جالت بين أروقة الفن المتنوعة، لكن الرسم هو الذي جذبها إلى عالمه، ومن خلال تجربتها وموهبتها أحبت أن تخلق جيلاً مهتماً بالفن وترسم البسمة على وجوه الأطفال بعد المعاناة التي تسببت بها الحرب لهم؛ بهدف نشر رسالة الحب والفرح.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 20 آذار 2018، مع الفنانة التشكيلية "تالا العلي"، لتحدثنا عن تجربتها الفنية: «نشأت في أسرة تعنى بالثقافة والفن، فقد كان والديّ يهتمان بكل ما يخص الفن، فبعمر الخامسة بدأت الرسم، إضافة إلى الموسيقا، وتعلمت العزف على الأورغ أيضاً، لكن الرسم بعالمه وألوانه الساحرة أخذني إليه وجعلني أتعمق فيه؛ فمتعته الخاصة مكنتني من رؤية الواقع بنظرة مختلفة تبرز الجمال في كل مشهد أقوم بتجسيده، وبصراحة كانت موهبة الرسم واضحة لدي منذ الطفولة، وهنا جاء الدور الأكبر لمتابعة أهلي وإصرارهم على تنمية موهبتي، إضافة إلى وجود المركز الثقافي بالقرب من مكان سكني في محافظة "الرقة"، الذي لعب دوراً كبيراً في جذب أبناء المنطقة لحضور فعاليات فنية وثقافية، التي أصبحت بالنسبة لي من العادات اليومية التي كبرت معي، فشاركت بالعديد من مهرجانات الطلائع والشبيبة حتى أنهيت المرحلة الثانوية، وبقي الفن هاجسي وشغفي بالحياة، فدرست معهد الفنون التطبيقية والتشكيلية في "اللاذقية"، وبرأيي إن الموهبة تحتاج إلى دراسة لصقلها ووضعها في مسارها الصحيح، فهي تمكن الفنان من استخدام أدواته بطريقة مبتكرة، فالممارسة والتدريب والدراسة جميعها كفيلة بتحقيق نتائج باهرة».

فنانة مبدعة ومتميزة تملك من الموهبة وحب الأطفال ما يجعلها تتميز بشخصية فريدة جعلت منها إحدى أهم مدرّسات الرسم للأطفال؛ لأنها قريبة من عالم الطفل وتتعامل مع الأطفال بتلقائية غريبة، وكأنها طفلة مثلهم، أو فراشة من الفراشات اللواتي يمسكن بالألوان كأجنحة تطير في عالم ساحر، وما يثير الدهشة حقاً هو المستوى الرائع الذي وصلت إليه الفراشات اللواتي تدربن معها، ولعل السر في هذا هو هامش الحرية الكبير الذي تتركه "تالا" للأطفال؛ وهو ما يجعلهم يعشقون الرسم ويعدّون أجمل أوقاتهم التي يقضونها في مرسمها، كما أنها عبر تجربتها عبّرت بكل صدق وعفوية عن نشر رسالة المحبة عبر تجربتها

وتابعت: «الرسم وسيلتي للتعبير عن مكنوناتي عبر ألواني وخطوطي، فهو حالة ثقافية تعبر عن المخزون الثقافي لأي مجتمع من المجتمعات، فهو لغة العالم لكونه لا يحتاج أي توضيح وتفسير؛ لذلك لا بد أن يحمل رسالة إنسانية يجسد من خلالها الفنان فكرته بطريقة جذابة وجميلة، فالرسام يهب لوحاته أحاسيسه وانفعالاته تجاه المجتمع بطريقة فنية راقية، فقد كنت أرسم كل شيء ولم أتبع من خلال أعمالي أسلوباً وطريقة محددة بالرسم، فأنا أشجع الرسم بكل شيء وبجميع الأساليب، وخصوصاً أن الفن بالنسبة للفنان حرية تعبير وتفريغ طاقة، وخصوصاً أنني عانيت كثيراً بسبب الحرب؛ فقد فقدت معظم أعمالي الفنية بالتفجير الذي أصاب مدينتي التي ولدت وترعرعت فيها "الطبقة"، وتفجير المركز الثقافي في مدينة "الرقة"، فهذه الأسباب وحبي للأطفال شجعت بداخلي التحدي، فأنشأت مرسماً للأطفال الذين ذاقوا مرارة وألم الفقدان لذويهم ومنازلهم وتعليمهم الدراسي؛ بهدف رسم البسمة على وجوههم، وخصوصاً أن عالم الطفل يتسم بالبساطة والبراءة، وأحقق من خلالهم ذاتي التي فقدتها فنياً، بهدف نشر الرسالة الفنية التي هي من أولى معالم التواصل لدى الإنسان منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا، فهي أقدم وأصدق رسالة على مر العصور، ففي مرسمي أشرفت بنفسي على الأطفال الذين أسميتهم "الفراشات" بمختلف أعمارهم، ابتداء من 3 سنوات، وأقوم بتعليمهم أصول الرسم بهدف خلق جيل واع ومثقف؛ هذا هو حلمي المتواضع والعظيم في الوقت نفسه، فرغبتي تنحصر في تأدية هذه الرسالة بمفردي من خلال الاعتماد على أحاسيس الطفل ورهافته، ودقة التعامل مع الطفل وتحمل كامل المسؤولية من أجل صوغ وتهذيب خيال الطفل، وإكمال رسالة التربية مع الأهل، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها الطفولة في بلدنا الحبيب».

الفنانة تالا العلي مع الناقد والشاعر محمد منذر زريق وفراشاتها

الناقد التشكيلي "محمد منذر زريق" حدثنا عن تجربة الفنانة التشكيلية "تالا العلي"، قائلاً: «فنانة مبدعة ومتميزة تملك من الموهبة وحب الأطفال ما يجعلها تتميز بشخصية فريدة جعلت منها إحدى أهم مدرّسات الرسم للأطفال؛ لأنها قريبة من عالم الطفل وتتعامل مع الأطفال بتلقائية غريبة، وكأنها طفلة مثلهم، أو فراشة من الفراشات اللواتي يمسكن بالألوان كأجنحة تطير في عالم ساحر، وما يثير الدهشة حقاً هو المستوى الرائع الذي وصلت إليه الفراشات اللواتي تدربن معها، ولعل السر في هذا هو هامش الحرية الكبير الذي تتركه "تالا" للأطفال؛ وهو ما يجعلهم يعشقون الرسم ويعدّون أجمل أوقاتهم التي يقضونها في مرسمها، كما أنها عبر تجربتها عبّرت بكل صدق وعفوية عن نشر رسالة المحبة عبر تجربتها».

الجدير بالذكر، أن الفنانة التشكيلية "تالا العلي" مولدة في مدينة "الطبقة" وتسكن حالياً في "اللاذقية"، شاركت مع فريقها "الفراشات" بالعديد من المعارض، منها: ملتقى صالون "بكسا" الثقافي حيث تم تكريمهم، ومعرض بالمركز الثقافي بـ"اللاذقية" عام 2017، برعاية مديرية الثقافة، ومشاركة بمعرض "سورية الياسمين" للفنان التشكيلي "نزار حطاب" بمدينة "دمشق"، ومشاركة بفعالية "8 آذار" بالمركز الثقافي بـ"اللاذقية".

من اللوحات
جانب من المعرض