موهبة شعرية تفتحت في أتون الغربة لتفرض نفسها في مجتمع القصيدة الشعبية في الخليج العربي، وتسجل حضوراً لافتاً من خلال مشاركات في العديد من الأمسيات والملتقيات الشعرية، لينضم إلى من سبقه من المبدعين الذين أنجبتهم "الرقة" في هذا الميدان.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الشاعر الشعبي "زياد حسن مصطفى البليبل" عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 29 آذار 2018، ليحدثنا عن مسيرته الأدبية، حيث يقول: «ولدت في مدينة "الرقة"، وتعلمت في مدارسها حتى حصلت على الشهادة الثانوية الفرع الأدبي، ولم أكمل دراستي نتيجة سفري إلى دولة "الإمارات العربية المتحدة" للعمل، وكان ذلك عام 1989، حيث تنقلت هناك بأكثر من عمل وظيفي إلى أن استقريت أخيراً عندما أسست شركة خاصة تعنى بتجميل السيارات في إمارة "رأس الخيمة"».

النقد حالة صحية إن جاء بالحجة والدليل والإشارة إلى موضع النقد من خلل أو عيب في القصيدة، وعلى الناقد أن يمتلك أدواته ويتمكن منها، والنقد قد يكون إيجابياً أو سلبياً، وكما نرضى الجانب الإيجابي، يجب أن نقبل السلبية

وعن علاقاته مع الشعر، يقول: «بدأت الكتابة عام 1992، فوجدت في نفسي ملكة تنظم الشعر باللهجة الفراتية، وبقيت كتاباتي في إطار ضيق بين أصدقائي والعائلة والمقربين حتى عام 2010، حيث بدأت تتوسع اهتماماتي بالشعر بألوانه وأنواعه تأخذ طابعاً جدياً؛ وهو ما دفعني إلى الاستمرار في هذا الجانب، وبدأ يأخذ منحى جديداً تمثّل بحضور جلسات أدبية وأمسيات شعرية وفعاليات ثقافية، ونتيجة هذه المتابعة بدأ هاجس تطور كتاباتي من مرحلة الهواية إلى صقل الموهبة الفطرية بامتلاك أدوات الشاعر من أوزان وبحور وعروض، فالتحقت بدورات متعددة في فن الشعر والعروض، في بيت الشعر في إمارة "الشارقة"، فكنت من بين الأوائل، وقد حصلت على شهادات تقدير في ورشة الشعر والعروض».

في أحد الملتقيات الأدبية

وعن مشاركاته الرسمية، يقول: «كانت أولى مشاركاتي من خلال أمسية شعرية في اتحاد كتاب وأدباء "الإمارات" كضيف شرف قدمت من خلالها ثلاثة نصوص، فوجدت تفاعلاً ملحوظاً من الجمهور، وهذه كانت اللبنة الأولى والحافز الأول للمتابعة بخطى ثابتة، وبعدها توالت الأمسيات الشعرية بدعوات من أكثر من جهة ثقافية. كما كانت لي مشاركات على مدى أربع سنوات في مهرجان "الشارقة" للشعر الفصيح ضمن فريق التنسيق، ومشاركة في مهرجان "الشارقة" للشعر الشعبي بدورته الأخيرة ضمن فريق التنسيق ونقل إعلامي لركن التوقيعات».

ويتابع القول: «مثّلت بلدي "سورية" في ملتقى "الشارقة" للشعر الشعبي عام 2016 ضمن أربعة شعراء، وقد حصلت على درع الملتقى بتكريم من دائرة الثقافة والإعلام في "الشارقة" ومباركة من الشيخ "سلطان بن محمد القاسمي" حاكم "الشارقة"، كما تم تكريمي بأكثر من شهادة تقدير من الدائرة الثقافية وبيت الشعر ومركز الشعر الشعبي واتحاد كتاب وأدباء "الإمارات" بأكثر من فرع وأكثر من مشاركة».

أثناء تكريمه

وعن مكانة "الرقة" في شعره، يقول: «"الرقة" بوصلة "زياد البليبل" الإنسان قبل الشاعر، "الرقة" صورة تختزل الوطن وجعه وفرحه، أن أكتب عنها، فهذا دين في عنقي، ولا أبالغ لو قلت إنني لا أقصد الكتابة في بعض القصائد عن "الرقة"، وقد يكون الموضوع أقرب إلى الغزل أو وجدانياً، فأجدني قد ذكرتها؛ لذلك قلت بداية هي بوصلتي.

أصدرت ديواناً بعنوان: "حرمل"، يضم مجموعة قصائد بين الحنين إلى الوطن والغزل، وفي الطريق ديوان ثانٍ جاهز للطبع بعنوان: "جدايل"، وديوان ثالث أعمل على تنسيقه».

الدكتور إبراهيم الرفيع

وعن رأيه بالنقد، يقول: «النقد حالة صحية إن جاء بالحجة والدليل والإشارة إلى موضع النقد من خلل أو عيب في القصيدة، وعلى الناقد أن يمتلك أدواته ويتمكن منها، والنقد قد يكون إيجابياً أو سلبياً، وكما نرضى الجانب الإيجابي، يجب أن نقبل السلبية».

ومما كتبه عن مدينته "الرقة" الحاضرة دائماً في وجدانه:

"العيد ماهي كلمة نبارك

ونتمنى الخير وبالگلب غصة

أي عيد يعيش المفارق

وطن وأهل وفرح مبيوگ نصه

عاشگ.. قسم بالله عاشگ

حصة لكلشي بهالعمر.. وللرگة حصة

العيد ماهي كلمة نبارك

ونتمنى الخير وبالگلب غصة

أي عيد يعيش المفارگ

وطن وأهل وفرح مبيوگ نصه

عاشگ.. قسم بالله عاشگ

حصة لكلشي بهالعمر.. وللرگة حصة"

الأديب الدكتور "إبراهيم الرفيع"، قال عنه: «شهد الشعر الشعبي الفراتي عامة والرّقّي خاصة حركة تجديد من حيث النوع والمضمون على يد جيل من الشعراء نهلوا من معين الموروث الأصيل، فأبدعوا أنواعاً جديدة لا تخفى على أهل هذا الفن ومحبيه.

ويعد الشاعر الرقي "زياد البليبل" من صفوة هؤلاء الشعراء، فقد خرج من دائرة الموروث الشعبي، ولم يقف عند لون واحد كـ"الموليا أو النايل أو الأبوذية"، وغيرها من ألوان التراث المتجذرة في وجدان الفراتيين، بل أبدع ألواناً جديدة مع محافظته على روح المودة وفخر الانتساب إلى أصالته، فكان إبداعه امتداداً له، وليس انقلاباً عليه، وإضافة زادت البناء جمالاً بخلاف أولئك الذين شوهوا معالمه ونقضوا بنيانه.

"البليبل" شاعر ذو ملكة شعرية خاصة أودع من خلالها في إنتاجه الشعري عزة النفس وجرأة الرّقّي النبيل، فجاء راقياً سامياً شفافاً رصيناً ينفي كل ابتذال وتملق، فامتاز شعره بقوة السبك، وجمال الألفاظ، وعمق المعاني، وصدق المشاعر التي تمثلت في رقة المحب وعذب مناجاته، وشفافية العتاب، ومتاهات الغربة، وحب الوطن والأسى على جراحه، فجعل من حروفه دموعاً سكبها في معاني الشوق والحنين والوفاء، فكان مثالاً لكل رقّي مكلوم.

وعندما تراه وهو يلقي الشعر، لا تكتفي بمجرد الاستماع وإمتاع ذائقتك الشعرية، بل تجد نفسك مع هذا أمام لوحة تشكيلية ومشهد درامي، ومعزوفة موسيقية، فهو مبدع في نبرة الصوت، يختار لشعره النطق الإيقاعي الذي ينسجم مع تراكيبه، فينتج بناء معمارياً صوتياً جلياً في عالم نصه، ليصل إلى المتلقي جميل الجرس، عالي اللذة».

الجدير بالذكر، أن الشاعر "زياد البليبل" من مواليد عام 1970.