غلبَ على معظم قصائده طابعُ الحزن والحنين نتيجة مرارة الأيام، والحرمان الذي لازم فترةً طويلةً من حياته التي قضاها متنقلاً بحثاً عن مكان آمن، حيث عبّر من خلالها عن مكنونات نفسه بصدق الكلمة، ونقائها كمياه نهر "الفرات".

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 14 آذار 2020 تواصلت مع الشاعر الشعبي "عجيل تركي السليمان" ليحدثنا عن مسيرته مع الشعر حيث قال: «نتيجة ظروفي المعيشية الصعبة لم أستطع إكمال الدراسة، فاستعضت عنها بالمطالعة من خلال الاعتماد على الكتب والمصادر الأدبية المتعلقة بالشعر الذي بدأت ميولي تتجه نحوه منذ مرحلة مبكرة من العمر، وكنت أشارك في جميع الأمسيات والمهرجانات المحلية التي كانت تقام أثناء المناسبات، لكن لم أستمر بذلك طويلاً ومنحت نفسي إجازة لعدة سنوات قضيتها بالمطالعة.

كتبت وفق جميع البحور مثل بحر اللويحاني، والوافر، والمسحوب

في عام 2012 اجتاحني شعور الغربة عندما كنت في "بيروت"، وبدأت أعود لنشاطي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت أول أمسية لي عام 2018 في "بيروت" برعاية "الشبكة العربية للإعلام" التي كرمتني بحصولي على شهادة شرفية عليا من مجلة الأدب والشعر في "دبي"، كذلك حصلت على لقب "فيلسوف حرف الضاد" من قبل اتحاد مجلات الدكتور "أحمد الرويضي"».

الأديب المحامي محمد أحمد طاهر

ويضيف بالقول: «خلال العامين الماضيين 2018 و2019 كثفت نشاطي ومشاركاتي الشعرية في مناسبات عديدة في "بيروت"، و"عالية" مع كوكبة من الشعراء العرب، ومن ضمنهم الشاعر الشعبي السوري "محمد إسماعيل العمر"، حيث ألقيت قصائد كثيرة تناولت أوجاع الغربة والحنين للوطن، وحصلت بموجبها على عدة شهادات تقدير وتكريم من منبر "الأدباء والشعراء العرب الإلكتروني"، ومن ملتقى "القلوب للإبداع الإلكتروني"، ومن جامعة "الثقافة والفنون العربية الإلكترونية" بـ"مصر".

ومن بين هذه القصائد أختار لكم هذه الأبيات التي تتعلق بالأم والوطن والغربة حيث قلت:

شهادة شكر وتقدير من جامعة الثقافة والفنون العربية الالكترونية

جانا المطر ينثر نثر والثلج غطا جبالها

والسيل بين خيامنا خلخل عمدها وشالها

المربي اسماعيل العلي

الغني متهني بقصر نايم بوسط ظلالها

بس الفقير شما ركض صبعه يشد حبالها

القصة مبداها الفقر كبرت وصرنا ابطالها

والغربة عنك ياوطن هم وعذاب لحالها».

ويتابع عن الألوان والبحور التي خاض غمارها، فقال: «كتبت وفق جميع البحور مثل بحر اللويحاني، والوافر، والمسحوب».

المحامي والأديب "محمد طاهر أحمد" عنه يقول: «الشاعر "عجيل تركي السليمان" شاعر بالفطرة، تذوق الشعر وفهم بحوره رغم أن ظروف الحياة الصعبة لم تمكنه من متابعة دراسته كمعظم أدباء "الفرات"، وأذكر أنني التقيته آخر مرة في أحد مخيمات اللجوء في "جب جنين" بمنطقة "البقاع" اللبنانية، وكان برفقتي الشاعر الفراتي "محمد إسماعيل العمر".

لقد تعلم من "الفرات" عذوبته ونقاءه، كيف لا وهو الجار القديم لهذا النهر الخالد، وقد حمل ذكرياته بين حناياه في بلاد الغربة، فكتب له في مطلع قصيدة جميلة معاتباً نهر "الفرات":

يا نهر وش حالك حزين تعاني ما تعرف أحزاني عليك صعابي

راحت أيام الورد والريحاني وضلت أيامن ضايعة من حسابي

وهو الشاعر الرقيق المرهف الحس الذي عايش ظلم وكره أخوة الدم في مخيمات اللجوء، كيف لا وبلده "سورية" لم تردّ يوماً من لجأ إليها طالباً الأمان.

وفي النهاية أستطيع القول إنّ الشاعر "عجيل" كتب للغربة والحنين والنهر وللوطن الذي ضل يعيش في أعماق وجدانه "سورية"».

المربي "اسماعيل العلي" عنه يقول: «"عجيل التركي" شاعر موهوب ومتميز في شعره وأدائه وإحساسه، استطاع بمخزونه الثقافي الشعبي الريفي أنْ يروِّض أفكاره لتجسيد معاناة مدينته "الرقة" المكلومة من ويلات الأسرِ والدمار والتهجير والسلب والنهب.

في حروف قصائدهِ تشعر بوجع الغربة التي رمتْ بظلالها الثقيلة على حياته، فأنتجت من ألمْ الغربة أنبل وأصدق ما قيل في الشعر الشعبي الرقِّي، في ثنايا قصائده وأسلوبهِ الشيِّق وقوة تعبيرهِ وجزالة ألفاظه، تأخذك لوعة الشوق والحنين إلى أمِّ الغريب "الرقة"، بجمالِ طبيعتها وأهلها وكرمها، حيثُ تبدو لك -وهي حقيقة كذلك- من خلال كلماته الشعرية لوحة اجتماعيةٍ جميلة رُسِمَتْ بريشةِ فنانٍّ مُبْدعٍ تربَّع على عرش الفن الشعبي، ما جعلهُ يحصدُ الجوائز الأدبية لبراعتهِ حيثما كان»،

يذكر أنّ الشاعر "عجيل تركي السليمان" من مواليد قرية "مسعدة" بريف "الرقة" الشرقي 1984.