عمل مدة طويلة في سلك التعليم، وتنقل في أماكن كثيرة، وترك في قلوب الكثيرين أثراً طيباً لعطائه اللا محدود وحسن تعامله وتواضعه وسعيه لتقديم الخدمة إلى كل من يلجأ إليه عندما أصبح في مواقع المسؤولية.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 آذار 2019، تواصلت مع المربي "إسماعيل العلي" ليحدثنا عن سيرة حياته، حيث يقول: «نشأت في كنف أسرة فلاحية في قرية "سويدية صغيرة" على ضفاف نهر "الفرات" بالقرب من مدينة "الرقة"، والتحقت مع أخي الأكبر لتعلّم القرآن على يد الشيخ "سليمان السدلان"، ثم درست المرحلة الابتدائية في مدرسة "الرشيد"، ولهذه المرحلة شجون ما زالت ماثلة بالذهن، حيث كنا في حالة فقر مدقع دفع كل زملائي في القرية إلى ترك المدرسة، وكدت أن ألتحق بهم لولا أمِّي التي صمّمت على متابعتي الدراسة، إذ كانت تشتغل عاملة بقطاف القطن والحصاد، لتؤمن لي مصروف المدرسة، بينما والدي بالكاد يقوم بتأمين نفقات الأسرة، ثم تابعت المرحلتين الإعدادية والثانوية في مدرسة "الرشيد"، وبعد أن حصلت على الشهادة الثانوية عام 1971 أكملت دراستي الجامعية في "دمشق" في كلية الآداب قسم "الجغرافية"، وأثناء دراستي كنت أعمل وكيلاً بالمدارس لتلبية مصاريف الدراسة الجامعية، وعينت في عدد من المدارس في المحافظة حتى تخرجي في الجامعة عام 1977، حيث تم تعيني معاوناً للمدير في ثانوية "عمر بن الخطاب"، وفي عام 1982 انتقلت إلى التعليم الثانوي وعلى مدى عدة سنوات درست في مدارس "سكينة"، و"حميدة الطاهر"، و"عمار بن ياسر"، وثانوية "الرشيد"، ومعهد إعداد المعلمين».

عندما أتحدث عنه أعود إلى خمسة عقود لأقلب صفحات الذاكرة التي من عادتي لا أحتفظ في رفوفها إلا بما هو نفيس وذا أهمية ليست أوراقها صفراء مغبرة، وإنما كتبت بريشة المحبة لتخط حروفاً عن وطن ومواطن في سلوك المواطنة. عندما كنا طلاباً في ثانوية "الرشيد" كان الأقرب إليّ، هادئ ومثابر، لا عدوانية في سلوكه، لديه جلد بمتابعة دراسته، محب ومحبوب من قبل معلميه وزملائه، وكنت مقرباً منه وتجمعنا محبة تجاوزت إلغاء الآخر، ولم نفترق ودرسنا في "دمشق"، واختلفنا بالاختصاص، لكن ظلت المحبة هي الرابط، وتخرجنا ونجحنا بالمسابقات كمدرسين. أحب عمله، وامتهن التدريس لمادة الجغرافية، وعلا نجمه وظيفياً من خلال التزامه، وتقلد عدة مناصب؛ مدير ثانوية، ومدير التربية، وعضو مجلس الشعب، وظلت صداقات الطفولة هي القاسم والمحور، ولم تغيره المناصب، بل ظل ودوداً ومخلصاً لعمله، وسعى لتطوير عمله التربوي من خلال عمله الذي بناه لنفسه، وكان عصامياً، وزين مواقعه بلا كبرياء، أخ عزيز للوطن كان، ومازال عاشقاً له

وعن أهم الوظائف التي شغلها والأعمال التي قام بها، يقول: «في عام 1991 كلفت مديراً لتربية "الرقة"، وخلال تلك المدة أسهمت بافتتاح العديد من المدارس في مدينة "الرقة" وريفها، ومنحت صلاحيات واسعة لمعاوني مدير التربية، حيث أصبحوا فاعلين كل في مجال عمله، ونجحت بالحصول على موافقة على إبقاء السيارات المخصصة لهم بوجه دائم للإشراف على المدارس ذات الدوام النصفي، والمعسكرات الصيفية، والنشاطات اللا صفية؛ وهو ما أسهم في تفعيل دورهم التربوي، وكنت أعمل على عقد اجتماعات شهرية دورية لرؤساء الدوائر والشعب في المديرية للاطلاع على ما تم إنجازه خلال كل شهر، وما يعترضهم من مشكلات بهدف معالجتها.

اسماعيل عبد اللطيف

وكنت أقوم بجولات تربوية خلال الأسبوع على كل منطقة توجيهية تربوية بهدف الاطلاع على واقعها من كل النواحي؛ للتأكد من حسن الإشراف عليها من قبل المعنيين، ولتكون الصورة عندي واضحة قبل الاجتماع الدوري للموجهين، وعقد اجتماعات شهرية دورية مع الموجهين الاختصاصيين والتربويين بحضور معاوني مدير التربية للاطلاع على مسار الوضع التربوي الشهري ومعالجة المشكلات التربوية،

وعملت على تعزيز العلاقات التربوية مع المنظمات الرديفة للتربية بهدف السمو بالعمل التربوي نحو الأفضل، وكان لي دور بتثبيت عدد كبير من المعلمين الوكلاء، والحصول على موافقة وزارة التربية للتخفيف من مشكلة الوكالة التي كانت تواجهنا في بداية كل عام وتتسبب لنا ببعض الإحراجات نتيجة ظاهرة الوساطات والتأخر في التعيين وسواها».

وتابع حديثه بالقول: «في عام 1994 تم انتخابي في مجلس الشعب واستمريت لدورتين متتاليتين، وكلفت بعدة مهام منها أمانة سرّ لجنة التوجيه والإرشاد في المجلس، ورئيس لجنة الصداقة البرلمانية السورية البولندية، وشاركت خلال وجودي بالمجلس في عدة مؤتمرات برلمانية دولية في "الأردن"، و"دمشق"، و"إسبانيا"، وكنت رئيس الوفد البرلماني الودي إلى "بولندا" عام 2002، وأسهمت بالتعاون مع بعض زملائي من أعضاء المجلس ممثلي "الرقة" في مناقشة الكثير من المواضيع الخدمية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت تهم أبناء المحافظة، وأوجدنا لمعظمها الحلول المناسبة لها، وكان أبرزها تنفيذ أوستراد (حلب - الرقة)، وإحداث دائرة تجنيد في المحافظة، وإقرار إنشاء مطار مدني في شمال المدينة بالقرب من جسر "شنينة"، لكن -يا للأسف- لم يكتب له النجاح لعدم متابعة مسؤولي المحافظة له، وإحداث دائرة قضاء عسكري في "الرقة"، والمتابعة في إحداث كليات جامعية آداب إنسانية، "علوم"، "رياضيات"، "زراعة"، وبعد انتهاء مهمتي في مجلس الشعب، عدت إلى عملي في التدريس في مدارس المحافظة، ثم تم تكليفي ضمن دائرة المناهج كمندوب وزاري للإشراف على الامتحانات العامة في بعض المحافظات لحين إحالتي إلى التقاعد عام 2013».

"إسماعيل عبد اللطيف" زميل دراسته، عنه يقول: «عندما أتحدث عنه أعود إلى خمسة عقود لأقلب صفحات الذاكرة التي من عادتي لا أحتفظ في رفوفها إلا بما هو نفيس وذا أهمية ليست أوراقها صفراء مغبرة، وإنما كتبت بريشة المحبة لتخط حروفاً عن وطن ومواطن في سلوك المواطنة.

عندما كنا طلاباً في ثانوية "الرشيد" كان الأقرب إليّ، هادئ ومثابر، لا عدوانية في سلوكه، لديه جلد بمتابعة دراسته، محب ومحبوب من قبل معلميه وزملائه، وكنت مقرباً منه وتجمعنا محبة تجاوزت إلغاء الآخر، ولم نفترق ودرسنا في "دمشق"، واختلفنا بالاختصاص، لكن ظلت المحبة هي الرابط، وتخرجنا ونجحنا بالمسابقات كمدرسين.

أحب عمله، وامتهن التدريس لمادة الجغرافية، وعلا نجمه وظيفياً من خلال التزامه، وتقلد عدة مناصب؛ مدير ثانوية، ومدير التربية، وعضو مجلس الشعب، وظلت صداقات الطفولة هي القاسم والمحور، ولم تغيره المناصب، بل ظل ودوداً ومخلصاً لعمله، وسعى لتطوير عمله التربوي من خلال عمله الذي بناه لنفسه، وكان عصامياً، وزين مواقعه بلا كبرياء، أخ عزيز للوطن كان، ومازال عاشقاً له».

يذكر، أن المربي "إسماعيل العلي" من مواليد "الرقة"، عام 1953.