تجارب نسائية بادرت بالتخطيط لعمل استثماري بطابع ثقافي وفني يعد حديثاً على الساحة، تقوده نساء لديهن اختصاصات مختلفة، لكنها لاقت القبول وأخذت تترك بصمتها على جمهور المهتمين في المحافظة.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 6 شباط 2016، تابعت هذه التجارب للتعريف بها كمبادرات فردية تستحق الاهتمام؛ لما تقدمه من ملامح عملية تدفع بفكرة العمل النسائي إلى التقدم والظهور بما ينسجم مع تطلعات المرأة وأفكارها التي تمكنها من إدارة عمل ثقافي فني يترك بصماته على المجتمع الذي تفاعل مع هذه التجارب، كما حدثنا الفنان والناقد "جمال العباس" الذي قيم إحدى التجارب بأنها خطوة إلى الأمام تثبت قدرة المرأة وحسن إدارتها؛ خاصة إذا كانت بعمر الشباب، وقال: «تابعت بعض المشاريع النسائية لكونها تتلاقى مع المشروع الفني، وحرصت على حضور وتقييم ما قدمت من فعاليات من خلال صالة خصصتها للعروض الفنية، وعلى الرغم من أن للمشروع اتجاهاته الاستثمارية، لكننا لا نملك إلا تشجيع من يدير مثل هذه المشروعات لكونها لا تعود بالمال الكثير؛ لكنها مساهمة في المسائل الجمالية وتطوير الثقافة البصرية.

لمشروع المطبعة علاقة مباشرة بالحالة الثقافية والفكرية للمجتمع؛ فمن خلال هذه العلاقة كانت لدينا فرصة لتطوير عملية نشر الكتاب وسبل الحصول عليه، لتجد شريحة كبيرة من المثقفين مستعدين للتواصل مع الشركة مقدمين التساؤلات والاستفسارات والنصائح لتطوير العمل، ولا ننكر أن نقد العمل من قبل المتعاملين معنا وحالات الإطراء والإعجاب أيضاً كان لها دور كبير في تمسكنا بهذا المشروع وتطويره بما ينسجم مع أفكارنا وما نرتجيه للمراحل القادمة، وبالتالي فإن تعاطي المجتمع مع الإدارة النسائية كان راقياً إلى درجة كبيرة ساعدتني وزوجي على تجريب أفكار جديدة وتطوير أداء الشركة لما فيه خدمة للمشهد الثقافي وطموحنا الخاص المرتبط بهذا المشروع

ولا شك أن للمرأة لمسات مميزة تظهر من خلال تنظيم الحفلات والأجواء التي ترافق العروض باستمرار، ومن خلال الفعاليات التي احتضنتها صالة التي حملت اسم "croquis gallery"، والأخرى "آرت تويت"، ولاحظت العمل على تكريس حالة من الابتعاد عن الروتين وتقديم العمل الفني ضمن أجواء راقية، وأتصور أن هذه المبادرات ساهمت بإشهار مشروع ثقافي فني وتشجيع الفنانين على الاستفادة من خدمات الصالات المختلفة، وبالتالي فإن المشاريع ناجحة وقابلة للتطور، وقد تكون بداية لعمل فني متطور يتكامل مع الحركة الفنية في المحافظة».

الفنانة "ريما أبو عمار"

"ريما أبو عمار" من الفنانات الشابات المبادرات لتأسيس صالة فنية تعد من أوائل صالات القطاع الخاص التي تخصصت بالمعارض الفنية، حدثتنا عن أسباب توجهها لهذه الفكرة وطموحها المرسوم الذي يتعلق بتطوير فكرة التعاطي مع الفن والعمل الاستثماري برؤية جديدة، وقالت: «أسست صالة فنية رغبةً في الخروج من الروتين المعتاد للعروض الفنية، ولمست حالة من التفاعل قد لا تتوافر في مجتمعات أخرى، حيث لاقت هذه الصالة قبول الجمهور، ومن خلال الحوار مع مرتادي الصالة وزوار المعارض أتعرف إلى رؤيتهم حول الفعاليات وما قدم من معارض؛ من حيث أسلوب العرض وتقديم اللوحات إلى جانب تنظيم الصالة وتنظيم حفلات الافتتاح، والعمل على تنظيم قنوات إعلانية إلى جانب ورشات عمل ترافق المعارض، وغيرها من الحفلات التي قرأت توافقها مع أمزجة الزوار من خلال جمهور الصالة وارتيادهم للصالة لأكثر من مرة، لتكون لدينا فرصة للتسويق وإشهار أعمال الفنانين الذين تستضيفهم الصالة.

أفكار مختلفة حاولتُ تطبيقها؛ أهمها الابتعاد عن طرائق العرض المعتادة، ليكون لدى الفنان فرصة لاستضافة عازف يرافق المعرض أو حتى فرقة موسيقية، وقد لاحظت أن بين مرتادي الصالة عدداً كبيراً من الفنانين والموهوبين، وهناك أسماء لها أثر كبير في العالم الفني، ويبدو أن حالة الارتياح للصالة دفعت بعدد كبير منهم إلى تطبيق "البروفات" فيها؛ سواء المسرحية أو الموسيقية، وهذا ما شجعني على التخطيط لتكون أمسيات يوم الخميس فنية موسيقية يقدمها رواد الصالة وعدد من الفنانين الذين ندعوهم باستمرار، ولا ننكر أن هذه الحفلات استقطبت عدداً من الشبان والشابات وجمهوراً من المهتمين بات يترقب هذه الحفلات بشغف».

الفنان "جمال العباس"

ومن التجارب السابقة تلك التي تتلاقى مع فكرة الاستثمار النسائي، تجربة لسيدة تدير مطبعة لها وزنها على ساحة المحافظة؛ حيث حدثتنا السيدة "كوثر كمال" عن تجربتها التي تنسب نجاحها إلى الإخلاص والدقة وتعاون الزوج ومساندته، وقالت: «كانت البداية مع تجربة لتعلم طرائق التجليد والنسخ؛ ففي البداية كنت أنا وزوجي نقوم بهذا العمل في المنزل ومن بعدها طورنا العمل، وقد تعرفت عن قرب واختبرت العمل الذي يحتاج إلى خبرة فنية ودقة عالية؛ لأن عملية تجليد المطبوعات لا تقل أهمية عن عملية الطباعة، واليوم أشرف على المطبعة و"شركة الفكر للطباعة".

وبعد عدة سنوات بتّ أجد في هذا العمل سعادة شخصية؛ فمع كل عمل هناك معلومة جديدة، لأننا بدأنا هذه الشركة بمجهودنا الخاص أنا وزوجي وسخرنا لنجاحها كل مدخراتنا، وما اختزنّا من معارف، وكانت التجربة في السنوات الأولى مبشرة، ولدينا فرصة كبيرة لتطوير العمل إلى طباعة المجلات والنشرات الإعلانية، وتقديم خدمات الإخراج الصحفي والتصميم الإعلاني، وهي مهمة أقوم بها إلى جانب إدارة العمل، وهذا ما ساهم في تطوير العمل بوجه ملحوظ».

من عروض الصالة

وعن تفاعل المجتمع مع هذه التجربة تضيف "كوثر" بالقول: «لمشروع المطبعة علاقة مباشرة بالحالة الثقافية والفكرية للمجتمع؛ فمن خلال هذه العلاقة كانت لدينا فرصة لتطوير عملية نشر الكتاب وسبل الحصول عليه، لتجد شريحة كبيرة من المثقفين مستعدين للتواصل مع الشركة مقدمين التساؤلات والاستفسارات والنصائح لتطوير العمل، ولا ننكر أن نقد العمل من قبل المتعاملين معنا وحالات الإطراء والإعجاب أيضاً كان لها دور كبير في تمسكنا بهذا المشروع وتطويره بما ينسجم مع أفكارنا وما نرتجيه للمراحل القادمة، وبالتالي فإن تعاطي المجتمع مع الإدارة النسائية كان راقياً إلى درجة كبيرة ساعدتني وزوجي على تجريب أفكار جديدة وتطوير أداء الشركة لما فيه خدمة للمشهد الثقافي وطموحنا الخاص المرتبط بهذا المشروع».

الجدير بالذكر، أن لهذه المشاريع وجوداً واضحاً على الساحة وأخذت تستقطب عدداً كبيراً من المتابعين، وقد يجمع المتعاملون على أن للمسة النسائية أثرها في تطوير هذه المشاريع من خلال كسر الروتين والحالة الاعتيادية في العمل.