطاولات حجرية، وتركيب أسيجة، وحواجز خشبية، وتركيب أجهزة إنارة، وبناء مظلة لاستراحة الزوار، وزراعة أشجار الزينة، وتعشيب الموقع العام، وبناء مظلات، وبناء جدر استنادية بجوار الاستراحة، وترقيع المساحات الجرداء.

بعد تنفيذ مشروع إعادة التأهيل المتكاملة للمحمية، أصبح بإمكاننا اعتبارها من أهم المواقع الأكثر جذباً للسياح، وخاصة في أشهر الربيع والصيف الحارة، وستكون هناك خطة متكاملة لمحافظة "الرقة" في السنوات القادمة لتأهيل باقي الجزر الفراتية، والاستفادة من مزاياها في تنشيط السياحة البيئية».

المهندس أمير زينب

ويختتم رئيس دائرة الحراج حديثه حول المحمية، قائلاً: «تقع محمية الثورة البيئية في نطاق المشروع الشامل لتشجير ضفاف البحيرة، وهي مزروعة بالعديد من الأنواع النباتية الشجرية منها الصنوبر الحلبي والصنوبر البيروتي ولسان الطير والزيزفون والدفلة والسرو، كما تحتوي المحمية على أشجار الزيتون والفستق الحلبي، وعملت الدائرة مؤخراً على استبعاد مجموعات العمل بالديزل، واستبدلتها بمجموعات عمل كهربائية توفر الطاقة النظيفة، كما قامت بتأمين شبكة الري الضرورية والمضخات والخزانات اللازمة لإتمام عمليات الري علماً أنه لا تتم أية عمليات حراثة أو فلاحة أو تسميد أو رش بأية مبيدات صناعية أو كيميائية أو صيد ضمن حرم المحمية المائي والطبيعي، وبالتالي لا توجد أية ملوثات مما يؤهل المحمية لتكون صديق للبيئة ومحافظة على جمال طبيعتها.

وفي إطار الحفاظ على التنوع الحيوي في المحمية تعمل دائرة الحراج على تربية بعض أنواع الغزلان وإطلاق أعداد كبيرة من مختلف أنواع الطيور في المحمية كطيور "الحجل" و"القطا" و"الدراج"، واستقطاب الحمام البري عبر إنشاء برج يتألف من /3150/ مسكناً صغيراً لإيواء الطيور.

وتضم العديد من الأنواع النباتية الطبيعية مثل شجيرات "الروثا" التي تسود أكثر أجزاء المحمية وفي الأجزاء التي ظهر بها التملح ظهرت نباتات "الرغل"، إضافة إلى الأنواع الموجودة سابقاً كـ"الشيح" و"البابونج" و"القيصومة" و"السوسن البري" و"الشوفان البري" و"الفطر" بأنواعه، وبدأت تختفي أنواع أخرى مثل "الحرمل" و"اللهيب السوري".

تضاعف عدد الغزلان في محمية الثورة البيئية حتى وصل عددها إلى /171/ غزالا بعد أن بدأت بـ/12/ غزال، وكانت مديرية الزراعة قد باعت أعداداً منها للمحميات في المحافظات الأخرى بعد توالدها، وازدادت في الآونة الأخيرة أعداد الثعالب وابن آوى والصقور التي يلاحظ وجودها في فصل الخريف بصورة خاصة، كما أن الشروط المناخية ساعدت الطيور المهاجرة العابرة للتوافد للمحمية، ومنها الحمام علماً أن المحمية تحتضن العديد من الطيور المستوطنة مثل النورس والغطاس والحمام الأزرق والعصفور الدوري».