تجمع ديني يضم معابد وكنائس تميزها الأعمدة والأبواب والنقوش والزخرفات المذهلة، بنيت في أواخر القرن الرابع على أنقاض معبد وثني، وبرجين مربعي الشكل لم يبقَ لهما وجود الآن.

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث الدكتور "علي أبو عساف" المدير العام السابق للآثار والمتاحف بتاريخ 27 حزيران 2014، الذي تحدث عن أطلال "السرايا" وما بقي منها، ويقول: «هي أطلال عدة أبنية دينية مهمة متداخلة ومتشابكة تعود إلى عصور متعاقبة، وتعد من أوسع آثار "قنوات" وأمنعها، وتمتد إلى الغرب منها ساحة واسعة مبلطة، تنحصر بين أبواب المدينة والسرايا، ومن المرجح أنها كانت سوق المدينة، أما الأبنية التي تحويها "السرايا" فهي معبد من العصر الروماني (أي من القرن الثاني) أقيمت فيه كنيسة في القرن الرابع باتجاهات تعاكس اتجاهه، إضافة إلى كنيسة أكبر بنيت في القرن الرابع أو الخامس تقع في الخلف مع قاعة أمامية، وقاعة استقبال كبرى».

يبلغ طول واجهتها 16.50 متراً، وطول جانبها 19.50 متراً، ولها ثلاثة أبواب، وهذه الأبواب هي أروع قسم من أقسام البناء، وإطارها مؤلف من نقوش أثمار مثل العنب والرمان والبلوط، وفي وسط كل حنت توجد إشارة صليب، ولا يشك أحد فيما إذا كانت هذه الإشارة المسيحية قد نحتت فيما بعد

وعن مدخل المجمع يتابع: «يقع في الواجهة الغربية وينفتح نحو الساحة، وما زال ارتفاع الواجهة الأصلي كما هو عليه في العصور القديمة، وهو بارتفاع طابقين، في الواجهة بوابة كبيرة عالية، وعلى جانبيها بوابتان أصغر حجماً، ونقوشها في الأصل عريشة عنب أضيفت إليها رموز الصليب لتحديد هوية البناء الجديدة، لقد كان موضع المعبد خلف البوابة يتجه نحو الشمال، ويمتد من الشمال إلى الجنوب، وقد بقيت منه حنية قدس الأقداس في الجدار الجنوبي التي هي الآن مزار يتعبد به سكان البلدة، ويحتوي على ثلاثة محاريب وغرفتين جانبيتين، تحوي اليمنى منها الدرج الذي كان يقود إلى سطح المعبد، أما في الشمال فقد بقي من المعبد بوابته مع أعمدتها الكورنثية الأربعة، والزوايا التابعة لها، أما الكنيسة التي أقيمت في وسط المعبد فلم يبق منها غير واجهتها الغربية الجميلة ونوافذ حنيتها من الشرق».

الباب الكبير المزخرف بتفاصيل مدهشة.

ويتابع وصف الأطلال الباقية من تجمع "السرايا": «خلف هذه الأطلال نجد أبنية أخرى منها أطلال معبد وكنيسة، تتألف بقايا المعبد من الشمال إلى الجنوب من قاعة أعمدة، ثم المداخل وهي ثلاثة: كبير في الوسط، وصغيران على الجانبين، ثم الرواق، وخلفه الواجهة ذات البوابات الثلاث والنقوش البديعة، التي تعود إلى النصف الأول من القرن الثاني، وإذا مررنا عبر المداخل نجد بقايا المعبد والكنيسة تتشابك مع بعضها بعضاً، والشيء الذي يدل على الكنيسة هو حوض المعمودية في قدس الأقداس بالشرق، وخلف (الحنية) نجد حجرة الدفن للمطارنة، وهي تحت مستوى أرضية الكنيسة، حيث تضم ثلاثة معازب فيها ثلاثة توابيت حجرية أيضاً، تعلو عن أرضية الحجرة، تحتل الزاوية الشمالية الشرقية من حرم هذا المجمع بقايا برج عال جداً، مما يوحي بأن هذا المجمع الديني كان له حرم مصون بجدار وأبراج».

أما الباحث "غالب عامر" رئيس دائرة الآثار والمتاحف السابق فقد تحدث عن واجهة وأبواب "السرايا" في الحوليات الأثرية ويقول: «يبلغ طول واجهتها 16.50 متراً، وطول جانبها 19.50 متراً، ولها ثلاثة أبواب، وهذه الأبواب هي أروع قسم من أقسام البناء، وإطارها مؤلف من نقوش أثمار مثل العنب والرمان والبلوط، وفي وسط كل حنت توجد إشارة صليب، ولا يشك أحد فيما إذا كانت هذه الإشارة المسيحية قد نحتت فيما بعد».

الكنيسة في السرايا.

وفي ترجمة عن الباحثة الأثرية الفرنسية "بولين دونسيت – فوت"، الباحث في الآثار "حسن حاطوم" عن وصف "السرايا" والمركز الديني الذي كانت عليه يقول: «إنها مجموعة شعائرية قديمة كانت مكونة من مبنى في الجهة الشمالية الغربية، وكانت تنتهي عند صدرها بثلاث حنيات على شكل صدفة، وكان يجاورها من الشرق باحة طويلة جداً ذات أروقة، وقد كانت مركزاً للأسقفية منذ الربع الأول للقرن الرابع الميلادي، وكانت مع الكنيسة الكبرى في مدينة "السويداء" نقطة جذب ومركزاً للإشعاع الديني، وهناك كتابة يونانية منقوشة على بلاطة من البازلت على شكل إطار تحتوي على 16 سطراً تتحدث عن الكنيسة الفخمة المبنية برعاية الأسقف "كاسيوس أيبيودوروس" ذات الأرضيات الخلابة والأعمدة المبنية بشكل متناسق من الجانبين مع خلفية الكنيسة، وعلى منحدر أرض الموقع برجان متألقان يتصلان بأقواس، والنص يبرز المبنى المسيحي الذي كان محوره يصل حتى قدس الأقداس في الجهة الجنوبية، يجاوره برجان مربعا الشكل لكن ليس لهما وجود الآن».

ويتابع "حاطوم" الترجمة بوصف نواة هذه المجموعة المعمارية الدينية، ومركز ثقلها وجذبها: «إن النواة الأساسية هو محرابها الكبير ثلاثي الصدفات، والصالة الصغيرة الواقعة قربها في الجهة الغربية، وهذه الأخيرة ذات بابين أحدهما في بداية الباحة ذات الأروقة، والآخر في الجناح الجانبي من الكنيسة الغربية، وفوق الواجهة الرئيسية للبازيليك الغربية يمتد شريط مستمر من الأطناف (الميازين)، وهي مقطوعة بالباب الرئيسي المزخرف، وتدل على رواق الواجهة، حيث كان السقف يرتكز فوقها، إن الباحة المبلطة التي تتقدم المجموعة المعمارية في الجهتين الشمالية والغربية لا تزال محفوظة جيداً وواضحة حتى أيامنا هذه، وتوحي بمساحاتها الواسعة ومنظر جموع المصلين أمام وحول مكان الحج».

النقوش على السواكف.