فكرة طرحها أحد مدرّسي البلدة الواقعة مباشرة شمال مدينة "السويداء"، تلقفها الأهالي بجدّية، وعمل على نجاحها المغتربون ورجال الأعمال في المحافظة.

لم تكن التكلفة العالية لبناء الثانوية عائقاً أمام الحلم، كما قال المدرّس المتقاعد "كامل العربيد" صاحب الفكرة ومسؤول العمل الشعبي عن بناء ثانوية البلدة لمدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 24 أيار 2017، وتابع: «بناء المدرسة الإعدادية صمّم من قبل الخدمات الفنية لكي يكون ثلاثة طوابق، وقد بني طابقان فقط، وجلس طلاب الصف العاشر في القبو، أما طلاب الحادي عشر والثاني عشر، فيذهبون إلى مدارس مدينة "السويداء".

عانينا كثيراً خلال دراستنا في المرحلة الثانوية، خاصة بعد الأزمة والحرب، فكثيرون منا كانوا يغيبون لتعطل المواصلات، أو فقدان المحروقات، وتعطل حركة السير إلى مدينة "السويداء"، كان الوضع المادي لبعض الطلاب سيئاً؛ وهو ما جعل عدداً منهم يعتكفون عن الدراسة. والآن باتت المدرسة قريبة منهم؛ وهذا إنجاز يحسب لأهالي البلدة

150 طالباً وطالبة يذهبون كل يوم إلى المدينة، وكل طالب يدفع 150 ليرة سورية ذهاباً وإياباً على أقل تقدير، وبحسبة بسيطة يدفع الطلاب ما مجموعه 585 ألف ليرة سورية في الشهر الواحد؛ أي ما يقارب أكثر من خمسة مليون ليرة سورية في السنة الدراسية الواحدة. فكانت الفكرة بناء الطابق الثالث على حساب أهالي البلدة، وتوفير العناء والتعب والوقت على الطلاب، وهي مكسب علمي كبير لنا، ورسالة مهمة لكل أبناء "سورية"؛ أن الإرهاب يهدم، والسوريين يبنون».

الطابق الثالث بعد الانتهاء من الأعمال

وتابع الحديث عن بداية العمل بالقول: «طرحت الفكرة على أهالي البلدة، الذين وافقوا بكل حب على العمل، وقرّرنا تكوين لجنة من جميع العائلات، ومخاطبة مديرية التربية عن الأمر، حيث قامت بإخبار دائرة التعليم العالي في وزارة التربية، وجاءت الموافقة النهائية من مجلس الوزراء، مع تكليف المحافظة والخدمات الفنية بالمخططات المتعلقة بالطابق، ولكون "كود" المدرسة بالأساس موجوداً لدى الأبنية المدرسية وفرع الخدمات الفنية، فقد جاءت الموافقات والمخططات والتكلفة المتوقعة للعمل بقيمة تقريبية تعادل 37 مليون ليرة سورية لإنشاء طابق مؤلف من تسع غرف صفية، وغرفة إدارة، وممرّ بطول 36 متراً».

أما فيما يتعلق بمراحل العمل، فأضاف: «بعد تكوين اللجان الفاعلة على الأرض، قرّرنا جمع ألفي ليرة سورية عن كل دفتر عائلة، ومخاطبة المغتربين ورجال الأعمال والتجار في المحافظة للمساهمة معنا في البناء، كانت النتيجة مفرحة؛ فقد ساهم الجميع في التبرع والعمل. وقد اتبعنا طريقة "الفزعة"، فالرمل والبحص تبرع بهما رجل أعمال من المحافظة، كذلك "البلوك"، والمواد الثلاث من أساس العمل، وتكلفتها عالية، وساهم أبناء البلدة وبعض الشباب الوافدين إليها للسكن بالعمل من الطينة إلى الأعمال الصحية إلى الكهرباء إلى البلاط والطلاء. وكل هذه الأعمال المكلفة مادياً بوجه عام لم ندفع عليها قرشاً واحداً. حتى الكهرباء وأدواتها تبرع بها أهل الخير، وساهم المغتربون بمبالغ كبيرة وفرت على أهالي البلدة الكثير، ونحن الآن في المراحل النهائية للعمل، وننتظر قدوم الصيف حتى نحتفل مع المغتربين بتدشين المدرسة من جديد».

أعمال الطينة الخارجية

الزميل الصحفي "حسن كشور" من أهالي البلدة، قال عن قيمة العمل المنجز، وموقف أهالي البلدة: «هذا العمل النبيل ساهم في إنجازه جميع أهالي البلدة، وعدد كبير من المغتربين والميسورين من المحافظة، ويعدّ إنجاز المدرسة قيمة مضافة إلى العلم في البلدة، فالطلاب يوفرون الوقت على أنفسهم، والأهالي يوفرون المال وينعمون بالطمأنينة لكون أبنائهم قريبين منهم. والشيء الذي يجب أن يعرفه الجميع أن كل أهالي البلدة لم يتركوا المدرسة لحظة واحدة، وكانوا دائماً على تواصل مع الشباب العاملين فيها، وكانوا سباقين بالطعام والشراب والضيافة والقهوة المرّة التي لم تنقطع يوماً في المدرسة».

"جيانا النجاد" طالبة الترجمة في جامعة "دمشق"، قالت عن مشروع بناء المدرسة: «عانينا كثيراً خلال دراستنا في المرحلة الثانوية، خاصة بعد الأزمة والحرب، فكثيرون منا كانوا يغيبون لتعطل المواصلات، أو فقدان المحروقات، وتعطل حركة السير إلى مدينة "السويداء"، كان الوضع المادي لبعض الطلاب سيئاً؛ وهو ما جعل عدداً منهم يعتكفون عن الدراسة. والآن باتت المدرسة قريبة منهم؛ وهذا إنجاز يحسب لأهالي البلدة».