يحتضن جبل "عرودة" معبداً مزدوجاً من عصر الأوروك، يعد من أقدم المعابد المكتشفة في "سورية"، إلى جانب منطقة سكنية مهمة وبعض الورشات لإنتاج النسيج وطحن الحبوب تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 29 تموز 2014، الآثاري "عقبة معن" الذي تحدث عن موقع "عرودة" الأثري، ويقول: «نقبت في الموقع بعثة هولندية بين عامي (1975- 1979)، وأشارت إلى أن سبب تسمية الموقع بـ"عرودة" أنه ينسب إلى رجل دين من الفترة الأيوبية يدعى الشيخ "عارودة"، مزاره في قمة الجبل، وهو يعود إلى الفترة ما بين 3500-3200 قبل الميلاد، وأسفرت أعمال التنقيب عن مستوطنة ذات طابع خاص، إداري وديني وتجاري، أقامها السومريون القادمون من جنوبي "بلاد الرافدين" في نهاية الألف الرابع وبداية الألف الثالث ق.م في "حوض الفرات"، لتكون صلة وصل بينهم وبين "بلاد الشام" و"بلاد الأناضول"».

نقبت في الموقع بعثة هولندية بين عامي (1975- 1979)، وأشارت إلى أن سبب تسمية الموقع بـ"عرودة" أنه ينسب إلى رجل دين من الفترة الأيوبية يدعى الشيخ "عارودة"، مزاره في قمة الجبل، وهو يعود إلى الفترة ما بين 3500-3200 قبل الميلاد، وأسفرت أعمال التنقيب عن مستوطنة ذات طابع خاص، إداري وديني وتجاري، أقامها السومريون القادمون من جنوبي "بلاد الرافدين" في نهاية الألف الرابع وبداية الألف الثالث ق.م في "حوض الفرات"، لتكون صلة وصل بينهم وبين "بلاد الشام" و"بلاد الأناضول"

ويتابع: «تبلغ مساحة المستوطنة نحو أربعة هكتارات، وقد اختاروا لبنائها منطقة جبلية غير صالحة للزراعة، ترتفع نحو 60م عن حوض النهر، وتشرف عليه وعلى جواره، حيث شيد مجمع معماري متكامل توسطه معبدان كبيران، أُطلق على المعبد الأول اسم "المعبد الأحمر" وهو في حالة جيدة، والمعبد الثاني "المعبد الرمادي" الذي تخربت بعض أجزائه، وبُني هذان المعبدان وفق المخطط الرافدي المعروف من حضارة أوروك (الوركاء) الثلاثي الأجزاء، والمؤلف من صالة مركزية كبيرة تحيط بها من الجانبين صالتان أصغر حجماً، وزُوِّد كل معبد بمحراب وأبواب عدة وأدراج، وزُخرفت واجهته بالأحجار الملونة "الموزاييك"، فكان ذلك أقدم استخدام للموزاييك عُرف حتى اليوم، كما دعمت جدران المعبد بعضادات فصلت بينها أخاديد، أعطت البناء حركة وحيوية تكسر جمود الجدران وسكونها».

إناء شعائري على هيئة خنزير

أما "الآثاري "مقداد شعيب" فيقول: «يحيط بالمعبدين مجموعة من الأبنية السكنية الكبيرة التي بُنيت أيضاً وفق المخطط الثلاثي العناصر نفسه، وخُصصت لسكن شخصيات مهمة من الكهنة والقادة القائمين على إدارة المعبد وتنظيم أعماله، واستخدم في بناء منشآت المستوطنة نوع جديد من اللَّبِنِ الصغير المربع، وطُليت الجدران والأرضيات بالملاط، ووُجدت ضمن أنقاض المدينة آثار كثيرة ومتنوعة من بينها الأختام الأسطوانية الكبيرة الأحجام من الحجر والطين، وحملت أشكالاً هندسية ونباتية وحيوانية وإنسانية كانت معروفة في ذلك العصر، ووُجدت طبعاتها على اللوحات الطينية، وهناك الآنية الفخارية النموذجية من عصر أوروك؛ وأهمها ما يسمى بـ"الآنية الناقوسية" التي يُعتقد أنها مكاييل الحبوب الأولى، وهناك الآنية ذات الشكل الحيواني وذات الوظيفة الجنائزية، لكن الكشف الأهم هو اللوحات الطينية التي حملت إشارات رقمية وطبعات الأختام الأسطوانية، فكانت أقدم لوحات حسابية معروفة اسْتُخْدِمَتْ في إحصاء البضائع والقطعان وغيرها، وكانت تلك المرحلة الأولى في ابتكار الكتابة وانتشارها لاحقاً».

وأشار الآثاري "مهدي كمور" إلى أن كل المعطيات والمكتشفات التي أتت من هذا الموقع تدل على أنه لم يكن من صنع محلي، ويقول: «إنما كان مستعمرة سومرية خالصة تمت إشادتها لأداء وظيفة معينة ولزمن محدد لم يتجاوز القرن، ويشير غياب التحصينات إلى أن المستعمرة شهدت استقراراً وسِلْماً وأماناً، لكنها لم تلبث أن تعرضت إلى خراب شامل، قام به على الأرجح السكان المحليون المتمردون على الوجود السومري في بلادهم، ويبقى موقع جبل "عرودة" إلى جانب موقعي "حبوبة الكبيرة" و"تل قناص" المجاورين، شاهداً على الأثر الاقتصادي والسياسي والديني المهم الذي أدَّته "سورية" فيما بين "بلاد الرافدين" و"الأناضول" و"بلاد الشام" منذ الألفين الرابع والثالث ق.م».

لوحة حسابية كانت تستعمل في إحصاء البضائع والقطعان

يشار إلى أن موقع "عرودة" يقع على الضفة اليمنى لنهر "الفرات"، على بعد 80كم من مدينة "الرقة".