نموذج للاكتفاء الذاتي من اللحوم والحليب والخضراوات بأنواعها يقدمه المهندس "جهاد القطامي" من قرية "خربا" التي استثمر فيها مساحات ضيقة أنتجت الخير وحقق اكتفاء منزلياً قارب 95 بالمئة.

هي رسالة ينقلها لذوي الدخل المحدود وأبناء الريف في جلساته الاجتماعية ولقاءاته مع الشباب؛ للمحافظة على الحالة الريفية المنتجة بفضل العمل والاستفادة من خيرات الأرض التي لا تقدر بثمن؛ وفق حديث من تابعه عبر مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 كانون الثاني 2015، البيطري "نور الدين الشعار"؛ الذي تابع عمله لعدة سنوات مضت؛ مبيناً الحالة العلمية والخبرة الزراعية المتقدمة التي أثبتها على أرض الواقع بإنتاج اللحوم والحليب وقائمة غنية من المنتجات الزراعية، وقال: «مهندس زراعي نشيط تميز بالمتابعة وحسن الأداء بعمله، تعرّفته أثناء عملية حصوله على أبقار من محطة "مسكنة" في "حلب" وتحدث عن تجربته في الإنتاج المنزلي وزرته في مزرعته للتعرف عن قرب إلى هذه التجربة الفريدة، التي بدأت إنتاج القرنفل وتصديره وتربية الطيور الداجنة، إضافة إلى مشروعه الأساسي بتربية الأبقار عالية الإدرار والتركيز على تحسين السلالة وإنتاج اللحم، إضافة إلى تحسين دخل الأسرة وتأمين مصاريف طالبتين في الجامعة.

لقناعتي أن الحالة الريفية يجب أن تكون متكاملة، وبما أنني أمتلك الخبرة؛ فقد كان العمل منظماً ليترافق بعدة مشاريع تعتمد على الاستفادة من المخلفات العضوية لتكون أسمدة طبيعية ساعدتني على تطوير زراعة الحديقة المنزلية بوجه دائم لزراعة الخضراوات الشتوية بأنواعها "ملفوف وزهرة وشمندر وأرضي شوكي وبصل وثوم وغيرها، والصيفية و"البندورة والباذنجان والفليفلة والبقدونس" في كل المواسم، وعلى سبيل المثال هذا العام اكتفينا من "المكدوس" ورب البندورة والفليفلة والبطاطا والبصل وكافة المؤن ليكون احتياجنا إلى السوق ببعض أنواع المنظفات واحتياجات خارج مستلزمات الغذاء. هذه الحديقة المنزلية حصلت من خلالها على جائزة أفضل حديقة عام 2008، وحافظت عليها بذات المستوى مع أن مساحة الحديقة لدي لا تزيد على 300 متر

هذا الرجل العصامي أتقن عمله وضحى لأجله وحرص على تطوير خبرته حيث سافر للالتحاق بدورات خارجية في العديد من دول العالم، ولم يتأخر عن نشاطه المنزلي إلى جانب عمله في الوحدة الإرشادية؛ متابعاً أي مشكلة بيطرية أو أي حاجة تخص الثروة الحيوانية، وكان يأتي من قريته البعيدة إلى "السويداء" ليجد الحل حتى وإن كان ذلك بلباس العمل؛ وهو ما أكسبه خبرة متميزة وبات مرجعاً لكل من أراد الاقتداء به من الشباب لتحسين الدخل وتأمين الغذاء النظيف والصحي لأسرته ولكل من تعامل معه من الأهالي في قريته وخارجها».

المهندس جهاد القطامي

لم يخطط المهندس "جهاد القطامي" لسكنى المدينة، ولم يلتزم بالعمل المكتبي، وحرص على تحقيق مشروعه الخاص الذي بدأ بالورد وتطور إلى المواشي والزراعة المنزلية وفق حديثه، وقال: «عملت كمعاون مدير في مشروع تطوير المنطقة الجنوبية سنوات طويلة، وكان عملي ميدانياً، لكن عام 2007 رغبت بالاقتراب أكثر من العمل الزراعي والعودة إلى الأرض التي تربينا على الارتباط بها، وبدأت بفكرة البيوت البلاستيكية لزراعة الورد بأنواعه لتصل زهوري إلى دول أوروبا بالاعتماد على خمسة بيوت بلاستيكية، وبعد أعوام أسست مزرعتي الخاصة لتربية الأبقار؛ حيث تسمين العجول وإنتاج الحليب، ومارست العمل الزراعي من دون الاستعانة بكثير من العمال، وكنت حريصاً على تطوير هذه المزرعة ونلت من خلالها جائزة أفضل مزرعة أبقار بالمحافظة لعامين متتاليين قبل الأزمة.

وبوجه عام فمزرعتي التي أقمتها على خمسة دونمات خصصت لتسمين العجول وتربية الأبقار، وقدمت إلى الأسواق نتاجها، وحققت سمعة متميزة وكانت غايتي الأولى إثبات إمكانية الانطلاق بمشروع زراعي كبير بالإمكانيات المتواضعة، ومن خلال تحسين السلالات ضمت المزرعة أبقاراً قدمت الحليب بأرقام قياسية غير مسبوقة، كما قمت بتربية الأغنام، وكانت مزرعة منظمة منتجة ومتفاعلة من حيث التجارب السنوية وتطوير طرائق الرعاية، وقد أعددت لمشروع الهاضم الحيوي؛ لكن الظروف الأمنية لم تسمح بذلك لكون منطقتنا إحدى المناطق الساخنة، وإلى جانب المواشي اعتنيت بتربية الطيور ولغاية هذا التاريخ لا أشتري أي نوع من اللحوم؛ حيث تجد كافة أنواع الطيور؛ "حبش، حمام، دجاج" من كل الأنواع التي يحتاج إليها المنزل لأنتج منها أفواجاً سنوية من الطيور البلدية لإنتاج البيض واللحم».

في التحضير لموسم خضار جديد

بالاعتماد على السماد الطبيعي من مخلفات الطيور والمواشي أسس زراعة صيفية وشتوية تغنيه عن الأسواق، كما أضاف بالقول: «لقناعتي أن الحالة الريفية يجب أن تكون متكاملة، وبما أنني أمتلك الخبرة؛ فقد كان العمل منظماً ليترافق بعدة مشاريع تعتمد على الاستفادة من المخلفات العضوية لتكون أسمدة طبيعية ساعدتني على تطوير زراعة الحديقة المنزلية بوجه دائم لزراعة الخضراوات الشتوية بأنواعها "ملفوف وزهرة وشمندر وأرضي شوكي وبصل وثوم وغيرها، والصيفية و"البندورة والباذنجان والفليفلة والبقدونس" في كل المواسم، وعلى سبيل المثال هذا العام اكتفينا من "المكدوس" ورب البندورة والفليفلة والبطاطا والبصل وكافة المؤن ليكون احتياجنا إلى السوق ببعض أنواع المنظفات واحتياجات خارج مستلزمات الغذاء. هذه الحديقة المنزلية حصلت من خلالها على جائزة أفضل حديقة عام 2008، وحافظت عليها بذات المستوى مع أن مساحة الحديقة لدي لا تزيد على 300 متر».

من أجمل الأوقات تلك التي كانت تمضيها مع الوالد في الحديقة المنزلية حدثتنا المهندسة "فيرا القطامي" ابنته، وقالت: «عمل الوالد بخبرته الزراعية الواسعة لخلق حالة اكتفاء للمنزل وجهد على تكوين مشاريع ردت الخير على أسرتنا ودعمت مستقبلنا، واعتمد على جهده الخاص لنجد في المنزل كل الاحتياجات الغذائية الصحية والنظيفة، وكان يوصلها إليّ أيام الدراسة إلى "اللاذقية" كي لا نتناول إلا طعاماً صحياً وسليماً، وعوّدنا على العناية بالأرض، وكنا نشاركه العمل في أوقات الفراغ، وقد رافقته عندما زاره طلاب المعهد الزراعي ومهندسون وأشخاص كثر رغبوا بالتعرف إلى تجربته التي اكتملت، وعلى الرغم من الظروف الأمنية وتعرضه للسرقة إلا أنه لم يغادر القرية وبقي متابعاً زراعته في الحديقة المنزلية التي استثمرها بطريقة منتظمة؛ ليزرع في العام الواحد عدة مواسم من النوع الواحد بتجربة تستحق التوثيق؛ يقوم بالعمل بمفرده، ولم يتأخر عن دوامه اليومي بالوحدة الإرشادية ليقدم خدماته لأبناء قريته».

الجدير بالذكر، أن المهندس الزراعي "جهاد زيد القطامي" من مواليد قرية "خربا" 1956، خريج كلية الزراعة 1981، حاصل على عدة جوائز بتربية المواشي والحديقة المنزلية.