يعدّ الدكتور "فندي جدعان أبو فخر" واحداً من أهم الباحثين في "جبل العرب"، وناشر ثقافة التنوير، وصاحب المخزون الكبير من المعلومات التاريخية والثقافية المرجعية.

حول شخصيته ومسيرته، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 أيار 2018، التقت الدكتور "فندي أبو فخر"، الذي أوضح قائلاً: «ولدت في 15 نيسان 1951 في قرية "نجران"، ضمن أسرة ريفية عاشقة للأرض، محبة للعمل، مجاهدة جهادين؛ جهاد في سبيل الوطن، وجهاد للعيش الكريم، فحين تصافح والدي ترى شقوقاً واسعة بين أصابعه من قساوة العمل في الزراعة، وبعد وفاة زوجته الأولى وهو في مرحلة الشيخوخة، تزوج من والدتي "سليمة سلمان السعد" من قرية "الدويرة"، وهو يحلم أن يراني ذاهباً مع أقراني من أطفال القرية إلى المدرسة قبل أن يتوفى، وأذكر أنني رافقته مع بداية العام الدراسي 1956-1957 إلى مدرسة القرية، وأخذ يلح في الرجاء على مدير المدرسة لكي يقبلني فيها على الرغم من صغر سني، وكان معلماً فاضلاً وشديد الإخلاص في عمله التربوي، واسمه "أنيس أبو الطواقي" من مدينة "حماة"، حيث اعتذر ولم يتم قبولي، وما زلت أذكر عبارات والدي للمعلم: "أرجو تحقيق رغبتي لأنني في سن الشيخوخة، وسألاقي وجه ربي، وأتمنى رؤية ابني في المدرسة قبل أن أموت يا أستاذ". عاد والدي إلى البيت ودموعه تذرف من دون أن أفهم لماذا هذا الحزن الذي تملكه، والبكاء الشديد، وفي العام الذي قبلت به لدخول المدرسة خلال شهر أيلول، كان والدي قد رحل.

يعدّ الدكتور "فندي أبو فخر" واحداً من الباحثين والمؤرخين الذين يدرسون بحصافة البحث وأمانة الحفظ، حيث استطاع أن يكون المرجع في دراسة التاريخ الحديث، خاصة بدراساته في بلاد الشام والجبل والمنطقة الجنوبية، إضافة إلى ما يحمله من رؤية وطنية ثابتة، فهو عضو اتحاد الكتاب العرب بالدراسات والبحوث، ومحاضراته تأخذ التنوير الحيوي والمعلومة الصادقة، وأستطيع القول إنه ميزان التحكيم في فصل مصداقية المعلومة التاريخية والثقافية والفكرية والسياسية، وما يقوم به من تحقيقات في المخطوطات التاريخية التي أغفلت عن أنظار العديد من الباحثين، هو نفض الغبار عنها من مكتبات "برلين" إلى مكتبات دول أجنبية وعربية، ولهذا أغنى المكتبة العربية بمؤلفاته التي نافت عن سبعة، وجميعها مهمة ومرجعية. والأجمل شخصيته المنبرية الثقافية الواثقة من المعلومة. واليوم هو أستاذ جامعي أكاديمي معروف مجتهد يسعى إلى توفير المعلومات والبيانات لطلابه بأسلوب ودي، وبداخله آلام ومعاناة عاشها في تاريخه تجعله يحترم الطبقات الاجتماعية؛ لأنه وليد معاناة إنسانية

ولو لم تكن والدتي شجاعة وشديدة البأس في التغلب على صعوبات العيش خلال سنوات القحط أواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي، لما استطعنا الاستمرار في الحياة. وعندما نلت شهادة الدراسة الابتدائية في العام الدراسي 1962-1963 من مدرسة القرية، التحقت بإعدادية "عدنان المدني" بـ"السويداء"، وكنا نجتمع ثلاثة تلاميذ لاستئجار غرفة واحدة لنتمكن من دفع أجورها، وأذكر حين كنت أعود إلى القرية مساء كل يوم خميس، إذ حملت ذات يوم معي كتاباً اشتريته بمبلغ 60 قرشاً سورياً يحمل عنوان "العبرات" لـ"مصطفى لطفي المنفلوطي"، وعند المساء، وبينما كانت والدتي تعدّ الدقيق من أجل أن تخبزه صباح اليوم التالي خطر في بالي أن أقرأ لها بعض الصفحات من الكتاب، ففوجئت لدهشتها وانفعالها، قائلة: (إذا الكتب اللي بتشتريها كلها هيك، ببيع لك العجينات لتشتري مثل هذا الكتاب)».

الدكتور فايز عز الدين

وتابع الحديث عن مراحل عمله بالقول: «بعد أن حصلت على الثانوية تقدمت إلى مسابقات عديدة، وفي كل منها كنت أنال درجة متقدمة، لكن يحول دون الوصول إلى العمل ما كان يجري من محسوبيات، حتى نجحت بمسابقة مديرية المالية، لأعمل بها منذ عام 1970 ولغاية 1982، متدرجاً بمراتب عديدة، ونتيجة موقف قيمي مع أحدهم نقلت لأكون محاسباً لعامين في مديرية التربية في "السويداء"، وعملت على استرداد أموال الحق العام. ثم تقدمت إلى مسابقة لمصلحة وزارة الثقافة في مكتبة "الأسد" في نيسان 1984. وكنت قد حصلت على الماجستير في التاريخ يومها ببحث حمل عنوان: "بلاد الشام تحت حكم محمد علي باشا"، وهي أول دراسة في جامعة "دمشق"، قسم التاريخ، تتم دراسة الجانب الإداري والاجتماعي والاقتصادي، ثم عينت مديراً للثقافة بـ"السويداء" منذ عام 1986 ولغاية 2000، حيث وقفت على المنبر الثقافي أسماء مهمة في الفكر والثقافة والعلم، ونلت الدكتوراه ببحث بات مرجعاً حمل عنوان: "تاريخ حوران الاجتماعي السويداء - درعا - القنيطرة - عجلون"، ليتم تكليفي بمهام سياسية في "السويداء"، وانتقلت بعدها لأكون عضو هيئة التدريسية في كلية الآداب الثانية بـ"السويداء"، قسم التاريخ؛ بموجب مسابقة في وزارة التعليم العالي، ولا أزال.

حاولت العمل على التحقيق، إضافة إلى البحوث والدراسات؛ إذ بعد كتابي "تاريخ حوران الاجتماعي السويداء - درعا - القنيطرة - عجلون، 1840- 1918"، وآخر بعنوان: "سورية والصراعات الدولية بين عامي 1830-1840"، وأيضاً كتاب "انتفاضة بلاد الشام على مظالم حكم محمد علي باشا"، وكتاب "خليل رفع الحوراني وحركة النهضة في أرياف بلاد الشام"، قمت بتدقيق ومراجعة وتحقيق مخطوطات مهمة في التاريخ، وهي: "حروب اللجاة للشيخ حسين الهجري"، "وشكري العسلي مقالات ووثائق"، "وصفحات من تاريخ بلاد الشام"، وآخرها كان "لمحات من تاريخ بلاد، مقالات في المقاومة والوحدة الوطنية لعمر طيبي"، كما شاركت في مؤتمرات علمية ودولية في "برلين" و"بيروت"، وغيرهما الكثير».

الدكتور فندي أبو فخر

وحول المنهجية العلمية التي يتميز بها، أوضح المحلل والباحث الدكتور " فايز عز الدين" رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب في "السويداء" بقوله: «يعدّ الدكتور "فندي أبو فخر" واحداً من الباحثين والمؤرخين الذين يدرسون بحصافة البحث وأمانة الحفظ، حيث استطاع أن يكون المرجع في دراسة التاريخ الحديث، خاصة بدراساته في بلاد الشام والجبل والمنطقة الجنوبية، إضافة إلى ما يحمله من رؤية وطنية ثابتة، فهو عضو اتحاد الكتاب العرب بالدراسات والبحوث، ومحاضراته تأخذ التنوير الحيوي والمعلومة الصادقة، وأستطيع القول إنه ميزان التحكيم في فصل مصداقية المعلومة التاريخية والثقافية والفكرية والسياسية، وما يقوم به من تحقيقات في المخطوطات التاريخية التي أغفلت عن أنظار العديد من الباحثين، هو نفض الغبار عنها من مكتبات "برلين" إلى مكتبات دول أجنبية وعربية، ولهذا أغنى المكتبة العربية بمؤلفاته التي نافت عن سبعة، وجميعها مهمة ومرجعية.

والأجمل شخصيته المنبرية الثقافية الواثقة من المعلومة. واليوم هو أستاذ جامعي أكاديمي معروف مجتهد يسعى إلى توفير المعلومات والبيانات لطلابه بأسلوب ودي، وبداخله آلام ومعاناة عاشها في تاريخه تجعله يحترم الطبقات الاجتماعية؛ لأنه وليد معاناة إنسانية».

من تحقيقاته الفكرية