كان الحقوقي الراحل "محمد زكريا الرفاعي" خلال مهامه الكثيرة التي شغلها في ميدان القضاء شجاعاً وجريئاً؛ عفيف اليد واللسان، ويمثّل صوت العدل والحقّ؛ فلا يحابي أو يجامل أحداً؛ وفي ذات الوقت حافظ على تواضعه وهدوئه ولباقته في تعامله مع الآخرين، وترك خلفه إرثاً كبيراً.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 أيار 2019، تواصلت مع المحامي "محمد أحمد طاهر" ليحدثنا عن المحامي الراحل "محمد زكريا الرفاعي"، فقال: «بعد أن أنهى مراحل تعليمه في محافظة "حلب"، انتسب إلى كلية الحقوق، وتخرّج فيها عام 1968، وبدأ حياته الوظيفية في مديرية الصحة، ثم اختير مديراً للمستشفى الوطني لعدة سنوات، وبعدها كلّف مفتشاً في جهاز الرقابة المالية في "الرقة"، وفي عام 1979 شارك في دورة لاختيار القضاة، وحصل على المركز الأول، وعيّن في أكثر من مهمة، ومنها قاضي صلح الجزاء، وقاضي تحقيق، ونظراً إلى تميزه في مهامه اختير نائباً عاماً في محافظة "الرقة" عام 1985 لمدة 8 سنوات، ثم كلّف رئيساً لمحكمة الجنايات.

لم يكن بينه وبين الحق محاصصة؛ إما كله، أو هو باطل. أفضل ما قيل عنه إنه مهما علت مناصبه كان الفساد يقف بعيداً عنه متفرجاً، طيب الهيئة والحضور، وأجمل ما في هيئته التواضع واحترام الآخر، ودود ومهذب. كان قامة اجتماعية قضائية إنسانية، وأعتزّ أنني ممن كانوا قريبين منه في مكان عمله في مكاتب نادي "الشباب". ولا ننسى دوره الكبير في العمل الرياضي ومساهمته الفعالة في تأسيس نادي "الفرات" في الستينات، وترأسه لمجلس إدارته لعدة سنوات

وأعيد تكليفه مرة أخرى نائباً عاماً عام 2000، واستمر في مهمته حتى إحالته إلى التقاعد، وبعدها عمل محامياً لمدة طويلة».

المدرّس إسماعيل عبد اللطيف

ويتابع حديثه بالقول: «يوصف القاضي والمحامي "محمد زكريا الرفاعي"، بأنه رجل الحكمة والبصيرة النافذة، حيث كان إنساناً هادئاً رزيناً، يتكلم بثقة عالية، غير متسرّع، وهذه الصفات لازمته طوال مدة عمله الطويل في مختلف المهام بالقضاء، وخلال عمله كمحامٍ، وكان يمتلك صفات نبيلة في التعامل برقي مع زملاء مهنته ومع الموظفين في مكتبه، وفي حادثة أذكرها أنه حصلت مخالفة مع أحد العاملين تستوجب الفصل إن لم يكن السجن، ورأفة به عاقبه بالنقل إلى إحدى النواحي البعيدة لمدة سنة، وقد كانت مدة النقل أشدّ إيلاماً من غيرها، ورادعة أكثر من أي عقوبة أخرى، حيث برز فيها الحس الإنساني الرفيع الذي كان يتمتع به، نعم كان إنساناً قاضياً وليس جلاداً، يقدر الأمور بعين بصيرة، وعلم شخصي يقصد به العدل والتسامح».

المربي "اسماعيل العلي" عنه يقول: «الراحل "محمد زكريا الرفاعي" كل ما فيه كان يدل على جمال طبعهِ وإنسانيته، وسعة صدرهِ، لقد أعطى للمسؤولية في القضاء حقها من الحكمة والدراية والتأني والجدية في أسلوب إدارته وأحكامه القضائية؛ وهو ما جعل للقضاء مكانة وحصانة اجتماعية فوق الحصانة القانونية، وهذه سمةُ المسؤول الذي يعطي للمسؤولية هيبتها بامتياز، وليس المسؤول الذي يبحث عن المسؤولية لتكون رداء هيبة له. كان يتمتع باحترام الجميع، وكان يحترم الجميع، وله موقف إنساني عندما كان يشغل مهمة النائب العام يظل موضع احترام في الوسط التربوي؛ إذ اتَّصل بي ذات يوم، وقال أنا أُجِلُّ المعلمين وأحترمهم، وعندي وَلِيّ طالب تقدم بشكوى ضد معلّم ضرب ابنه، وأرى أنه لا يليق بي أنْ أرسل الشرطة إلى المدرسة لجلب المعلم الذي يجهدُ من أجل تعليم أبنائنا؛ لذا اتفقتُ مع وَلِيّ الطالب أنْ تطْلبَ المعلم وتعالج المسألة تربوياً. لقد كان لموقفه وتصرفه بهذا الأسلوب في ذاك الوقت الأثر الكبير في نفسي لما يحمله من قيم نبيلة يجب أن يتحلىَّ بها كل مسؤول».

المربي إسماعيل العلي

"إسماعيل عبد اللطيف" المدرّس الجامعي، عنه يقول: «لم يكن بينه وبين الحق محاصصة؛ إما كله، أو هو باطل. أفضل ما قيل عنه إنه مهما علت مناصبه كان الفساد يقف بعيداً عنه متفرجاً، طيب الهيئة والحضور، وأجمل ما في هيئته التواضع واحترام الآخر، ودود ومهذب. كان قامة اجتماعية قضائية إنسانية، وأعتزّ أنني ممن كانوا قريبين منه في مكان عمله في مكاتب نادي "الشباب". ولا ننسى دوره الكبير في العمل الرياضي ومساهمته الفعالة في تأسيس نادي "الفرات" في الستينات، وترأسه لمجلس إدارته لعدة سنوات».

يذكر، أن الراحل "محمد زكريا الرفاعي" من مواليد "الرقة" عام 1938، وتوفّى عام 2017.

المحامي محمد أحمد طاهر