هو ليس الوحيد الباقي في "طربا"، لكنه الأغزر والأطيب، الذي يعدّ السبب الرئيس لوجود الحياة والإنسان على تخوم البادية الشرقية لمحافظة "السويداء"، وقد حمل اسمه من حلاوة مياهه وعذوبتها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 16 كانون الثاني 2017، الصناعي "فوزي سلاّم" من سكان "طربا"، الذي تحدث عن موقع النبع ومصادر تغذيته وأصل التسمية، فقال: «كان السكان الذين قدموا في منتصف القرن الثامن عشر يبحثون عن الاستقرار الدائم، وأهم عوامل هذا الاستقرار المياه العذبة المخصصة للشرب والنظافة، حيث كانت مصادر المياه شحيحة؛ لذلك استقر أهلنا في "طربا" لوجود هذا النبع الغزير الذي يقع في منتصف القرية، وتحديداً على أطراف البلدة القديمة، ويعتقد أن تغذيته ومصدر مياهه من التلال الغربية التي تحيط بالقرية، ومن المعروف أن الثلوج الغزيرة تهطل هنا وتبقى لأيام طويلة؛ لكون تلال القرية تعدّ الكتف الشرقي لـ"ضهر الجبل" وترتفع أكثر من ألف متر عن سطح البحر، ولهذا فالمياه الجوفية منسوبها عالٍ جداً وتغذي عن طريق مجرى متفجر هذا النبع الدائم المياه. أما عن تسميته بالسكر، فقد عرفنا النبع منذ ولدنا بهذا الاسم، فمياهه عذبة وصافية ودائمة البرودة، ويبدو أن الاسم رافقه عفوياً، خاصة أن السكر كان مادة قليلة ونادرة في تلك الأيام».

لقد أمّن لنا النبع مصدراً أساسياً للحياة، وتجدنا نحتاج إليه عندما تنقطع الكهرباء، وعند عودتنا من الحقول البعيدة لسقاية المواشي والدواب العطشى بعد نهار مجهد من العمل في الحراثة، وأنا أستخدمه يومياً للشرب والطبخ والغسيل؛ لكونه ملاصقاً للمنزل، ودائماً ما أحافظ على نظافته من خلال الحرص على إقفال بابه العلوي والجانبي، وبحسب ما أخبرني جدي، فقد كان المصدر الرئيس للحياة هنا، وكان الناس يأتونه من أماكن خارج القرية للحصول على مائه الذي يشبه طعم السكر

وعما كان يرافقه من عادات في توزيع المياه على السكان وكيفية المحافظة عليه، أضاف "نعيم الخطيب"، الذي يشرف على عدد من الفعاليات الاجتماعية بالقول: «كان الناس ينزلون إليه بواسطة درج حجري ما زال باقياً إلى الآن، وفي الماضي كان النبع غزيراً جداً حسبما أخبرنا به أجدادنا، وكأي نبع متفجر كانت المياه تنساب من حفرته بقوة من دون أن يعيقها شيء، فتم حفر جورة كبيرة مقابلة له، وهو للعلم موجود تحت الأرض بمسافة لا تقل عن أربعة أمتار، وفي الحفرة صنع درج حجري ما زال موجوداً إلى الآن من أجل الوصول إلى المياه في حال كانت خفيفة، ويستعان بدلو من الكاوتشكوك لنشل المياه، أو وضع "المنشل" عند المصب لأخذ الماء نقياً بارداً من أجل الشرب والطبخ، وحسب العادة في "جبل العرب"، فقد كلف رجل بتنظيم الدور وحل المشكلات التي يمكن أن تحدث حول النبع؛ لكون الحاجة إلى المياه كانت ملحة، وقد صنع مكان لسقي المواشي أمام النبع أيضاً، وعندما تطورت الحياة ووصلت الكهرباء وضع في قلبه "طالع" وفّر الكثير من الوقت والجهد، وللمحافظة على نظافته قمنا ببناء غرفة كبيرة تحيط به مفتوحة من الأعلى من أجل وضع "الطالع"، وأقفلناه بباب حديدي لكي يبقى نظيفاً، ولنبعد الأطفال عنه خوفاً على حياتهم، وحتى لا يتم العبث واللعب ورمي الحجارة فيه، وعلى الرغم من وجود الآبار الارتوازية وشبكة المياه التي وصلت إلى كل بيت في القرية، إلا أن النبع ما زال يقدم الماء للأهالي ويستخدم كماء للشرب وسقاية المواشي والزراعة لمن يحتاج إليه».

نعيم الخطيب أمام النبع

أما "خيرات الغوطاني" القاطن بجوار النبع، الذي يعمل في الحراثة على الدواب، فقد تحدث عن فائدة النبع بالنسبة له بالقول: «لقد أمّن لنا النبع مصدراً أساسياً للحياة، وتجدنا نحتاج إليه عندما تنقطع الكهرباء، وعند عودتنا من الحقول البعيدة لسقاية المواشي والدواب العطشى بعد نهار مجهد من العمل في الحراثة، وأنا أستخدمه يومياً للشرب والطبخ والغسيل؛ لكونه ملاصقاً للمنزل، ودائماً ما أحافظ على نظافته من خلال الحرص على إقفال بابه العلوي والجانبي، وبحسب ما أخبرني جدي، فقد كان المصدر الرئيس للحياة هنا، وكان الناس يأتونه من أماكن خارج القرية للحصول على مائه الذي يشبه طعم السكر».

للمواشي حصة فيه
صفاء مائه سببه المحافظة عليه