مدينة قديمة ذات طابع سياحي جذاب، تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات قبيل التقائه نهر البليخ، ويعني اسمها الأرض الملساء التي يغمرها الماء، حيث يشكل نهر الفرات وسده الكبير بجانبها وبحيرته الضخمة وقلعة "جعبر" في وسطها، منظراً ولوحة قل مثيلهما في العالم.

مدونة وطن eSyria بحثت في كتب ومراجع تتحدث عن مدينة "الرقة"، حيث أشار الباحث المرحوم "عمر صليبي" في كتابه "لواء الزور إدارياً وسياسياً" فيقول: «"الرقة" كل أرض إلى جانب واد ينبسط عليها ماء المد ثم ينضب، وجمعها "رقاق"، وان الرقاق: الأرض اللينة، لذلك كان هناك عدة رقات متقاربة في منطقة الرقة ومنها الرقة البيضاء والسوداء ورقة واسط وغيرها».

في العهد الروماني سميت الرقة "كالينيكيوم" نسبة إلى الإمبراطور غلينوس المتوفي سنة 266 بعد الميلاد، وتقع المدينة الرومانية شرقي باب بغداد القائم حالياً في الرقة

وتابع "صليبي": «عرفت مدينة الرقة باسم "الرشيد" لكونها كانت تشكل العاصمة الثانية للدول العباسية في عهد الخليفة العباسي "هارون الرشيد" الذي جعلها مقراً لإقامته وعمله في كثير من الأحيان حيث أحبها حباً كبيراً وترك فيها آثاراً هامة من قصور ومبان ومساجد، وعاشت المدينة في عهد "هارون الرشيد" فترة ازدهار ونشاط كبيرين في كافة المجالات، أما في العصر الآرامي فكانت "الرقة" عبارة عن إمارة آرامية تدعى "بيت آدين"، وفي العهد الإغريقي عرفت باسم "نيكفوريوم" حيث بناها الإسكندر الكبير حين اجتاز الفرات قبل اربيل، وسميت (قالينيقوس) باسم سلوقس الثاني قالينيقوس الذي أسس مدينة جديدة أو جدد المدينة القديمة في سنة 244-242 ق.م».

من معالم الرقة الاثرية قرية جعبر

وأضاف "صليبي": «في العهد الروماني سميت الرقة "كالينيكيوم" نسبة إلى الإمبراطور غلينوس المتوفي سنة 266 بعد الميلاد، وتقع المدينة الرومانية شرقي باب بغداد القائم حالياً في الرقة».

وفي معجم البلدان "لياقوت الحموي" قال عن "الرقة": «الرقة (بفتح الراء وتشديد القاف) كل أرض إلى جنب وادٍ ينبسط عليها الماء ثم ينضب وكل أرض ملساء على الشط ومستوية فهي رَقَّة وجمعها رِقاق وهي صفائح من التربة الرقيقة المتشققة والمنفصلة عما تحتها. والرُقاق بضم الراء ـ نوع من خبز الصاج، والرّقي ـ نوع من البطيخ الأصفر الذي انتشرت منها تسميته وزراعته إلى معظم البلدان العربية، ولوقوعها ضمن منطقة قوس الاستيطان البشري الأول الذي يعاصر الفترة (النطوفية) ثم العصر الحجري القديم (الباليوليت) وما يليه فقد تم من خلال اللُقى والآثار المكتشفة والدلائل الملموسة أن هذه المنطقة ـ الفرات الأوسط ـ أشادت أول مسكن بشري ثلاثي الأبعاد، واستنبتت القمح وفرضت على كل بيعة (توتول ـ TUTUL).. والرقة خلال عصر البرونز /3000 ـ 2000 ق.م/ وضعت أول رسوم جمركية على السفن النازلة شرقاً والصاعدة غرباً عبر الفرات ما بين جرابلس "كركميش" وتل الحريري (ماري) وبالعكس وبسببها تم تسيير أول حقيبة دبلوماسية على سطح الفرات فيما بينهما».

إحدى ساحات الرقة.

ويشير الباحث "الفراتي" رضوان السيد" إلى مدينة "الرقة" بالقول: «في العهد الاموي، اهتم الأمويون بها واتصل تاريخهم بها كل مدة عهدهم فقد كانت محطتهم إلى أرمينية, وكانت الرقة محطتهم إلى غزو حدود الروم فكانت الرقة تموّن جيوش الأمويين إلى أرمينية وحدود الروم وكانت تشرف على القبائل العربية في الجزيرة الفراتية، كما اهتم الخليفة الأموي "هشام بن عبد الملك" بالرقة فوصلها بمجموعة من الحصون والقصور لتأمين الأمن ولتكون محطات لراحته وراحة حاشيته بين الشام والجزيرة والحدود البيزنطية التي كان يغزوها بنفسه, وعني بزراعة الرقة وبري أراضيها, بما فجر من الترع من نهر الفرات لسقي الأراضي».

وأضاف: «في العهد العباسي, حصلت الرقة على اهتمام كبير, حيث كانت أهم مدينة عباسية في بلاد الشام، ويذكر المؤرخون أن المنصور هو الذي أمر ببناء الرقة على طراز خطة بغداد, بعد أن ولي عليها لفترة حيث أعجبه موقعها وطيب هوائها وعذوبة مائها. وبعد استلامه الخلافة أرسل ابنه المهدي ولي عهده إلى الرقة سنة 155هـ/722م وأمره بأن يبني الرافقة على طراز بناء بغداد إلى جانب الرقة البيزنطية».

الرقة كما محدد في الصورة من غوغل ارث

وختم "السيد": «ذاعت شهرة الرقة بصناعة الخزف وكانت الرقة تعرف بهذه الشهرة ويذكر المؤرخون أن من أنواع الخزف الإسلامي المعروف نوع ينسب إلي مدينة الرقة على نهر الفرات وقد تداولت أيدي التجار السوريين كميات كبيرة منه امتلأت بها الأسواق. وكانت صناعة الخزف والزجاج منتشرة ورائجة ما جعل صناعها في الرقة يتزاحمون على إتقانها والتفنن برسومها وكتاباتها وألوانها وأشكالها».

وأِشار الباحث "محمد عواد" بالقول: «شهدت الرقة ازدهاراً عمرانياً يليق بمكانتها باعتبارها (داراً للملك) فتوسعت خارج سور الرافقة وبنيت فيها قصور الخلافة كقصر السلام- الخشب- الأبيض- هرقلة- قصر البنات، وضربت فيها النقود. شهدت كغيرها من البلدان فترة صراع الأسر المتنفذة خلال فترة ضعف الخلافة العباسية إلى أن دمرها المغول- بعد بغداد- عام 1259م واعتبرها العثمانيون بداية حكمهم مركز ولاية (إيالة) وتقهقرت إلى أن أصبحت مجرد مركز لمخفر عثماني /قره قول/ أعاقت دخول الفرنسيين لعدة أشهر وتعززت أهميتها بعد إشادة الحلفاء عام 1942 جسراً على الفرات، وأصبحت مجرد مركز قضاء (منطقة) حتى عام 1962 لتتحول لمركز محافظة بمساحة 19.620 كم2 يتبعها حالياً /3/ مناطق و/6/ نواحٍ و/1500/ قرية ومزرعة معظمها مخدم بشكل جيد.

تحولت محافظة الرقة بعد الانتهاء من سد الفرات /50/كم غربها مدينة (الثورة) إلى سلة غذاء للمحاصيل المهمة لتحتل المرتبـة الثانية بزراعة القمـح- الشعير- القطن- الـذرة الصفراء بالإضافة للخضراوات والفواكه.

أشهر آثار المحافظة "قلعة جعبر" على ضفاف بحيرة الأسد، و"رصافة هشام" إلى الجنوب الغربي منها /45/ كم، و"حصن مسلمة" شمالها الشرقي /65/ كم، وفيها عشرات التلال الأثرية أهمها تل الخويرة وحمام التركمان- (زلبا)، وفيها ضريح الصحابي الجليل "عمار بن ياسر" الذي استشهد في معركة صفين، وضريح التابعي "أويس القرني"».