على الرغم من إحساسها بامتلاك موهبة الرسم، إلا أنها لم تبحْ بها إلا بوقت متأخر من عمرها بعد أن لاقت من التشجيع والثناء على لوحاتها التي أغرقتها بالألوان المعتمة والقاسية، كنوع من أنواع التعبير الذي ابتعد عن التجسيم الإنساني.

مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 23 أيار 2018، تواصلت مع الفنانة "نادية الأحمد" لتروي عن سيرتها، حيث تقول: «درست المرحلة الابتدائية في مدرسة "فاطمة الزهراء"، وتابعت المرحلتين الإعدادية والثانوية في مدرسة "خديجة الكبرى" بمدينة "الرقة"، وكنت من المتفوقات، حيث حصلت على المرتبة الأولى بالشهادة الثانوية على مستوى المدرسة، والثانية على مستوى محافظة "الرقة"، وتابعت دراستي في معهد إعداد المعلمين، حيث تخرّجت عام 1978، وكنت أيضاً من المتفوقات».

لا أدري كم عمرها، لكن المؤكد أنها تجاوزت عفوية الطفولة، ولم تبدأ في مسلك الاحتراف بعد، والخامة مهيأة للبناء بأسس احترافية، وأنا متأكد من وصولها إلى القمم، وأظن أن هذه القفزة إلى هذا النوع من الفن هو هروب في مكان ما، فالفن مثله مثل بقية العلوم الإنسانية بحاجة إلى نظرية الخطوة خطوة

أما عن اهتماماتها الفنية، فتضيف: «كان لدي اهتمامات ببعض الفنون، كالعزف، والرسم، وصناعة الزهور، لكنني شعرت بأن ميولي نحو الرسم هي الأكثر وضوحاً، وربما يعود ذلك إلى البيئة التي أعيش ضمنها، فقد كنت متأثرة بشقيقي الفنان التشكيلي "سالم الأحمد"، الذي شدتني لوحاته، فتعلقت بهذا النوع من الفن، وقد كنت أمارس الرسم في بعض الأوقات لأعبر عما يعتريني من أحاسيس ومشاعر مختلطة، واستمريت على هذه الحالة إلى بعض الوقت، لكن الأمور بدأت تأخذ منحى آخر عندما كنت أقوم بمهمتي التعليمية في إحدى المدارس، حيث وجدت مجموعة من الألوان، فرسمت أكثر من لوحة من دون سابق دراسة أو تخطيط، ونظرت إليها نظرة أخيرة، فراقتني، وعرضتها على زميلاتي في المدرسة، فنالت إعجاباً وثناء لم أكن أتوقعه، فكررت المحاولة أكثر من مرة، فكانت لوحاتي تلقى صدى جيداً عند الكثيرين ومزيداً من التشجيع الذي عزّز الثقة لديّ بوجود موهبة دفينة في أعماقي منذ مدة طويلة».

من أعمالها

أما عن نشاطاتها ومشاركاتها، فتقول: «يا للأسف، لم أشارك في أي معارض، حيث إن المشاركة فيها كانت تتم للفنانين المعروفين والمنتسبين لنقابة الفنون الجميلة، فاقتصر نشاطي على رسم اللوحات في المدارس التي كنت أعمل فيها، ويتم عرضها أثناء المناسبات، كما كنت أستخدم منزلي لرسم اللوحات وعرضها على الأصدقاء وبعض الفنانين والنقاد لمعرفة ملاحظاتهم وآرائهم، كذلك كنت أتواصل مع بعض المواقع التي تهتم بالفن التشكيلي وأرسل صوراً لبعض لوحاتي، حيث يتم عرضها ضمنها، وكنت أستفيد كثيراً من هذه المشاركات من خلال الملاحظات وآراء النقاد المختصين بهذا الفن».

وتتابع القول: «إن نشاطي تأثر كثيراً نتيجة الأزمة التي حلت بمدينة "الرقة"، حيث اضطررت إلى النزوح خارج المحافظة بحثاً عن الأمان، وتركت عدداً كبيراً من اللوحات الجميلة التي كنت قد رسمتها، لكنها -يا للأسف- تعرضت للحرق والتمزيق من العصابات المسلحة. وعلى الرغم من مرور وقت على ما جرى، إلا أنني أشعر بالحزن والأسى على فقدان تلك اللوحات جراء الأوضاع الصعبة التي ما زلنا نعيشها، والتي ساهمت بابتعادنا عن متابعة نشاطنا الفني الذي كان يملأ أوقات فراغنا ويعبر عن مكنوناتنا. هذا الأمر لم يؤثر فيّ فقط، بل كان له تأثير بالحركة الفنية في محافظة "الرقة" بوجه عام، وبكل الفنانين التشكيليين الذين توزعوا في جميع أصقاع المعمورة».

التجريد

الفنان التشكيلي "فواز اليونس" قال عنها: «لوحاتها تعبر عن نوع من الفن هو أقرب إلى الفن التجريدي، والتجريد يعني التعبير عن الجمال غير المرئي بصرياً؛ أي التعبير عن الجمال الروحي أو الصوفي أو الوجداني، وما شابه ذلك، فنحن نعجب بخفة دم شخص ما، فنقول: روحه جميلة، أو دمه خفيف، أو حديثه راقٍ، وفي الحقيقة لم نشاهد روحه بصرياً، ولم نزن دمه، ولم نذق طعم حديثه، لكننا وصفناه بصفات مادية مرئية لأمور حدسية غير مرئية، لذا يلجأ بعض الفنانين إلى التعبير عن قيم جمالية يدركها بأعماقه من خلال ملاحظاته لموجودات في الطبيعة، لكنه لا يقلد الطبيعة تماماً، كما هو الفنان الواقعي أو الكلاسيكي».

الفنان والناقد الفني "محمد الحريري" قال: «لا أدري كم عمرها، لكن المؤكد أنها تجاوزت عفوية الطفولة، ولم تبدأ في مسلك الاحتراف بعد، والخامة مهيأة للبناء بأسس احترافية، وأنا متأكد من وصولها إلى القمم، وأظن أن هذه القفزة إلى هذا النوع من الفن هو هروب في مكان ما، فالفن مثله مثل بقية العلوم الإنسانية بحاجة إلى نظرية الخطوة خطوة».

من أعمالها أيضاً

يذكر أن الفنانة "نادية الأحمد" من مواليد "الرقة"، عام 1959.