أتى من "دمشق" العاصمة مع عائلته الكبيرة قاصداً التل الذي سمع عنه كثيراً خلال السنوات الماضية، فتلك البقعة الصغيرة من هذا المكان تطلّ على مدينة "السويداء" من الأعلى، وما ملتقى النحت العالمي الذي أقيم في أرجائه سوى تكملة لعراقته.

مدونة وطن "eSyria" التقت المحامي "فريد عقل" المدير الإداري في مستشفى طب العيون في "دمشق"، بتاريخ 6 تشرين الثاني 2015؛ متحدثاً عن سبب زيارته إلى تل "جنجلة" في هذا الوقت بالذات، فقال: «لا شك أن من يعرف بزيارتنا إلى التل يعتقد أننا مجانين لأن الجوّ بات يميل نحو البرودة في مثل هذه الأيام من السنة، وخاصة أن الموقع هو جزء من "ظهر الجبل"، لكن الفرصة كانت مهيأة للمكان الذي سمعت عنه كثيراً خلال السنوات الماضية الذي احتضن فيه ملتقى النحت العالمي، وفوق سطحه تتموضع منحوتات ضخمة لأشهر النحاتين السوريين والضيوف، وهي فرصة لأفراد عائلتي حتى يتمتعوا بأجواء هذا المكان التاريخي بما يمتلك من مقومات كثيرة أثرية وبيئية، ويمتعوا أبصارهم بما نحته عدد من الفنانين العرب والأجانب».

لا شك أن من يعرف بزيارتنا إلى التل يعتقد أننا مجانين لأن الجوّ بات يميل نحو البرودة في مثل هذه الأيام من السنة، وخاصة أن الموقع هو جزء من "ظهر الجبل"، لكن الفرصة كانت مهيأة للمكان الذي سمعت عنه كثيراً خلال السنوات الماضية الذي احتضن فيه ملتقى النحت العالمي، وفوق سطحه تتموضع منحوتات ضخمة لأشهر النحاتين السوريين والضيوف، وهي فرصة لأفراد عائلتي حتى يتمتعوا بأجواء هذا المكان التاريخي بما يمتلك من مقومات كثيرة أثرية وبيئية، ويمتعوا أبصارهم بما نحته عدد من الفنانين العرب والأجانب

أما ربّة المنزل "جهينة كشيك" فقد كانت مستمتعة بما شاهدته، وأوضحت: «لا أعرف إن كان الناس يعلمون بوجود مغارة أثرية في التل، وقد عرفت ذلك من الأصدقاء الذين نصحونا بالبحث عنها، وهي التي كان لها شأن كبير فيما مضى عندما كان الثوار يستخدمونها للمبيت والاختباء بعيداً عن عيون الفرنسيين وأعوانهم، ولا أعرف السبب الحقيقي وراء إهمالها، وهي حسب ما قاله الناس كانت تقفل بباب كبير من "الحلس". أما الأمر الآخر فهو الأجواء النظيفة التي يوفرها التل بأشجاره الحراجية المتعددة الأنواع، وهوائه العليل المنعش الذي يشفي السقيم، أما المنحوتات البازلتية فهي تمثل هذه الأرض الغنية ببشرها وحجرها، ولأول مرة في حياتي ألمس وعائلتي هذه الروائع بعيوننا وأيدينا، لقد كنا بمنتهى السعادة، وهي مقدمة لنأتي مع أصدقائنا في جولة جديدة إلى التل.

تمثال للنحات السوري فؤاد نعيم في التل

لكن هذه الجولة كان ينقصها بعض الملاحظات على الخدمات التي يجب على القائمين على الآثار والبيئة والسياحة أن يأخذوها بعين الاعتبار، فالملتقى الذي كان فيما مضى يجب أن يستمر، وعلى مديرية السياحة أن تسعى لإحيائه من جديد، فعن طريق هذه الملتقيات يتمكن الناس من العودة إلى الطبيعة الحية، والتخاطر مع حجر البازلت الذي يمثل عنواناً من عناوين الأرض والبشر في "جبل العرب"، أما دائرة آثار "السويداء" فهي جديرة بأن تتصدى لكل معتدٍ على أوابد المحافظة، وعلى مديرية البيئة المحافظة على طبيعة التل بكل ما يمتلك من أشجار حراجية معمرة».

كانت أمسيات وأيام الملتقى على ظهر التل تشغل طوال شهر كامل كل المثقفين والمهتمين بالفن على اختلاف مشاربهم، وكانت القصص التي يتداولها الزائرون بحب عن الفنانين كثيرة، بعضها حقيقي وبعضها فيه قليل من البهارات التي تناسب "النكتة"، ومنها ما وصل إلى "دمشق" العاصمة حيث ترويها الشابة "أناغيم عقل" التي تابعت تفاصيلها هذه القصة الطريفة بكثير من الشوق قبل أن تتأكد عند وصولها إلى الجبل من صدقها، فقالت: «في الملتقى النحتي الأخير جهزت بلدية مدينة "السويداء" كتلاً من الحجارة البازلتية الكبيرة لمشاريع نحتية ترغب في نحتها من قبل المشاركين لعرضها في ساحات وشوارع المدينة، وعندما وصل الفنانون الضيوف كان بينهم نحّات بحريني يأتي لأول مرة إلى "سورية"، وهو كما يبدو يتعامل لأول مرة مع البازلت، وعندما وصل إلى التل اختار فوراً كتلة بازلتية كبيرة كان نحاتو المحافظة المشاركون قد اختاروها للعمل، وبعد أخذ ورد تنازلوا عنها للضيف.

المتعة في التل مع المنحوتات العملاقة

حيث بدأ العمل منذ اليوم الأول في الضرب على سطحها من دون أن يصرّح لأحد بما تصنعه يداه على الرغم من إلحاح المسؤولين عن الملتقى ووسائل الإعلام. وراح الفنان طوال 15 يوماً يضرب الصخرة التي تئن تحت مطرقته، وتصغر كل يوم حتى باتت بحجم الكفين فضربها ضربته الأخيرة قاصماً ظهرها وأخذ حقيبته وغادر الملتقى من دون أن يعرف أحد سرّ المنحوتة والفكرة أو حتى التصميم الأولي، وبذلك قضى على أجمل صخرة كان فنانو "السويداء" قد جلبوها لهم، وبعدها كانت التعليقات الجميلة التي تسربت عن ماهية هذا الفنان الذي لا يعرف أحد عنه شيئاً».

السنديان يحيط بالتل