يعدّ المثل الشعبي في محافظة "السويداء" من أهم محتويات الحديث في مجالس الرجال والنساء، وخاصة في المناسبات السعيدة أو الحزينة، كما أنه يستخدم في المصالحات التي تتم بين الأطراف المتنازعة؛ وذلك لما يحتويه من اختزال للغة، ومأثرة يجب الاقتداء بها.

مدونة وطن "eSyria" بحثت في أصل هذا الموضوع والتقت الباحث "إسماعيل الملحم"، رئيس فرع اتحاد الكتاب سابقاً في المحافظة، بتاريخ 26 شباط 2017، فتحدث عن المثل الشعبي وأصله وبعض مآثره الخاصة بالمحافظة بالقول: «المثل الشعبي كما يقال أسلوب تعليمي بالأساس، وخاصة أن الله في كتابه المنزل كان يضرب للناس الأمثال، وكان السيد المسيح يعلم تلاميذه عن طريق ضرب المثل أيضاً، والمثل في اللغة هو ما ترضاه الخاصة والعامة في لفظه ومعناه؛ لأن الناس لا يجتمعون على ناقص.

المثل هو الحدّ الأدنى من الكلمات، والحدّ الأعلى من المعاني كما قالت العرب، وخصائصه تكمن في إيجاز اللفظ وإصابة المعنى، ويستخدم كما تستخدم الحكمة والأقوال المأثورة لدوافع تربوية وأخلاقية، ونلجأ إليه باعتباره وسيلة من وسائل الإقناع، ويتعاظم دوره في الهيئات الشعبية؛ لأن فيه خلاصة تجارب المجتمع. والمثل الشعبي عادة يكون بلغة العامة، ويحمل من السبك اللغوي جمالاً له دلالة، لأن لكل مثل قصة، ولكل قصة معنى، وكل معنى يبرز جانباً من جوانب الحياة التي نعيشها؛ فهو ثمرة تجربة شعبية مصوغة بأسلوب شعبي، ويحمل الموروث المنقول اللساني، ونجده في أغلب مجالات الحياة. وقد يعبر عن الأنانية كما في أيام المجتمع الإقطاعي، كالقول: "أنا ومن بعدي الطوفان"، أو يعبر عن نهاية الانتهازيين الذين يتسلقون الهرم الاجتماعي من دون كفاءات بالقول: "كثرة الرفرفة بتكسر الجنحان"، أو تعبيره عن عصر الضعف، كما في عهود الاستعمار، كالقول: "حط راسك بين الروس، وقول يا قطاع الروس". ويستخدم أيضاً في وصف التوازن والدفع في مجال المعرفة، كالقول: "العقل رزق"، ويستخدم في الحث على العمل، كـ: "الأيدي البطالة نجسة". وهكذا نرى أن المثل الشعبي يلعب دوراً كبيراً في إعادة هندسة وصياغة فكر المجتمع والتأثير فيه، كما أنه يمثّل تراثاً للشعوب يختزل فيها حكايات الماضي، وما حدث فيه من مواقف يمكن الاستفادة منها، لذلك كان الأدب الشعبي والمثل الشعبي ينبعثان من عمل أجيال عديدة من البشر سجلت ضرورات حياتها وعلاقاتها في أفراحها وأحزانها، فكانت أغلب صناعته من قصص وحكايات الجماهير المغمورة التي كانت تعيش ملتصقة بالواقع

وقد عرف "جبل العرب" الأمثال شأنه شأن بقية البلدان العربية، لكن هناك أمثالاً خاصة؛ لأنها كانت منتج حوادث خاصة بالجبل، وهي تحمل مفردة بيئية كـ: "بلاكِ يا أم حارتين"، و"أم حارتين"، هي قرية في الجهة الشمالية من المحافظة، حيث حدث في عهد الاحتلال العثماني نزاع دامٍ بين "آل المغوش" و"آل الحلبي"، حول ملكية الأراضي وقسمتها في تلك المنطقة، وتعدّ كلا الأسرتين من ذوات العدد، واشتد الخلاف حتى أصبح دامياً، فتدخل الأمير "شكيب أرسلان" لحل الخلاف، واستطاع أن يحله برضا الطرفين على قسمة الأراضي، وبقي خلاف حول ملكية خربة على أطراف "اللجاة"، اسمها "أم حارتين"، وهي اليوم قرية مسكونة، حيث تشبث الطرفان بملكية أرضها، فما كان من الأمير "شكيب" إلا أن أطلق كلمته المشهورة التي أصبحت مثلاً فيما بعد، وهي: "بلاكِ يا أم حارتين"، حيث بقيت تلك المنطقة محايدة، وحلّ النزاع.

إسماعيل الملحم

وذهبت هذه الكلمات كمأثرة، وصار أبناء الجبل يستخدمونها في حل النزاعات المستعصية فيما بينهم، كما أن هناك مثلاً يقول: "جازة حمزة برأس المعنايه"، والمعنايه هي خط سير في الفلاحة وطوله 100 متر، وحكايتها أن شاباً اسمه "حمزة" في إحدى قرى الجبل، كان قد وعد فتاة بالزواج، وطلب من أبيه أن يطلبها له، فوعده الأب أن يزوجه إياها في آخر موسم حصاد، ومضى الموسم الأول ولم يفِ الأب بوعده، وفي بداية الموسم الثاني قام الابن بفلاحة الثلم الأول أو ما يمسى "المعنايه"، ثم رفض متابعة الفلاحة حتى يذهب الأب ويطلب الفتاة، فاستجاب الأب تحت ضغط الشاب، وذهب وطلبها له، فذهب ذلك مثلاً، ونرى هذه الأمثال تستخدم إلى هذا التاريخ في مواقف تتشابه مع تلك الحوادث وغيرها؛ وذلك بناء على حاجتها، وغيرها من الأمثال الكثير التي تستخدم؛ لأن هذه الأمثال تختزل اللغة في التعبير عن حادثة معينة، وتساعد في الإقناع لحلّ المشكلات أو النزاعات».

وعن خصائص المثل الشعبي، يتحدث الأستاذ الباحث "محمد جابر"، من مدينة "السويداء"، ويقول: «المثل هو الحدّ الأدنى من الكلمات، والحدّ الأعلى من المعاني كما قالت العرب، وخصائصه تكمن في إيجاز اللفظ وإصابة المعنى، ويستخدم كما تستخدم الحكمة والأقوال المأثورة لدوافع تربوية وأخلاقية، ونلجأ إليه باعتباره وسيلة من وسائل الإقناع، ويتعاظم دوره في الهيئات الشعبية؛ لأن فيه خلاصة تجارب المجتمع. والمثل الشعبي عادة يكون بلغة العامة، ويحمل من السبك اللغوي جمالاً له دلالة، لأن لكل مثل قصة، ولكل قصة معنى، وكل معنى يبرز جانباً من جوانب الحياة التي نعيشها؛ فهو ثمرة تجربة شعبية مصوغة بأسلوب شعبي، ويحمل الموروث المنقول اللساني، ونجده في أغلب مجالات الحياة.

محمد جابر

وقد يعبر عن الأنانية كما في أيام المجتمع الإقطاعي، كالقول: "أنا ومن بعدي الطوفان"، أو يعبر عن نهاية الانتهازيين الذين يتسلقون الهرم الاجتماعي من دون كفاءات بالقول: "كثرة الرفرفة بتكسر الجنحان"، أو تعبيره عن عصر الضعف، كما في عهود الاستعمار، كالقول: "حط راسك بين الروس، وقول يا قطاع الروس". ويستخدم أيضاً في وصف التوازن والدفع في مجال المعرفة، كالقول: "العقل رزق"، ويستخدم في الحث على العمل، كـ: "الأيدي البطالة نجسة". وهكذا نرى أن المثل الشعبي يلعب دوراً كبيراً في إعادة هندسة وصياغة فكر المجتمع والتأثير فيه، كما أنه يمثّل تراثاً للشعوب يختزل فيها حكايات الماضي، وما حدث فيه من مواقف يمكن الاستفادة منها، لذلك كان الأدب الشعبي والمثل الشعبي ينبعثان من عمل أجيال عديدة من البشر سجلت ضرورات حياتها وعلاقاتها في أفراحها وأحزانها، فكانت أغلب صناعته من قصص وحكايات الجماهير المغمورة التي كانت تعيش ملتصقة بالواقع».