حين نتجه إلى الشمال الشرقي من مدينة "السويداء"، نواجه حرشاً أخضر تلتف عليه أشجار البطم والسنديان، وتشتم من خلاله رائحة الأرض والصخور البازلتية الحاملة عبر الماضي التليد، نستشعر بأن "قنوات" التي برهنت أنها قدمت للتاريخ أشياء جميلة بمحيطها التلالي المطل على المدينة ناثرة عبير الثقافة الجمعية منها وإليها.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 8 كانون الأول 2014، زارت بلدة "قنوات"، والتقت الباحث التاريخي "أيمن نزيه جزان" مدرس تاريخ ومدير ثانوية الشهيد "كنان أبو فخر" في "قنوات"، يقول: «تبعد بلدة "قنوات" 7كم شمال شرق "السويداء"، وترتفع 1200م تقريباً عن سطح البحر، وتنمو في محيطها غابة دائمة الخضرة كالسنديان والبطم والزعرور واللوز البري، تتربع "قنوات" على تلة يخترقها وادي الغار حيث تتناثر فوقه مبانٍ من الحجارة البازلتية، فقد ذكر اسم "قنوات" في التوراة باسم "قناة" أو "نوبة" تيمناً بنوبة العراق، أما الأنباط فأطلقوا عليها تسمية قناثا، وفي الكتابات اليونانية والرومانية فقد وردت تسميتها بـ"كاناثا وكاناثيوس"، كما أن "قنوات" تكثر فيها الينابيع كنبع "معبد نمفايم"، تم استجرار الماء إلى المنازل بقنوات من الفخار فارتبط اسمها بها، كما توجد مجموعة ينابيع منطقة "الصايغ"، انضمت "كاناثا" إلى المدن العشر "ديكابوليس"، وهي اتحاد المدن التجارية "الهيلينستية"، وفي عام 64ق.م خضعت للاحتلال الروماني فبلغت مدن الاتحاد 14 مدينة، وتذكر المصادر التاريخية حدوث معركة جرت قرب "كاناثا" بين العرب الأنباط واليونانيين السلوقيين وهي معركة "موثو" عام 88ق.م قتل فيها "أنطيوخس الرابع" إمبراطور السلوقيين».

كانت البلدة تعيش حالة من النظام الزراعي التقليدي، واليوم انتقلت بنمطها الجديد نحو زراعة الأشجار المثمرة وهي زراعة طويلة الأمد وتحتاج إلى جهد متواصل طوال العام، كما لا بد لها من استصلاح الأراضي بالآليات الثقيلة؛ حيث تم استصلاح معظم أراضي البلدة، فمن مجمل المساحة الإجمالية 5000 هكتار، وهي مساحة القرية تم استثمار حوالي 2614 هكتاراً، ويمكن القول إنها المساحة المستصلحة ويعمل أهالي "قنوات" اليوم بأدوات زراعية حديثة لتنمية العمليات الزراعية وما تتطلبه الأراضي من عمل لزيادة الإنتاج

وتابع الأستاذ "أيمن جزان" بالقول: «في العصر البيزنطي أصبحت "قنوات" مركزاً لأسقفية كبيرة مرتبطة بـ"بصرى" وخاضعة لبطريركية "أنطاكيا"، أما خلال فترة الإسلام فقد غابت "قنوات" عن خارطة طرق التجارة الرئيسة، ثم أخذت هذه البلدة النهوض بعد استيطان الجبل من قبل السكان الحاليين القادمين من لبنان وفلسطين في بداية القرن الثامن عشر، زار قنوات الرحالة البريطاني "بوركهارت" وذكر في مذكراته أنه قطع مسافة 7كم من السويداء إلى قنوات بين أشجار السنديان ووجد فيها بيتين فقط يعملان بزراعة التبغ، ثم تبعه الرحالة "باكنغهام" عام 1816 فذكر وجود خمس عائلات، وفي عام 1821 زار المنطقة "بورتر" فذكر وجود 300 ساكن، أما الآن فإن عدد سكان "قنوات" نحو 10 آلاف نسمة، وعلى صعيد التعليم، يوجد في البلدة سبع مدارس، خمس مدارس لمرحلة التعليم الأساسي حلقة أولى ابتدائي، وواحدة للتعليم الأساسي حلقة ثانية إعدادي مع ثانوية فني، والمدرسة السابعة هي ثانوية للتعليم العام بكافة صفوفه، يبلغ عدد طلاب مرحلة التعليم الأساسي حلقة أولى 1495 طالباً وطالبة، أما مرحلة الإعدادي فيبلغ عدد طلابها 695 طالباً وطالبة، بينما الثانوي المهني والفني فعدد الطلاب يبلغ 43 فقط، أما الثانوية العامة فيبلغ عدد الطلاب 263 طالباً وطالبة، ويبلغ عدد المدرسين والمعلمين والإداريين في جميع هذه المدارس 277 تقريباً. وتجدر الإشارة إلى أنه يتم بناء إعدادية جديدة شمالي البلدة، وقريباً ستوضع بالاستثمار التربوي والتعليمي، أما خريجو الجامعات بمختلف اختصاصاتها فيبلغون نحو 370 خريجاً، بينما الدارسون في الجامعة فيبلغون 345 تقريباً، بينما خريجو المعاهد فيبلغون قُرابة 445 طالباً».

الباحث الأستاذ أيمن جزان

وحول نظام المجتمع الزراعي أشار الأستاذ "فريد القضماني" بالقول: «كانت البلدة تعيش حالة من النظام الزراعي التقليدي، واليوم انتقلت بنمطها الجديد نحو زراعة الأشجار المثمرة وهي زراعة طويلة الأمد وتحتاج إلى جهد متواصل طوال العام، كما لا بد لها من استصلاح الأراضي بالآليات الثقيلة؛ حيث تم استصلاح معظم أراضي البلدة، فمن مجمل المساحة الإجمالية 5000 هكتار، وهي مساحة القرية تم استثمار حوالي 2614 هكتاراً، ويمكن القول إنها المساحة المستصلحة ويعمل أهالي "قنوات" اليوم بأدوات زراعية حديثة لتنمية العمليات الزراعية وما تتطلبه الأراضي من عمل لزيادة الإنتاج».

الأستاذ فريد القضماني
من آثارها