على الرغم من تعدّد الآراء في نظام الغذاء النباتي؛ إلا أنّ عدد متبعيه في "السويداء" بلغ قرابة ثلاثين ألف شخص، يعيشون حياتهم متبعين نمط غذاء خالياً من اللحوم، للتأكيد أنها ليست الغذاء المثالي الذي يرجوه بعضهم لصحة جيدة وجسد خالٍ من الأمراض.

مدونة وطن "eSyria" التقت "رامي السمان" المقيم حالياً في "ألمانيا" عبر الإنترنت، وهو مؤسس موقع "حياة نباتية"، بتاريخ 15 تشرين الثاني 2016، حيث حدثنا بداية عن سبب اهتمامه بالغذاء النباتي، يقول: «قبل تسع سنوات اتخذت قراري بالتحول إلى الغذاء النباتي بعد معرفتي بأن اللحوم ليست ضرورية للإنسان، بل لها تأثير سلبي في صحته، وهذا كان عكس قناعتي وقناعة عائلتي ذات التوجه العلمي؛ فالمناهج العلمية في ذلك الوقت لم تكن موضوعية بما يتعلق بالتغذية. وبعد اطلاعي وجدت أن الغذاء النباتي صحي ومعترف به من قبل أشهر المنظمات الطبية والغذائية العالمية، إضافة إلى وجود أكثر من 500 مليون نباتي في العالم أغلبهم بصحة جيدة ويعيشون حياة أطول ممن يتناولون اللحوم؛ لأنها مسبّب رئيس للسكري وأمراض القلب والسرطان وغيرها».

بدأ الأمر باتباعي لنظام تنظيف للجسم لمدة سبعة أيام، يعتمد على الخضراوات الطازجة والفواكه، إضافة إلى اللبن الرائب و"الشوربة"، اتبعت هذه الحمية أنا وأبي وأمي، وكانت النتيجة مريحة وازداد نشاطنا، وبعد انقضاء الأيام السبعة عدنا تدريجياً إلى نظام غذائنا المعتاد سابقاً، لكني شعرت بثقل الطعام على معدتي، عندها اتخذت القرار بتناول الغذاء النباتي فقط، والتوقف عن تناول مختلف أنواع اللحوم

وتابع عن عدد متبعي الغذاء النباتي في محافظته: «"السويداء" تملك إرثاً معرفياً وروحياً عميقاً، ومعظم أهالي المنطقة مطلعون على ثقافات أخرى، ثم إن صفات الطيبة عند الناس تفتح لهم الباب لتبني خيارات رحيمة فيما يتعلق بالحيوانات، كما أن هناك الكثير من المدارس الروحية مثل اليوغا والتأمل توصي بالتغذية النباتية، وكان لها دور مهمّ في ذلك، إضافة إلى نشاط فريق "حياة نباتية" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الذي ساهم بتعريف الناس أكثر بهذا الغذاء، حيث وصل عدد جمهور الصفحة إلى 53 ألف متابع».

رامي السمان

وعن موقع "حياة نباتية" وما يقدمه، أضاف: «في البداية لم يكن هدفي النجاح والانتشار؛ وهو ما دفعني إلى الحديث عن النباتي أنني كنت أتناول اللحوم بسبب جهلي بأضرارها المتعددة لا أكثر، وعند طرح الموضوع على عائلتي وأصدقائي لاحظت تغييراً جذرياً وإيجابياً في حياتهم، بعضهم قال إنه أفضل خيار اتخذه وشكرني على ذلك؛ الأمر الذي دفعني إلى البدء بكتابة مقالات على الإنترنت، لاحقاً أصبحت الصفحة هي الأكبر باللغة العربية.

برأيي، كل إنسان يكترث لأمر الحيوان ولا يريد قتله، ولا يريد أن يتسبب بتلوث الكوكب وفنائه؛ هو إنسان نباتي تماماً، لكن ينقصه الاطلاع الواسع ورؤية الموضوع بوضوح، لهذا أعمل بكل جهدي على كشف الحقائق الغائبة، قمت بداية بترجمة العديد من المقالات وبعض الفيديوهات الوثائقية وغيرها، مع الإجابة يومياً عن أسئلة الزوار، في وقت لاحق لم يعد باستطاعتي التفرغ لكل هذا العمل، فطلبت المساعدة من الناشطين، وانضمّ العديد إلى الفريق، وحالياً نحن مجموعة من 15 متطوعاً موجودين في "سورية" و"لبنان ومصر والجزائر والمغرب والعراق وفلسطين وألمانيا وتركيا"».

هيفاء عبد الحي من اليمين مع المشاركين في ملتقى النباتيين الثالث

"هيفاء عبد الحي" فنانة ومتبعة للغذاء النباتي منذ عام 2006، حدثتنا عن تجربتها قائلة: «بدأ الأمر باتباعي لنظام تنظيف للجسم لمدة سبعة أيام، يعتمد على الخضراوات الطازجة والفواكه، إضافة إلى اللبن الرائب و"الشوربة"، اتبعت هذه الحمية أنا وأبي وأمي، وكانت النتيجة مريحة وازداد نشاطنا، وبعد انقضاء الأيام السبعة عدنا تدريجياً إلى نظام غذائنا المعتاد سابقاً، لكني شعرت بثقل الطعام على معدتي، عندها اتخذت القرار بتناول الغذاء النباتي فقط، والتوقف عن تناول مختلف أنواع اللحوم».

وتابعت: «منذ مدة قصيرة بدأت بالنظام النباتي الصرف، وهذه المرحلة جعلتني على علاقة أقوى بجسدي، توقفت عن تناول جميع المأكولات المعلبة، وصرت أبحث عن مصدر كل طعام أتناوله؛ لأن النباتي يجب أن يأكل في اليوم الواحد البقول والخضراوات والفواكه والمكسرات والبذور والحبوب، ويجب أن يتعرض لأشعة الشمس ويقوم بمجهود حركي، وبهذا يكون التأثير أفضل على الجسم؛ وهذا ما ينعكس على الناحية النفسية والسلوكية فيما يتعلق بالعلاقة مع المحيط والكائنات الحية، وباتباعي نظام الغذاء النباتي لا أشارك بأي نوع من أنواع العنف على الكائنات؛ وهذا مريح نفسياً».

فادي زين الدين

"رند أبو درغم" طبيبة أسنان، تحدثت عن النظام النباتي وكيفية التعامل معه وسط العائلة وبوجود الأبناء، قائلة: «أنا نباتية منذ 7 سنوات، في منزلي أحاول إقناع أفراد أسرتي بسلامة الغذاء النباتي وصحته لأجسادهم، لكنني وجدت أن الأمر يحتاج إلى قرار وإرادة من الشخص ذاته، فزوجي على استعداد أن يتناول الغذاء النباتي خمسة أيام بالأسبوع فقط، ابني اكتسب مني العديد من العادات الغذائية، لكنه بعمر الرابعة رغب بتقليد غيره وتناول ما يتناولونه، فنحن بالنهاية نعيش في مجتمع منوع.

وبالنسبة للغذاء النباتي الصرف، فهو يؤمن بنية سليمة للجسد، حيث تكاد تختفي حالات فقر الدم، فعند تناول الألبان بكثرة يقوم الكلس بتقليل امتصاص الحديد الموجود في البقول والخضراوات، إضافة إلى الشعور بالطاقة والنشاط دائماً».

جميع الأغذية التي نتناولها من مصدر حيواني لها بدائل نباتية، حدثنا عن هذا الأمر "فادي زين الدين" من متبعي النظام النباتي، قائلاً: «تجربتي مع النباتية بدأت منذ 14 عاماً، وخلال هذه المدة وبسبب الاطلاع والتجارب أصبح لدي خبرة في هذا المجال، فحليب اللوز بديل عن حليب البقر، ولحم الصويا ولحم القمح بدائل عن اللحوم، وجميع الأطباق التي نعدّها يدخل فيها اللحم، يمكن إعدادها بمكونات نباتية وتحافظ على طعمها اللذيذ.

فأنا موجود في سوق الضيعة الذي يقام يومياً عدا الثلاثاء في بهو البلدية في محافظة "السويداء"، والجميع يعرف أن ما أقدمه نباتي بالمطلق، لحم الصويا متوفر وموجود، وللتذكير فإن مصدره من الهند، ويصل إلى "سورية" عن طريق لبنان، وأقوم بإعداد حليب اللوز وتحضيره لمن يرغب، ولا مانع عندي من تعليم أي شخص كيفية تحضير المنتجات، ولدي "لبنة" نباتية وبهارات متنوعة جميعها أحضرها بنفسي مصدرها نباتي ومضمون».

الجدير بالذكر، أنه أقيم في محافظة "السويداء" ثلاثة ملتقيات للنباتيين للتعريف بهذا النظام الغذائي، ويوجد مطعم متخصص بتقديم الوجبات النباتية لمن يرغب.